فاتح عبد السلام
حروب المنطقة الملتهبة منذ عقود لم تعد كما كانت خاطفة وذات عناوين عربية عريضة توصف في الاعلام العالمي بالصراع العربي الإسرائيلي؛، فهذا المصطلح غاب منذ سنوات فعلياً، ولعل العنوان المشتعل الثاني، الصراع “الفلسطيني الإسرائيلي” بات منحسرا في أنطقة محددة، ولا أحد يعلم هل سيبقى في الواجهة العنوان الثالث الجديد ، الملتهب مؤخراً وهو الصراع “الإيراني الإسرائيلي”، أم انّه مرحلي مرتبط بالملفات الإيرانية الدولية الاستراتيجية العالقة والتسويات الأعمق؟
هناك سؤال يردده النازحون من جنوب لبنان والذين باتوا مشرّدين في مدن لبنانية وبعضهم غادر الى سوريا والعراق، وهذا السؤال ينطلق عفو الخواطر الجريحة من أفواههم في قلب جحيم التشريد تحت وقع القصف الإسرائيلي المرعب والمُتسع يوماً بعد آخر، وهو سؤال مَن يريد التعلّق بقشة للخلاص من وضع قاس مع نساء وأطفال ونقص في جميع الاحتياجات الإنسانية، السؤال يقول: متى ستنتهي هذه الحرب؟
ويبدو انّ السياسيين في مراكز الحكم في لبنان والدول المعنية بالشأن اللبناني في الجوار والعالم يتحركون هائمين على وجوههم أمام السؤال ذاته، والسبب هو انّ قرار استمرار الحرب أو ايقافها مرتبط بآليات خارج النطاق اللبناني، وهذا « الخارج» متعدد الأقطاب وله مصالح شتى في وجود هذه الحرب ومساراتها.
حرب قطاع غزة كانت ذات كلفة مضادة كبيرة على إسرائيل بسبب التعاطف القديم والواسع في العالم مع القضية الفلسطينية لاسيما في الغرب، بعد ان بات واضحا انّ إسرائيل تقف بكل قوتها وعلاقاتها لمنع قيام دولة فلسطينية، وهو الحل الأمثل للوصول الى ضفة السلام. غير انّ إسرائيل تبدو مرتاحة من ناحية الضغط السياسي والإعلامي العالمي إزاء حربها مع حزب الله، فهي تسوّق انها لا تستهدف لبنان وانما المستهدف هو تنظيم محدد بإدارة وتمويل من ايران يخطط لإيذاء إسرائيل، والقضية اللبنانية بهذا المعنى ستحتاج الى عقود من الزمن لتكون بمستوى الاقناع الذي تحمله القضية الفلسطينية ذات “القدسية الدينية” في نظر اكثر من مليار مسلم في العالم بسبب المسجد الأقصى.
العالم لا يفهم معنى أن يحمل مقاتلون في جنوب لبنان اعلاماً مكتوباً عليها «ياحسين” و»يازينب” و»يازهراء” ويشنون هجماتهم على إسرائيل. هذه السردية السياسية جديدة على الاستيعاب الدولي العام، في الشارع أو حتى لدى النُخب.
من هنا، لا أحد في الميدان الدولي السياسي والدبلوماسي، قادر على اجبار إسرائيل على وقف حربها في لبنان. ولا أحد يعرف متى ستنتهي الحرب؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com