ما بعد التعداد العام للسكان، ما هو المطلوب ؟
مضر خليل عمر الكيلاني
تسنى لي عند دراستي للدكتوراه في المملكة المتحدة تحليل سياسة الاسكان الخاصة بالمباني السكنية القديمة في مقاطعة ويلز ، بابعادها المكانية التفصيلية لاربع مدن جنوب ويلز : كاردف ، سوانزي ، نيوبورت و ميرثر تيدفل ، وكانت نتائج التعدادات السكانية 1961 ، 1971 و 1981 هي المصدر الرئيسي للدراسة والتحليل ، اضافة الى محاضر المجلس البلدي للمدن الاربع . وكان التركيز على احصاء عام 1981 في التحليل الكمي التفصيلي لاستخلاص التباين المكاني في تنفيذ سياسات تحسين المساكن القديمة والارتقاء بمعاييرها السكنية بين الجهات الادارية المحلية للمدن الاربع . وقد كانت بيانات التعداد العام للسكان مخزونة في مراكز حاسبات اقليمية ، تم الحصول عليها عن طريق الجامعة ، وتصلني مباشرة عن طريق حاسبة الجامعة الى حاسبة القسم ، بعد ان تم تحديد المتغيرات والمؤشرات التي احتاجها وعلى اي مستوى للتحليل . وقد اعتمدت في التحليل الاحصائي طريقة التحليل العاملي Factor Analysis معتمدا برنامج SPSS على الحاسبة المركزية للجامعة باستخدام لغة فورتران .
تنظم بيانات التعداد العام للسكان وتخزن في الحاسبة المركزية (المتغيرات ، المؤشرات) على اساس الوحدات الاحصائية الصغيرة Enumeration District ، (اعتقد 250 او 2500 وحدة سكنية على ما اتذكر) ، التي تتبع وحدة احصائية اكبر (قد تشكل حيا سكنيا مثلا) . ومدينة كاردف على سبيل المثال لا الحصر ، كانت (حينها) تضم (594) وحدة احصائية صغيرة ED . حددت المعلومات المطلوبة للدراسة (لا اتذكر عددها بالضبط) لاشتق منها (40) متغيرا للدراسة و التحليل النهائي . بمعنى ، اعتمد التحليل الاحصائي (23760) معلومة ليشتق منها ثلاث محاور/ ابعاد : ديموغرافية ، سكنية ، اقتصادية - اجتماعية .
بعد حوالي ثلاث سنوات من دراستي في جامعه ويلز – ابرستوث ، وجهت الجمعية الجغرافية البريطانية IBG ، وبالتعاون مع قسم الجغرافيا - جامعة سوانزي الدعوة لجميع طلبة الدراسات العليا الدارسين في جامعات المملكة المتحدة ، المختصين بالدراسات الحضرية ، حصريا المستفيدين من بيانات التعداد العام للسكان لحضور مؤتمر علمي خاص لمناقشة نتائج ابحاثهم ، والمشاكل التي واجهوها عند الدراسة ، و جلسة خاصة لتقييم و تقويم بيانات التعداد العام للسكان و تقديم المقترحات للاخذ بها عند التهيئة لتعداد عام 1991 . وكنت من المشاركين في هذا المؤتمر الذي لم ولن انساه ابدا .
سؤالي هو :
هل ستنظم نتائج التعداد العام للسكان في العراق على اساس وحدات احصائية صغيرة ، واخرى كبيرة ؟ ام على اساس الحي السكني ؟ وعلى مستوى المدينة ؟ وهل سيتاح تحليل البيانات من قبل الجامعيين ؟ ام تعد سرية لا يجوز الاطلاع عليها ؟ وما هو دور الاقسام العلمية ، الجغرافيا على وجه الخصوص ، في الافادة من نتائج التعداد العام للسكان ؟ اقترح ان تقوم اقسام الجغرافيا ، والاقسام العلمية الاخر ، بتحديد موضوعات للدراسة المعمقة من الان سواء لطلبة الدراسات العليا و او التدريسيين انفسهم ضمن اقليم الجامعة الوظيفي . ويكون هذا واجبا حتميا وملزما للجنة العلمية في القسم .
انها فرصة لا تعوض ، وانها نقطة تحول في الدراسات الجامعية التطبيقية خدمة للبلد . اعتقد ان مجالات البحث والتقصي واسعة جدا ، وبعضها يستوجب المشاركة العلمية بين اكثر من اختصاص علمي للخروج بنتائج رصينة يعتد بها لرسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والسكاني.
انها فرصة للنهوض بالتعليم الجامعي والبحث العلمي في العراق ، والانتقال الى مرحلة تمارس فيها الجامعات (الحكومية والاهلية) وظيفتها الثالثة بعمق و امانة . وكما قال شكسبير : ان تكون او لا تكون ، ان تكون وطنيا بعلمك واختصاصك ، او ان تكون موظفا بلا هوية ولا اختصاص ولا موضوعية ، بدون فائدة حقيقية من الشهادة الجامعية التي تتبجح بها
أستاذ الجغرافيا الاجتماعية، متقاعد حاليا .