رؤية وتطلعات.. دور القطاع الخاص في إعادة بناء الإقتصاد العراقي
نوري الدليمي
يواجه العراق تحديات اقتصادية متعددة تتطلب تضافر الجهود لإعادة بناء اقتصاد مستدام ومتنوع. وفي هذا السياق، يتجلى دور القطاع الخاص كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. من هذا المنطلق، أُنشئ المجلس الأعلى لتطوير القطاع الخاص ليكون منصة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، وتفعيل دوره كشريك حقيقي في عملية البناء والإعمار.
خلال فترة عملي وزيرًا للتخطيط عام 2019، حرصتُ مع فريق العمل على تفعيل هذا المجلس، وكنا نجتمع أسبوعيًا في البداية مع الجهات المعنية في القطاعين الخاص والعام لمناقشة معايير اختيار الأعضاء ووضع الأطر الأساسية للمجلس. شمل ذلك تحديد معايير دقيقة تشمل الخبرة، التخصص، والمساهمات العملية والعلمية، مع تخصيص نسبة 25بالمئة لتمثيل النساء، بهدف تعزيز التنوع والشمولية في صنع القرار الاقتصادي.
مشروع حيوي
مع اقترابنا من استكمال الاستعدادات النهائية لانتخاب أعضاء المجلس، جاءت تظاهرات واسعة شهدتها البلاد، مما جعل التواصل صعبًا واستوجب منا تعليق العمل حتى استقرار الوضع. ورغم هذا التوقف المؤقت، استمر التزامنا بدعم هذا المشروع الحيوي، وواصلنا العمل على دفع عملية تأسيس المجلس حتى بعد انتهاء فترة المنصب، مؤمنين بأهمية القطاع الخاص في إعادة بناء الاقتصاد.
تشير البيانات الاقتصادية الحديثة إلى أن العراق حقق نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.7 بالمئة في عام 2022، مدفوعًا بارتفاع إنتاج النفط وتعافي القطاعات غير النفطية بعد انحسار جائحة كورونا. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد العراقي يواجه تحديات تتعلق بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
هنا يأتي دور المجلس الأعلى لتطوير القطاع الخاص في تعزيز بيئة الأعمال، وتسهيل الإجراءات للمستثمرين، وتطوير السياسات الاقتصادية التي تشجع على الابتكار والاستثمار في القطاعات غير النفطية. من خلال هذه الجهود، يمكن تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة، تسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب والخريجين وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
إن تفعيل دور القطاع الخاص يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة. ومن خلال المجلس، يمكن تحقيق هذا التعاون، وتوجيه الجهود نحو تحقيق رؤية اقتصادية طموحة للعراق تعتمد على التنوع والكفاءة والشراكة الفاعلة.
في هذا السياق، لا بد من الإشادة بجهود حكومة السيد محمد شياع السوداني في تعزيز دور القطاع الخاص. فقد وافق رئيس الوزراء على تأسيس مجلس تطوير القطاع الخاص برئاسته، مما يعكس التزام الحكومة بدعم هذا القطاع الحيوي. كما أعرب السوداني عن ثقته بقدرة القطاع الخاص على إنشاء صناعة وطنية، مشددًا على أهمية إجراء الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية وتوجيه موارد البلاد بالاتجاه الصحيح.
في الختام، أؤكد أن تعزيز دور القطاع الخاص ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة. ومن خلال المجلس الأعلى لتطوير القطاع الخاص، يمكننا بناء اقتصاد قوي ومتنوع، يحقق الرفاهية والازدهار لجميع أبناء العراق.
وزير التخطيط الأسبق