ليسوا قدوة لنا
محمد عبد المحسن الخفاجي
ثمة عبارة أطلقها المجاهد عمر المختار تصلح حكمةً نستحضرها قبل الردّ على كل إساءة ، فحين طلب أحد رجاله المحاربين إعدام اثنين من أسرى الإحتلال الإيطالي كان رد المختار : « نحن لا نعدم الأسرى « ، ولما ردّ ذلك المحارب بالقول : « لكنّهم يعدمون أسرانا « جاءه رد المختار : « إنّهم ليسوا قدوة لنا « .
وقد أبدع المخرج الكبير الراحل مصطفى العقاد في تحويل هذا الموقف إلى مشهد سينمائي مؤثّر في فيلم « عمر المختار « الذي حملت نسخته الإنجليزية عنوان « أسد الصحراء « وأسند دور عمر المختار فيه إلى الممثل العالمي أنتوني كوين .
تذكرت هذا الرد البليغ المفعم بمعاني الفروسية والحكمة والإيمان حين وجدت صديقاً يهمّ بالتعقيب على كلام واحد ممّن أعمت الطائفية بصيرتهم ، تضمّن ما يسئ إلى طائفة واسعة ويجرح مشاعر من ينتمي إليها فنصحته مخلصاً بأن يحتكم إلى المبادئ بما يليق بمثقف يؤمن بالتوحّد تحت راية المواطنة ولا يجعل ردّ الفعل العاطفي يتحكم بموقفه لأن مبدأ المقابلة بالمثل لا يمكن أن يكون صالحاً على الدوام ، وأن عليه تبنّي موقف ينسجم مع خُلُقه هو لا مع خُلُق جاهل متعصّب .
ليت كلّاً منا يعود إلى المبادئ السامية حين تهتز لديه الرؤية أمام موقف ما ويتجاهل ويتغافل عن ما يروّجه مرضى الطائفية وسواها من آفات اجتماعية،فإذا وجد في التعقيب ضرورة فليكن ذلك بالنصح وحوار العقول دون مواجهة إساءتهم بإساءة ، فأولئك ليسوا قدوة لنا.