مختصّون: العامل الإقتصادي وراء تفاقم الظاهرة
دعوات إلى معالجة تسرّب التلاميذ من المدارس
بغداد - عادل حيدر حسون
عزا مختصون، ظاهرة التسرب من المدارس في العراق إلى عوامل رئيسة، أبرزها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الأسر، ما يضطر العديد من الأطفال إلى ترك التعليم بحثًا عن فرص عمل. وذكر مختص فضل عدم ذكر اسمه لـ (الزمان) امس انه (هناك اسبابا ونتائج عدة لهذه الظاهرة ومنها، ضعف الإمكانية المادية للأسرة)، مبيناً ان (الإحصائيات تشير لوجود 40 بالمئة، من العراقيين باستثناء إقليم كردستان، يعيشون تحت خط الفقر).
ظاهرة تسرب
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور ج ع ان (تقارير محايدة وضحت ان نسبة الفقر في العراق تقترب من حاجز 40 بالمئة)، لافتاً الى ان (العامل الاقتصادي يلعب دوراً رئيسياً في سعة حجم ظاهرة التسرب، كما ان عدداً غير قليل من أطفال الصف الأول يتركون الدراسة بسبب عدم التأقلم مع الأجواء الجديدة في المدرسة، وذلك لعدم تهيئة الطفل للمرحلة الابتدائية، وقلة عدد رياض الأطفال، فضلاً عن ضعف النظام التعليمي في المدارس الابتدائية، حيث يؤدي عجز هذا النظام عن تحقيق الأهداف التربوية، وكذلك عدم توفير المناخ المناسب للطفل داخل المدرسة، او تنمية قدراته وإمكانياته، مايؤدي الى عجزه بالوصول للغاية المنشودة من الدراسة، وبالتالي يضطر الى ترك المدرسة)، بحسب تعبيره، ويشاطر المشرف التربوي، نزار جعفر زميله بكل ما ذكره من اسباب حول هذه الظاهرة، ويضيف ان (هناك اسباباً تتعلق بعدم توفر الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الأسرة، او إدراكهم لمدى الضرر لاحقاً جراء انقطاع أطفالهم عن المدرسة، الى جانب الانتشار الواسع والكبير للمدارس الاهلية وارتفاع تكاليفها بشكل يفوق امكانية اغلب العائلات العراقية، وايضاً تأثير النظرة المتخلفة لتعليم الإناث والعادات والتقاليد العشائرية، والزواج المبكر للإناث، وخصوصاً في الأرياف والاحياء الفقيرة المحيطة بالمدن الكبيرة، وكذلك التطرف الديني).
في السياق ذاته، اشار المسح الميداني الذي اجري قبل فترة قصيرة الى (انخفاض نسبة التحاق الفتيات بالمدارس الابتدائية عن معدلاتها بين الصبيان، في كل المراحل الدراسية وفي جميع المحافظات)، من جانبه أوضح مدير احدى المدارس الابتدائية، محي محمد حسن، انه (قد يكون للمعلم دوراً كبيراً وفاعلاً في قبول ورفض التلميذ للمدرسة، لمحبته ورعايته النفسية والعقلية والاجتماعية، وذلك يخلق حرصاً عند الطالب على الذهاب الى المدرسة طوعياً، دون تدخل الاهل، والعكس)، منوهاً الى ان (التلاميذ احياناً يسلكون أساليب ملتوية في التعامل فنرى شخصيته تضعف وينتابه الخوف والفزع من المعلم، ومع تطور الأحداث يهرب أو يتقاعس عن الدراسة)، بدوره اكد قاسم حسن كاظم، معلم لاحدى المدارس المتوسطة، ان (عدم استخدام كثير من المدارس للطرق الحديثة والمشوقة، والتي تعتمد على وسائل الايضاح، التفكير الذهني، والحيوية داخل الصفوف، وكذلك الافتقار الى برامج منتظمة في المدارس الابتدائية، وقلة النشاطات والفعاليات سواء داخل المدرسة أو خارجها كالمسابقات الرياضية والسفرات الترفيهية، جميعها عوامل تسهم بشكل كبير في زيادة نسبة الطلبة المتسربين من المدارس، وبكافة مراحلها)، على حد قوله. من جهتهم ذكر أولياء الامور، احمد سعيد حسن، والد تلميذ من كربلاء، لـ (الزمان) انه ( للاسرة دوراً مهماً في مساعدة ابنهم بالاستمرار بدراسته، وعدم التسرب منها، عن طريق الاتصال الدائم مع ادارة المدرسة، متابعته بالزيارات المتكررة لادارة المدرسة، بهدف الاطلاع على احواله ووضعه الدراسي، والتدخل في حل أي مشكلة قد تحدث).
وضع اقتصادي
في حين يذهب خالد محمد علي، والد احد طلبة الاعدادية الى اتجاه اخر فيقول، ان (مصاعب الحياة والوضع الاقتصادي الصعب الذي نمر به يقف في اكثر الاحيان حائلاً دون متابعة ولده، ومدى التزامه في دوامه).
منوهاً الى (تقديم النصيحة باستمرار لولده لتجنب اهماله دراسته)، اما سالم كاظم، فيضيف (لا ادري كيف يتعلم ابنائنا دروسهم وهم يجلسون على الارض في صفوفهم، رغم قساوة الاجواء سواء في فصل الصيف او الشتاء)، مشيراً الى (رغبته في انهاء مشوار ابنه الدراسي لاصطحابه الى العمل، لكنه تراجع حفاظاً على مستقبله).
ودعا كاظم، وزرارة التربية ومديرية المحافظة الى (الاهتمام بأبنائهم الطلبة اكثر، فهم جيل يحمل على اكتافه مستقبل هذا البلد)، على حد وصفه. ولاستقراء اراء بعض الطلبة الذين لا يميلون للدراسة، ويتعمدون التسرب الدائم منها، يوضح طالب في مرحلة الإعـــدادية، انه (لا يملك اية ميول للدراسة، ولا يحبذها ويخرج من البيت صباحاً، موهماً اهله بالذهاب الى المدرسة)، وتابع انه (يتجه الى المقهى مع بعض الطلبة لممارسة لعبة البليارد وكرة الطاولة)، ويبين طالب اخر انه (مجتهداً بالدراسة، ويمكنه الاستمرار في دراسته حسب شهادة اساتذته في المدرسة، نقلاً عنه، لكنه اضطر لتلبية رغبة والده في ترك الدراسة للعمل في محل، لاعالة اسرته التي تتكون من تسعة افراد).