نم تحت رأسك فكرةٌ خضراء، شمسك لا تغيب
هل تستفيقُ الشمس من ليلِ العروبةِ
والمجامرُ في الصدور؟
في أي فجرٍ نلتقي ؟
قد كنت تمنحُني الهدايةَ من جناح حمامةٍ ،
وشجيرةُ الكافور تنشر شعرها للنار والشعراء
في الزمن الرديء ،
إولاء هُم تبادلوا الأنخاب ما بين العواصم
والطوائف والثغور
قُل لي : فمَنٔ يحسو قُراح الماء
مَنٔ يُخفي رفات الطائر المفجوع
في سُدف القبور؟
لا وهم .. كان الفجر حلمك ، تجمع الأشلاء، فيك
و تنهض العنقاء من بين الرماد
قد كنت وحدك تحمل الأعباء في الليل المعاد
قد كنت أبصر مقلتيك..
وأعرف الدرب التي أمتدت إلى الآماد يغسلها الدمُ من دمعةٍ أو شرفةٍ للنور يكسوها الحِداد.. ولا حِداد
والله لو عدت لآثرت الممات على الحياة
حتى وإن كُنت ترى الأشياء في غير الذي كنا نرى
نهرين من نغمٍ وزاد
وترى العروبة تستغيث ولا تغاث
والبلاد لم تعد تلك البلاد.
شرفاً لشاذل أن يموت وصوتهُ غضب البطاح
و نزيفُهُ عصف الرياح
خمسون عاماً قد مضت وتغيّرت فيها الفصول
وما يزال شعرهُ طعم زلال الماء في الأفوه،
في العطش القُراح
خمسون تمضي والذئاب حولنا
يتنازعون على استلاب الصبح منك
وأنت أدرى بالحقيقة ،
أنت أعرف بالجراح
لا وهم هذا الفجر حلمك..
تفتديه في المجيءِ وفي الرواح
ومواكب الفادين تعبر مذ صعدت إلى السماء،
تصوغ من دمها الصباح
هل كان حلمك طائراً
هل كان حلماً أم يقينا؟
يا شعلة الحلم المكبّل
هل بكى قمرٌ على كتفيك ؟
أدركني .. المراعي لم تعد تلك المراعي
لا المحيط هو المحيط
ولا الخليج هو الخليج
ولم تعد صنعاء تحلم في حلب
ناديت بٱسمك في الفيافي وأنت تقرأ في المدى
قوسين من دمعٍ، وأسئلةً من القدر المحبب جيلهُ
ورفيف أجنحةٍ خشب
ناديت بٱسمك في القرى
في الموصل الحدباء ،
في الفجر المخضّب بالذهب
تلقي بسرتها الندى
تسقي مناهلها العجب
فأطلق وهادك وأبتكر توق الغزال من اللهب
فهنا اليقين الياسمين
برغم حصباء الجروح تصيح أمتنا العرب،
قد كنت وحدك تفتح الأفاق منطلقاً إلى فجرٍ
من الرايات تعلو في مدارك
وفي طريقك صخرةٌ زاحمتها وعبرتها
وفقأت عين الأعور الدجال كي يزهو نهارك
وحملْت ما ينأى به الزمن الرديء من التراجع
في صمودك …وانكسارك
حاورت قلبك ما أستطعت
وما أنحنيت لغير ربك في مسارك
وما رميت الفأس يوماً للبكاء على جدارك
ذا حلمك الدامي يُرفرف في مداك
متحسراً.
وفي الخريفِ مزنةٌ
تنقضُّ من وجع الكروب على خطاكَ,
والهفة الأشجار، تجْمَعُ خضرة البستان
من وهج الدموع على فراقك في سناك
دَعٔ ظلالك تستريح، وخُذْ رؤاك
دَعها على الأطلالِ في حسراتها تبكي هواك.
ها قد رحلت..
وقلبك المكلوم أشقاهُ التأمل
في النزيف المستمر برافديك
وفي العويل
على الندى ، والمجتنى،
وبكاء عذراء النجوم براحتيك
كم دمعةٍ حرى تلوب بمقلتيك
كم زهرةٍ .. ورحيقها يهفو إليك
ما كنت أحسبُ أن أراك مودعاً
أو أن أرى الشمس تغورُ
قبل نعشك في الثرى
وتصيح وا لهفي عليك
وأصيح وا لهفي عليك