متى ستتكرر الحرب؟

فاتح عبدالسلام

منذ العام 1982 يحدث قتال بين حزب الله، حديث الولادة حينها وفصائل أخرى في لبنان ضد اسرائيل ، وينتهي في اتفاق لوقف النار، وتكرر الأمر في الاعوام 2000 و2006 و 2024 وفي مراجعة تأملية لاتفاقات وقف النار السابقة، نجدها تشبه محطات إلتقاط الأنفاس والمناورة بالزمن، لخوض حرب جديدة في سنوات مقبلة، فهل ستشهد لبنان، لاسيما الجنوب، حرباً جديدة بعد عقد أو عقدين من الزمان؟ وهل سيكون للدمار الهائل في البنية التحتية المدنية والعسكرية اثر في قرار تكرار الحرب مستقبلاً من عدمه.

هذا هو السؤال المفصلي الذي يجب أن تواجهه الدولة اللبنانية وتركيبتها السياسية من الآن فصاعداً، وفي ضوئه، ستتحدد “هوية” البلد بواقعية بعيداً عن شعارات توريطية ليس لها ما يسندها على أرض الواقع.

 في الجانب الثاني، هل وعت إسرائيل الدرس، وهل باتت على مسافة مناسبة من قراءة معنى أن تكون تل ابيب أو حيفا أو المدن الأخرى أهدافاً سهلة المنال في القصف، وكم نسبة الإسرائيليين الذين يريدون تكرار تجربة الحرب، التي لم تنته كلياً، حيث جبهة قطاع غزة مفتوحة، ولا أحد يرى نهاية لها.

العراق في زمن صدام حسين افتتح باب الجرأة بصواريخ غير دقيقة القصف على اهداف إسرائيلية في خضم حرب عرضية اذ كانت الحرب الأساسية مع الولايات المتحدة التي حررت الكويت في 1991، ومنذ سنتين أصبحت إسرائيل الباب المخلوع الذي تمر من خلاله الضربات الإيرانية وسواها من دون ان يكون هناك إمكانية لصدها جميعا.

في عالم تغيرت فيه موازين القوى، لم تعد عوامل القوة راجحة في كفة واحدة فقط كما كان الحال لدى إسرائيل، وهنا سيتم انتاج نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، ليس من خلال موجة التطبيع المفاجئة التي لم يكن لها أي عامل وازن في المعادلة، ولكن من خلال التعاطي الواقعي، وانهاء مظلومية الشعب الفلسطيني التاريخية، اذ تكمن المشاكل كلها عند هذه النقطة.

 السلاح مهما كان متفوقا لن يحمي إسرائيل، مثلما انّ شعار “سلاح المقاومة لحماية لبنان” ظهر مهلهلاً في الاختبار الكبير، لأسباب بعضها خارجي أيضا، اذ لا يمكن فصل إيران عن اية خطوة في الميدان الذي انطفأت للتوّ نيرانه، لكن رماده لايزال ساخنا كأنه الجمر.

الجميع سيتعامل مع دروس الحرب الأخيرة من منظوره الخاص، غير انّ هناك أطرافاً لا تزال غارقة في أوهامها.