طالبان في سوريا والرّدحُ في بغداد
عبد الجبار الجبوري
مايحدث في مدن سوريا ،وهي تتساقط كأحجار الشطرنج ،أمام مايسمى بالمعارضة السورية ،وهي مكونة من تنظيمات النصرة وداعش ونورالدين الزنكي وفجر الحرية والجيش الحر وغيرهم،هو زلزال بإمتياز، إذ لم يسبق أن تساقطت مدن بهذه السرعة عدا الموصل،وفي مشهد تراجيدي وعلى الهواء وبالهورنات، أين الجيش السوري وقوته الجوية، وأين الحرس الثوري والفصائل الولائية العراقية ،ومقاتلي حزب الله والجيش الروسي وطائراته وصواريخه،وفاطميون وزينبيون ووو،أين هذه القوات والمجاميع العسكرية، مما يجري وعلى مرأى ومسمع العالم كله.
اتفتيت المنطقة
إن ماجرى ويجري على الاراضي السورية،هو سيناريو (متفق عليه) دولياً وإقليمياً،وهو مخطط له من سنوات ماقبل غزو العراق، وهو تطبيق مشروع برنارد لويس .
في تفتيت وتفكيك المنطقة على أسس قومية وطائفية وعرقية،وقد أشار له عرّاب السياسة الامريكية لنصف قرن، هنري كيسنجر وزير خارجية امريكا حينما قال،(طبول الحرب تدقّ في الخليج والمنطقة ،ومن لم يسمع بها ،فهو أصم وأبكم وأعمى)،نعم ماجرى بعد غزو العراق وتدميره ، وبعد ليبيا وتدميرها وبعدها اليمن وتدميرها وبعدها غزة وتدميرها ولبنان وتدميره ، جاء الان دور سوريا كحلقة أخيرة ،لتنفيذ هذا المشروع الجهمني المشبوه، لإكمال تدمير المنطقة كلها وعلى انقاضها تنشأ امريكا واسرائيل وتركيا مشرع مايسمى( الشرق الاوسط الكبير)، فيما تبقى ايران مشروع مساومة ،بعد حصارها واخضاعها الى شروط امريكا ال( 12) المهينة واولها انهاء برنامجها النووي العسكري ،نعود لما يجري في سوريا الحبيبة من حرب عليها تشترك فيه امريكا وتركيا وروسيا وايران وقطر اسرائيل وحزب الله وأذرع ايران في عموم المنطقة،وفصائل معارضة سورية كجيش الحر، وفصائل داعشية متشددة كجيش تحرير الشام وتنظيم مايسى الدولة الاسلامية المزعومة داعش ،وقوات قسد السورية والبككا الكردية وغيرها،كل هذه الدول والتنظيمات تتقاتل فيما بينها في سورية ، والهدف إسقاط النظام السوري او حماية النظام السوري،وحينما شنّت هجومها على حلب وأقضيتها ،تنظيمات جبهة النصرة ،ومَن تحالف معها تحت يافطة (المعارضة السورية)،لإضفاء صفة الشرعية والمدنية،وابعادها عن صفة الارهاب والانتقام، بحيلة مكشوفة،أثبتها الجولاني امس بحلق لحيته ، ولبس المدني ،وتعهد للمسيحيين في حلب والاكراد وغيرها بالأمان(حتى يستمكن فيما بعد ،ويفعل مافعلته داعش باهل الموصل (سنة وشيعة واكراد ومسيحيين وتركمان وشبك)، وإستباحت أعراض الايزيديين في سنجار،هذا الكلام لايقنع المعارضة الحقيقة كجيش الحر، وهم مندمجون مع النصرة وداعش والزنكي المتشدد ،وقلنا لهم أنهم سيغدرون بكم، كما غدروا بأهل في الموصل، حالما يستمكنون منكم،بعدما وثقوا بهم ورحبوا بهم وتحالفوا معهم (النقشبندية وبعض قيادات حزب البعث ومجلس الشوري والجيش الاسلامي وجيش المجاهدين وغيرهم)، نكاية بالمالكي وجيشه وشرطته ،التي أذاقت أهل الموصل الأمرّين ، وساءتهم سوء العذاب،نعم سيغدرون بكم والايام بيننا، هؤلاء لاعهد لهم ولا أمان عبر التاريخ، فإنتظروا،نعود الى مشهد الحرب وتساقط المدن والارياف السورية ،امام زحف قوات ومقاتلي النصرة ومن تحالف معها،فمن حلب الى حماه ،والتوجه حمص معقل النظام السوري ماقبل دمشق،فمن أين أتت جبهة النصرة والمعارضة ، بكل هذه الأسلحة الحديثة ، مسيرات شاهين ،وصواريخ مضادة للطائرات، أسلحة حديثة، وسيارات بالالاف حديثة،وتسليح حديث، اعداد هائلة من المقاتلين ،نعم واكثر من هذا دعم دولي واقليمي غير مسبوق،فالمعركة معقدة جدا على الارض السورية ،قوات قسد الكردية تقاتل قوات فجر الحرية التركية،وقسد تقاتل العشائر في دير الزور وتقاتل النصرة في حلب وضواحيها، النصرة مع الفصائل وحزب الله في حماه وقراها ،نعم الحرب معقدة ومتنوعة ولها رؤوس عديدة ،تشترك فيها تركيا وفصائلها وتدعمهم في السلاح والصواريخ وغيرها، حتى اعلنت وعلى لسان احد اعضاء برلمانها ان (حلب عادت لتركيا ورفعت علم تركيا على قلعتها) ،قبل ان ينزله جيش النصرة ،إذن تركيا لاعب أساسي في الحرب، وبيدها كل مفاتيح الحرب هناك، وهذا ناتج عن عدم قبول بشار الاسد دعوة اردوغان تطبيع العلاقات مع تركيا ، التي تخشى على أمنها القومي من خطر قسد والبككا على حدودها مع سوريا،فدفعت تركيا بكل ثقلها في الحرب، وهي عنصر رئيسي فيه رغم قيادة الحرب للمعارضة وجبهة النصرة، ولكن الكونترول بيد الرئيس اردوغان ،وهو الرابح الأكبر في الحرب هي تركيا والرئيس اردوغان ،وحتى إيقاف الزحف على دمشق الان ،هو بيد أردوغان شخصياً، ولم تعد روسيا وايران لهما أي تاثير أو كلمة هناك في الحرب بالعكس تسير تحت الحائط، بعد تقدم قوات النصرة وسيطرتها على اكبر المدن السورية، وتهديدها دمشق بالسقوط، كما قال الجولاني (ان وجهتنا القادمة هي دمشق واسقاط النظام)،في مشهد يتفرج عليه العالم، وتتفرج روسيا وايران وتخذلان الرئيس بشار الاسد، فدعمهما محدود وتخاذلي في التسليح والمشاركة الفعلية على الارض ،وفي المدن المنهارة امام زحف النصرة وحلفائها،سوى تصريحات لاتقدم ولاتؤخر، نعم بقي الاسد وحيداً في الساحة بعد ان خذله الاخرون،الذي كانوا يهددون ليل نهار أن ( زينب لن تسبى مرتين)،وان امن سوريا من امن ايران،أما حكومة السوداني في بغداد، فأعلنت على لسان السوداني نفسه(أن العراق لن يبقى يتفرج على مايجري في سوريا)،وصرح مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي في تصريح طائفي ناري (لن تسبى زينب مرتين)، وهذا ماثار الوسط السياسي وحتى العربي واستهجنه.
شأن سوري
من تحول الحرب الى حرب طائفية ، فيما صرح اكثر من زعيم (سني وشيعي)، أن يجب عدم التدخل في الحرب لانه شأن سوري أولا واخيراً،فيما صرح المرجع الديني الاعلى امام ممثل الامين العام للامم المتحدة (أن العراق اولا ،ولانريد جرّ العراق الى حروب خارجية، وحصر السلاح بيد الدولة،ومنع التدخلات الخارجية )،فيما اعلنها صراحة السيد مقتدى الصدر وبرسالة علنية،قائلاً ومحذراً(بغداد والفصائل الى عدم التدخل في الحرب بسوريا.
ودعا الى معاقبة من يشترك يخرق الامن السلمي والعقائدي في الحرب من الفصائل،وان الشعب هو صاحب القرار، وعدم التدخل في الشأن السوري))،على عكس الشيخ نعيم قاسم زعيم حزب الله الذي دعا الحزب ومقاتليه والفصائل كافة في وحدة الساحات المشاركة والوقوف مع النظام من السقوط،حتى ردّ الجولاني زعيم جبهة النصرة بكلمة عالهواء ،على كلام السوداني وحكومته وأحزابها ((أن الثورة تطمح ان تكون هناك علاقات استراتيجية،نرجو من السوداني ان يناى بالعراق في مثل هذه المهاترات،وان يمنع ارسال الحشد الشعبي والفصائل الى سوريا،وطمأن حكومة السوداني والساسة ،بان مايجري في سوريا لن يمتدّ الى العراق ))، إذن لماذا هذا التخوف مما يجري في سوريا، من قبل الإطار التنسيقي حصرياً،هل إرضاء لإيران،أم تخوفاً لإنتقال الحرب الى العراق، الشارع العراقي كله متوجس من إنتقال الحرب الى العراق،وتكرار تجربة سيناريو إحتلال الموصل، لأنهم يشاهدونه متجسّد في حلب وحماه وغيرها، ولكن هذا التوجس والتخوف الذي ينتاب الشارع العراقي والحكومة، سببه غياب الثقة بينهما.
لذلك فالواجب الفوري على الحكومة والاطار التنسيقي تحديداً، تحصين الجبهة الداخلية المنهار،وترميمها من التصدع الطائفي وتقويتها ،والغاء قوانين الظلم والبدء بمرحلة جديدة ، بعيداً عن اي نفس طائفي ،وفرض العدالة الاجتماعية،وتفويت الفرصة على داااعش وفلولها في داخل العراق،التي تترّبص وتستغل مايجري في سوريا ،فطالبان تتربص بدمشق ،وتعيد مشهد افغانستان فيما بغداد ترّدح على وقع تقدم طالبان نحو دمشق، بجعجعة بلا طحين.أو إلاّ طحين....!!!