تقديم لكتاب (المرأة والعولمة)
بغداد - محمد الكرخي
قد يظن من يقرأ عنوان هذا الكتاب، أنه ينطلق من موقف نسوي أيديولوجي غير علمي، لكن الحقيقة ليست كذلك، إنه كتاب يبحث في الآثار السلبية والإيجابية للعولمة على المجتمعات الإنسانية في دول العالم كافة، ولأن النساء هن الحلقة الأضعف والأكثر تأقلماً مع التبدلات والهزات الاجتماعية، والأشد تأثراً في التغيرات الاجتماعية الطبيعية والظرفية والمختارة، فإن المؤلفة «كريستا فيشتريش» جعلت منهن بوصلة البحث في عالم العولمة الليبرالية.
العولمة باختصار تعني: انفتاح سوق العمل بين دول العالم. وما وجد هذا الانفتاح لولا التقدم التقني-العلمي في القرن العشرين ولولا الاستعمار. أي بمعنى: إن العولمة لا تنحصر فقط في حركة السوق وشكله، وإنما هي سمة اتسم بها عصر الإنسان منذ بداية القرن العشرين وأصبحت جلية في سبعينياته، وهي نتيجة تفاعل وتداخل العديد من الظروف الاقتصادية والجغرافية والسياسية والديموغرافية والدينية ووو في رسم ملامح مجتمع الدولة الجغرافية الواحدة ورسم ملامح المجتمع الإنساني دون قيود جغرافية، بسبب طبيعة بعض عناصر العولمة الكاسرة بطبيعتها هذه القيود -أي قيود الجغرافية-.
للعولمة إيجابياتها في الحراك الاجتماعي، ولها سلبياتها أيضاً، وتتفاوت درجاتها بين السلب والإيجاب تبعاً لظروف المجتمعات المختلفة. إيجابيات العولمة تتلخص في: كسر القيود الاجتماعية القائمة على الاختلافات الجنسية بين أفراد المجتمع الواحد - التبادل المعرفي والعلمي والثقافي بين الشعوب - رواج عالمي أسرع وأوسع للسلع المحلية - تشكيل المؤسسات والتعاونيات غير الحكومية كجهاز رقابي على الأداء الحكومي وكمشارك في العمل الحكومي - حصول النساء على حصص في الوظائف السيادية والتنفيذية «الكوتا النسائية». أما سلبيات العولمة فتتمثل في: تقننة أنماط الإنتاج وبالتالي تضخم البطالة - إعطاء أجور أدنى للنساء لأسباب تتعلق بالجنس ولأن الثقافة العامة تعتبر أن المرأة مجرد عنصر مساعد للرجل في توفير احتياجات العائلة المالية - التلوث البيئي - استبدال أنماط الغذاء المحلي الصحي بأنماط غذائية مصنعة غير صحية - تجارة البشر لأغراض مختلفة كالعمل في الدعارة أو العمل في المصانع دون رخصة أو لتجارة الأعضاء البشرية - الهيكلة الدائمة لاقتصادات الدول النامية - استمرار تقليل الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية.
عملة صعبة
وبعد سرد المؤلفة للعديد من التجارب الإنسانية المرتبطة بعجلة العولمة، تخلص إلى: «تُستغل «المرأة المعولمة» دون ضمير مثل مادة خام طبيعية: إنها العاملة على أساس القطعة في صناعات التصدير، المهاجرة التي تعود بالعملة الصعبة، العاهرة أو عروس الكتالوج في أسواق الجسد والزواج العالمية والماصة لتقليص النفقات الاجتماعية والتكيف الهيكلي بالعمل الطوعي» ص218.
وما تقدم يتطلب من النساء «أن يتابعن الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والضمان القانوني وسلطة القرار والصياغة» ص219.