العراق بين النهوض والإنكفاء
صلاح الربيعي
منذ تأسيس الدولة العراقية بموجب مؤتمر القاهرة الذي عقدته المملكة المتحدة في آذار عام 1921 والذي جاء بعد عام من أحداث ثورة العشرين التي اندلعت في عموم المدن العراقية المطالبة بالاستقلال آنذاك وحتى يومنا الحاضر كان هذا البلد محورا لصراع الإرادات الدولية بمختلف أهدافها وغاياتها وذلك لما يشكله هذا البلد من أهمية حيث المكانة التاريخية والموقع الجغرافي والإمكانات الاقتصادية والبشرية الهائلة مما جعله هدفا لأنظار وأطماع كل قوى الشر في العالم سواء كان ذلك إقليميا أو دوليا وهذا ماكلف شعبه ثمنا باهضا في الأرواح والأموال والممتلكات وانعدام المستقبل الذي طالما وصفه المختصون بالمجهول حيث توالت عليه فترات الحكم وأنظمتها وقياداتها المختلفة التي كانت متأثرة بالظروف المحيطة بها أو خاضعة للإرادات الخارجية والمصالح الدولية التي لاتريد للعراق أن يكون مستقرا وآمنا بأي شكل من الأشكال وهذا ماجعل البلد بعيدا عن ارادة شعبه الوطنية وبدأت أعراض الانكفاء المؤلمة تظهر على جسده المثخن بالجراح وثقل الأحداث بكل تفاصيلها ومخاطرها بحيث لم تكن نتائجها الا أن يزداد العراق ضعفا وخرابا وتأخرا في مجمل مفاصل حياة شعبه الإنسانية والسياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية ومع كل هذا الاستهداف ومستوى خطورته الا ان العراق بقي حيا ويصارع الواقع المرير ويعيش حياة طبيعية يصنعها من تحت ركام الألم كون شعبه محبا للحياة والتطلع للمستقبل ولا توجد لديه أطماع أو نزعة عدوانية تجاه الآخرين الا ان السياسة العدائية الإقليمية والدولية التي تعرض لها على مدى العقود الماضية قد أثرت بشكل كبير على بنية مجتمعه وسياق حياته وغيرت من سلوكيات عدد كبير من أبناء شعبه سيما أصحاب العقول القاصرة الذين انساقوا خلف المغرضين والمخربين وتأثروا بأفكارهم المتخلفة الهدامة تحت مسميات سياسية جوفاء أو عقائد دينية متطرفة أنستهم إنسانيتهم وهويتهم الحقيقية التي من شأنها أن تحفظ لهم كرامتهم وحقوقهم الإنسانية بعد غسل أدمغتهم بالتجهيل والتضليل والتخلف من قبل بعض الأطراف الحاكمة والمتسلطة في العراق فيما ناضل الآخرون بكل السبل وهم يواجهون تلك التحديات ويتصدون لها بتضحياتهم الكبيرة من أجل أن يبقى العراق حرا مستقلا ولا يرتبط بأية جهة يمكن أن تسير به خارج ركب الإنسانية مع حرص رجاله الوطنيين على احترام الإرث الحضاري الذي عرف به العراق منذ أقدم العصور وسعي شعبه المتواصل في التقدم والازدهار رغم كل المعرقلات التي مرت به وبهذا فقد كان الشعب وما زال قادرا على النهوض مرة أخرى وليعود اسما وعنوانا ورقما دوليا صعبا لايمكن تجاهله رغم انوف الأعداء والحاقدين .