( لاي- فاي ) الزمان ( 52)
ثلاثيّة الحياة والأرض والطبيعة في الموثّق والمتوقّع
عبدالرضا سلمان حساني
نتفاجأ بين الأحيان بظواهر ومشاهدات مصدرها الشمس وتغير مناخ المواسم وتفاعلات فيزيائية وكيمياوية في الفضاء وطبقات الجو المحيطة بكوكبنا، وهي من الأقرب الى الأبعد؛ تروپوسفير و ستراتوسفير و ميزوسفير و ثرموسفير.إنّ وجود هذه الطبقات هو حقيقة، ولكن يمكن أن يحدث غير المتوقّع والذي لايستطيع الرادار كشفه ولاتتنبأه الأرصاد ويفاجأ حتى العلماء ذوي الإختصاص.وبالرغم من معرفتنا بالأرقام وقيم العوامل الفيزيائيّة والهندسيّة التي تتضمنّها عادة مثل هذه المقالات، ومنها ضخامة الأبعاد الفلكيّة وعوامل مضافة، فسأحاول ملامسة الظواهر والحقائق العلميّة بإستخلاص مبسّط وخصوصاً لغير ذوي الإختصاص.إنّ مايحدث في الشمس من تفاعلات إندماجيّة وما يغادرها ( وكأنّها تتقيّأه) هو تهديد لنسيج الحياة على الأرض لولا وجود مجال مغناطيسي تولّده الأرض حولها كعباءة تحيطها. واذا ماتذبذبت أو إهتزّت شدة هذا المجال، فستظهر طاقة هائلة تهدد الحياة وتزامن ذلك مع ظهور قوى كونيّة جديدة يستوجب توقّعها، وهو ماتعطيه الدراسة والتحليل.
الرياح الشمسية القادمة
هي مادة بحالة وهج ( شحنات كهربائية موجبة وسللبة) تنطلق من مناطق قريبة من حافة الشمس (بضمنها) مايُسمّى طرد الكتلة التاجيّة وإختصارها ( ط ك ت). سرعة ( ط ك ت) في البداية 10 كم/ الثانية وتتعجّل باتجاه الأرض لتقترب سرعتها من مئات الآلاف كيلو متر/ساعة (900 ألف) وطاقتها عالية ومؤثرة ( المسافة بين الأرض والشمس هي 150مليون كيلومتر). آلية العمل والأداء في الشمس ناتجة عن وجود القوة المغناطيسية وقوة الجذب وتأثير ذلك على الشحنات وتشكيل مايُسمّى بالدلينمو ( توليد تيار كهربائي من المجال المغناطيسي. توجدفي الفضاء قوة تفجير، مصدرها الشمس، تعادل مائة مليون قنبلة ذرّية، يمكن أن تضرب الأرض وتجعل قارّات تعيش في تعتيم.
لقد ضربت هذه القوة مدناً من قبل، فهل يمكن أن تعود لتضرب؟ وأين ومتى؟ وهل نحن مستعدون للمواجهة ومعالجة ماتتركه من آثار، ربما تكون كارثية.
الموثّق والمتوقّع
- في 13 آذار- مارس- 1989، تعرّضت مقاطعة كويبك (Quebec) الكنديّة الى إنقطاع مفاجىء في التيار الكهربائي ليعيش ستة ملايين من ساكنيها بدون كهرباء. كانت درجة الحرارة في تلك الليلة دون الإنجماد، وفجأة تعرّضت المحولة الكهربائية (مائة طن-شبكة مونتريال للقدرة) الى حمل زائد عنيف ليعمّ الظلام على المدينة لمدة 12 ساعة عوضاً عن النتائج السلبيّة المضافة.
إنّ السبب في حمل المحولة وعطلها هو حدوث إنفجار هائل عملاق في الشمس سجّله مرصد في كولارادو الأمريكيّة قبل ثلاثة أيام من إنهيار هذه المحوّلة. في هذا الإنفجار، تبعث الشمس رشقة متوهجة مروّعة بيضاء بمقطع عرضه آلاف الكيلومترات ودرجة حرارة تصل الملايين تتجه نحو الأرض. لقد ضُربت المدينة بعاصفة شمسيّة نتيجة للإنفجار الطبيعي الذي يحدث في منطقة نشطة داخل الشمس وتتولد طاقة عنيفة يستحيل قياسها.
الشمس هي كرة غازيّة ملتهبة واسعة يملأ معظمها غاز الهيدروجين، بعرض يمكن أن تضع فيها مليون كرة أرضيّة.
بسبب محتواها، تحيط بالشمس حلقات من مجال مغناطيسي، كل حلقة تخزن طاقة تعادل عشرة ملايين بركان تندلع في آن واحد. إنّ الذي حدث في كوِبك هو تسونامي ترك آثاره، ولاأحد يستطيع التنبؤ بحدوثه في المستقبل، متى وأين؟ إنّ وهجة شمسيّة صغيرة من هذا النوع فيها طاقة تكفي أميركا لآلاف السنين، والكبيرة لأكثر بكثير كثير.
- في عام 1973، أُرسلت المركبة (سكاي لاب) الى الفضاء، وتعرّضت الى رياح شمسية وصلتها، تسببت في إرتفاع درجة الحرارة في طبقات الفضاء المحيط بها فنزلت الى مدارات أوطأ فأوطأ وإصطدمت بالأرض في العام 1979 متأثرة بذلك.
- في العام 1972، تعرّضت المركبتان أپولو 16 وأپولو 17 الى عواصف شمسيّة وهما على سطح القمر وكانتا غير مأهولتين.
- عن طريق تحليلات كيمياويّة، تبيّن أنّ عاصفة شمسيّة قوية فد ضربت الأرض في شهر 9 من العام 1859 في أميركا الشماليةوأجزاء من أورپا وشوهدت آثار لها في كلكتا-الهند. لقد كانت هذه أقوى من تلك التي ضربت كوِبك الكنديّة بثلاثة أضعاف
- في العام 2006، أطلقت اليابات قمراً إصطناعياً ( هينودي) لتصوير وتحليل المجال المغناطيسي المحيط بالشمس وحساب الطاقة المخزونة.
- في نفس العام 2006، أرسلتْ وكالة ناسا الفضائيّة قمراً إصطناعيّاً من مرحلتين (ستريو) لمتابعة النشاط الشمسي ومراقبة أماكن ظهور البقع الشمسيّة. وقد أظهرت النتائج، أن الطاقةالتي يحملها الوهج الشمسي عند الإنفجار، مع وجود بقع شمسيّة، تساوي مليون مليون قنبلة ذرية تنفجر في نفس اللحظة. تتشكّل البقع للشسيّة نتيجة لإرتفاع درجة حرارة باطن الشمس عن سطحها، وتظهر صغرى (عدة بقع) وعظمى (أكثر من 200 بقعة) وبدورة زمنيّة كل 11عاماً، وهذا عامل مهم يجب تأشيره ودراسة حلقات المجال المغناطيسي الشمسي.
إنّ ظهور لون الشفق، يمكن أن يكون دلالة على وصول الرياح الشمسية الى العباءة المغناطيسيّة المحيطة بكوكبنا ويسبق ذلك
حدوث ( ط ك ت)، وهذا هو السلاح المدمّر الذي يستغرق أربعة أيام للوصول.في إطار توقعات تحليل علمي وإحصائي، سنُفاجأ بما سترسل لنا الشمس من عواصف ورياح (طاقة)، لها تأثير مباشر على التكنولوجيا ومنظومات وشبكات توليد القدرة قبل البشر، في مواسم قادمة. وحين يتعلّق الأمر بالبقع الشمسيّة، فالأقمار الإصطناعية تراقب الشمس وجهاً لوجه، والعلماء منشغلون بتحليل البيانات والصور. وبدءاً من أول موسم في عام 2025 وسنوات لاحقة، تُراقب للدورة الزمنية للبقع الشمسيّة( كل 11 عاماً)، وهذه هي فترة إنقلاب أقطاب المجال المغناطيسي الشمسي وتحتاج الى نفس عدد السنين لتعود. وكأنّ الصورة بأكملها في أعلاه تشبه بندقية مملوءة بالإطلاقات ولا أحد يعرف متى يُضغط على الزناد.
ولكي نفهم مايحدث من تفاعلات في الشمس والفضاء، يجب أن نفهم مقرر دراسي هو فيزياء پلازما الإندماج النووي الذي إقترحته ودرّستُه قبل أكثر من عشر سنوات لطلبة الدراسات العليا- فيزياء- علوم -جامعة بغداد. وهنا أؤكّد على وجوب الإشارة الى هذا المقال في أي
إقتباس منه.
سطور الختام
الكبريت: هنا لاأقصد العنصر الكبمياوي وإنّما منطقة(كبريت) التي تقع في خط بارليف شرقي قناة السويس. كانت تمثل مركز لملتقى القيادة الصهيونيّة الفرعيّة في حرب تشرين الأول- أكتوبر- 1973.
إقتحمتها وحررتها كتيبة شجاعة بقيادة الشهيد المقدّم البطَل إبراهيم عبدالتواب من الجيشالعربي المصري البطل وبقيت
الكتيبة صامدة في أرضها لأكثر من 140 يوماً.
الرحمة والخلود في العلياء لشهداء العروبة الذين دافعوا بالتضحية عن حياض الأرض والمياه والأجواء من الخليج العربي الى المحيط ولِمَن هتف لفلسطين وقدّم وتقدّم لشعبها.
أمّا عنصر الكبريت فينتمي للمجموعة 16 من الجدول الدوري، والنقي منه صلب لامعدني هَش بلون أصفر شاحب ليس له رائحة ولا طعم، شديد التفاعليّة ولا يذوب في الماء وضعيف التوصيل للكهربائيّة.