قانون العفو العام .. بين تحقيق العدالة وإنصاف الأبرياء
نوري صباح الدليمي
في وطنٍ جُرح كثيراً ولا يزال ينزف، يبقى تحقيق العدالة الركيزة الأساسية التي يتطلع إليها العراقيون للحفاظ على استقرارهم وأمانهم. إن الحديث اليوم عن قانون العفو العام وما يثيره من جدل داخل قبة البرلمان، هو بمثابة اختبار حقيقي لمصداقية هذا القانون وقدرته على حماية المجتمع من الجريمة، دون أن يكون سبباً في ظلم الأبرياء أو إفلات المجرمين من العقاب.
العدالة ليست عفواً... بل إنصافًا للبريء وعقابًا للجاني
إن العفو كقاعدة عامة قد يبدو وسيلةً لتحقيق الصلح وتجاوز بعض الخلافات، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن العدالة أو ذريعةً لتجاوز حقوق الأفراد. فالبريء لا يحتاج إلى عفو، بل إلى محاكمة عادلة تكشف الحقيقة وتعيد له حقه. إن قانون العفو، في جوهره، يجب ألا يُستغل كغطاء يُمكّن المجرمين من التملص من العقاب، بينما يُترك الأبرياء ليواجهوا مصيرهم في ظل ظلمٍ وتجاهلٍ لمظلوميتهم.
وكما يُقال: «العدل أساس الملك»، فلا يمكن بناء عراق قوي ومستقر دون ضمان العدالة لكل مواطن فيه. وإن كان الهدف من هذا القانون هو تعزيز المصالحة المجتمعية، فليكن ذلك دون انتقاص حقوق الضحايا أو تسامحٍ مع من ارتكب الجرائم.
إعادة التحقيق ضرورة لضمان إنصاف الأبرياء
في ظل الجدل المستمر حول قانون العفو العام والمطالبة بتعديله بما يضمن تحقيق العدالة، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في هذا القانون لضمان عدم إفلات المذنبين، ومن جهة أخرى عدم توريط الأبرياء في ظلم مضاعف. المطلوب هنا ليس فقط إقرار القانون، بل إقراره بشكل يضمن تحقيق العدالة للمظلومين ومحاسبة المجرمين. ومن هذا المنطلق، أدعو إلى إعادة التحقيق في القضايا التي طالتها شبهات الظلم لضمان تصحيح مسار العدالة، وتأكيد أن من يستحق الإنصاف يناله، ومن يستحق العقاب يلقاه.
كلمة أخيرة...
إن العراق اليوم بحاجة إلى قوانين تتسم بالإنصاف، إلى منظومة قانونية تعزز الثقة في أن كل مواطن سينال حقه في محاكمة عادلة، وأن العدالة ستظل فوق كل اعتبار. إن تعزيز هذه الثقة من شأنه أن يُعيد الطمأنينة إلى قلوب الناس ويؤسس لبيئة مستقرة وآمنة للجميع.
وزير التخطيط الأسبق