فلسفة الغرب العنصرية تجاه الشرق
أحمد كاظم نصيف
ما زال الغرب يواصل فلسفته العنصرية في معاداته للشرق، ويتفنن في اختراع العداء وإدانته لكل ما هو شرقي، عربي، اسلامي. إذ حدث أن قامت في الأيام القليلة الماضية قوات الاحتلال الصهيوني بمهاجمة قوات حفظ النظام في لبنان «يونيفيل»، وجاء هذا الاستهداف بعد تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حين قال: «أعتقد إن الأولوية هي العودة إلى حل سياسي، والكف عن تسليم الأسلحة لغوض المعارك في غزة، وأن فرنسا لا تقوم بتسليح اسرائيل»، وأعرب عن أسفه لعدم تغير الوضع في غزة رغم كل الجهود المبذولة لوقف اطلاق النار خصوصاً مع اسرائيل. هذا التصريح ناقضه بيان الرئاسة الفرنسية الذي جاء فيه: «إن باريس ستواصل تزويد اسرائيل بقطع السلاح اللازمة للدفاع عن نفسها»، ويدل هذا على أن تصريح ماكرون وردّ الكيان الصهيوني بمهاجمة اليونيفيل، وتندّيد غوتيريش الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة لهذا الحدث، لا يفسد للوّد بينهم أي قضية، وهو ليس إلّا ارضاءً لغرور الغرب على أنهم دعاة سلام، متناسين في الوقت نفسه انطلاق أوروبا خارج حدودها وإنشاء المستعمرات القائمة على المركزية العنصرية، اعتماداً على الجهد المخابراتي الذي قامت به الشركات الكبرى للمستشرقين، تحت مسميات شتى، منها: رحالة، مكتشفون، مؤرخون، مبشرون. فقد كان فريدريش شليجل وأيضاً نوفاليس، مثلاً، يحثان أوروبا على دراسة الشرق، لأن ثقافة الشرق ودينه، يستطيعان هزيمة النزعة المادية والمكيانيكية العلمية المتمثلة بالمذهب الجمهوري في الثقافة الغربية، ولا نستثني ريمون شواب الذي أشار في كتابه «النهضة الشرقية» إلى توظيف التطور في الشرق، في خدمة أوروبا، ولهذا فأن المستشرقين الذين أجادوا أي لغة شرقية وصفوا بأنهم أبطال وفرسان، لاسيما لغة الرسالة الاسلامية، فقد كان الاسلام يمثل جوهر الشرق في هذا الاطار. حتى أن جوستاف فلوبير يقول على لسان بوفار أحد بطلي روايته «بوفار وبيكوشيه: «الانسان الحديث يتقدم، وسوف تقوم آسيا بتجديد أوروبا، هذا هو القانون التاريخي الذي يفضي بأن تنتقل الحضارة من الشرق إلى الغرب».