الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ترامب وأوكرانيا دولة وظيفية أم دولة عظمى ؟

بواسطة azzaman

ترامب وأوكرانيا دولة وظيفية أم دولة عظمى ؟

محمد صالح البدراني

 

في المقال الأول عن حرب القرم والذي كان أول نشره 24 -2- 2022 صبيحة دخول الجيش الروسي إلى أوكرانيا. لابد من إعادة التذكير بأمر استراتيجي أن روسيا لم يصمم وضعها دولة عظمى وأنها دولة وظيفية واجبها كمخزن لموجودات الاتحاد السوفيتي، لا لإستخدامها، وليتعامل الغرب معه بهذه الصيغة كقطب أعطيت روسيا شرعية الوراثة لكن دون إعادة الجغرافيا إلى وضعها عمدا وقصدا أو سهوا، روسيا لم يك لها منفذ على البحر إلا من الجهة الشمالية وهي منطقة منجمده حيث يقع كل الساحل الشمالي الطويل فوق الدائرة القطبية الشمالية تقريبًا وهي من الدوائر الخمس التي يندر فيها التغير الحراري، باستثناء ميناء مورمانسك الذي يستقبل تيارات أكثر دفئًا بسبب تأثيرات تيار الخليج، ولكن الساحل مغلق  بالجليد معظم العام. الشواطئ الروسية على المحيط الهادئ تشارك روسيا حدودًا بحرية مع الولايات المتحدة واليابان وهذا يعني قيدا في الحركة إلا من خلال اتفاقيات سيادية.

فهي بحاجة إلى منفذ بحري في المياه الدافئة التي يمكن الخروج منها إلى المتوسط عن طريق البسفور، فأوكرانيا أصلا أخذت من الأرض الروسية في الحكم السوفيتي هذه المنافذ وروسيا تريد استعادتها ناهيك عن إبعاد الحلف الأطلسي عن حدود أراضيها الذي تراه خطرا وجوديا في تفكير القيصر الروسي الذي يطمح لأكبر من حجم روسيا الذي حدد لها.

الولايات المتحدة والحلف الأطلسي

من الواضح أن الحلف الأطلسي لا يرى أحقية لطموحات بوتن أن يكون اكثر من قطب أو فاعل دولي متجاوزا الدور الوظيفي المرسوم له بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لمصالح ما اندفعت الولايات المتحدة (إدارة بايدن) لدعم أوكرانيا ضاغطة ومتمادية مستغلة تردد بوتن باستخدام القوة النووية والصاروخية الاستراتيجية وهذا التردد نابع من سوء تقدير في إدارة الحرب عند الأطراف وأهدافها المعلنة، والانفتاح الروسي للدنيبر وملامسة كييف ثم الانسحاب فيه رسائل روسية لم تقرأ عمدا انه يريد أن «يترك بسلام»، هو الآن واقع تحت ضغط وجودي وتداعب أفكاره اختراق الدور من الحفاظ على الأسلحة الاستراتيجية وتخزينها إلى إعادة تفعيلها واستخدامها إن كانت كخيار والاستسلام وهذا يعني حربا مدمرة عالمية ما انفك تجاهلها من الغرب.

سياسة إدارة بايدن وصلت موقفا حائرا لانها تتعامل مع تحالفات متناقضة فهي تتعامل مع روسيا وحلفائها بشكل من الواضح انه متناقض وليس واحدا فضخت أموالا إلى دولة ليست ضمن النظام الرأسمالي القديم وإنما بها ثغرات الفساد في الدول الاشتراكية التي تسدها القبضة الحديدية من النظام الاشتراكي  كما يديرها بوتن، أما أوكرانيا فتوجهات حكامها مختلفة وتطلب من الغرب كل شيء، هذا لا يتفق مع عقلية ترامب التجارية، فالرجل يريد أن يربح في كل حركة ولا يخسر أبدا، والحرب تحتمل الخسارة لكن المهادنة مربحة في تفعيل الاقتصاد والسوق والموارد.

استطاع بوتن أن يدير الاقتصاد بشكل يصمد مستغلا حاجة أوربا إلى الغاز والنفط الروسي وعدم استعداد الولايات المتحدة للتعويض بشكل خاسر، إضافة إلى أن فرنسا وهي أحد راسي الحربة مع بريطانيا بدأت بمعاناة اقتصادية نتيجة خسارتها لموارد من بعض الدول المستعمرة سابقا لها والتي تسيطر فرنسا على مواردها من المعادن الثمينة، فالموقف الآن ما بين الاستجابة إلى بوتن أو التعمق وتخطي الخط الأحمر الروسي، فمجيء ترامب يرجع قدم روسيا عن الخط الأحمر لاحتمال أن يدخل مساومة مع روسيا بان تتحول «رسميا» وبموافقة قطعية من أوكرانيا كي لا يُطالب بها لاحقا، تلك المناطق التي تريدها روسيا باعتبارها روسية الأصل مع توقف حلف الأطلسي عن التمدد بشكل مقلق لروسيا، وهذا قد يوافق علية ترامب مباشرة فباب التفاوض يفتح ليغلق بعد ساعة باتفاق، لكن هذا لن يمر سهلا لهذا تتحرك بريطانيا لتأخذ مكان الولايات المتحدة في دعمها لأوكرانيا لتوازن التفاوض وربما لرفع تقييد الحلف الأطلسي، فيمسي هذا منحدرا زلقا قد لا يمر بسلام.

فتأثير ترامب يقبل أن يكون كمنعطف طريق ما بين السلام وحرب مع تبادل الحضور وبريطانيا، وان سلك أسلوب المساومات واستجاب له القرار الأمريكي فسيعاني الكثير ولتتجمع قرارات صعبة لمن بعده، إن ترامب إن أراد فترة حكمه (إعادة المشهد) وكأنها من تلفزيون الواقع فلربما سيعرف الخسارة بلا رتوش.

ماذا يعني توقف الحرب

توقف الحرب بدأ بوتن بحساباته مبكراً فهو يحترم قيادات المنطقة ويتعامل معها بنفسية الشرق، عكس ماضي ترامب الذي يستخف بقيادات المنطقة ويتعمد إهانتها، هنالك سباق سيجري على النفوذ الرابح فيه يربح الحرب النووية دون أن تقوم وهو ليس بمسك التفاح بيد واحدة وإنما أي تفاح ستختار لينمو في استراتيجية المنطقة، والفرصة سانحة لانقلاب في الاستراتيجية للدول العظمى أو ستتشكل دولة عظمى فعلا وفاعلة كروسيا بدعم المنطقة وحلفاء أمريكا السابقين.

 


مشاهدات 100
الكاتب محمد صالح البدراني
أضيف 2024/11/21 - 1:37 AM
آخر تحديث 2024/11/21 - 11:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 226 الشهر 8930 الكلي 10052074
الوقت الآن
الخميس 2024/11/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير