سياسة إيران البهلوية تجاه الأكراد في كتاب جديد
السليمانية - باسل الخطيب
أكد باحث كردي أن الدولة الإيرانية سعت إلى بناء «الأمة الإيرانية» منذ بواكير القرن العشرين، من خلال فرض سلطتها المركزية على مختلف مناطق البلاد، لتعزيز «الهوية الإيرانية» واستيعاب الفروقات الثقافية مع تقليص نفوذ السلطات المحلية، مبيناً أن تلك السياسة لم تحظ بقبول المجتمع الكردي تماماً، ما أدى إلى اندلاع صراعات مسلحة عنيفة.
مناطق كردية
جاء ذلك في كتاب للباحث د. هري مهدي ميكة، بعنوان «سياسة إيران تجاه الكورد بين عامي 1921- 1941» صدر عن «مركز كوردستان للوثائق والدراسات الأكاديمية» في جامعة السليمانية، ركز من خلاله على السياسات العامة للدولة البهلوية الأولى (1925-1941) في إيران، مع تسليط الضوء بنحو خاص على المناطق الكوردية في تلك الحقبة.
وقد تناول الكتاب الأوضاع السياسية في المناطق الكردية، والسياسات العامة للدولة البهلوية، وردود فعل الكرد على السياسات الثقافية والعشائرية للدولة المركزية، بالإضافة إلى الانتفاضات الكوردية وتأثيرها على سياسة إيران الخارجية مع كل من تركيا والعراق.
واستعرض المؤلف في كتابه، السياسات الثقافية والقبلية التي تبنتها الدولة الإيرانية المركزية في المدة من 1921 إلى 1941، بالإضافة إلى تحليل ردود فعل الكورد تجاه هذه السياسات، باستخدام المنهج التاريخي الوصفي التحليلي، مستنداً إلى مصادر فارسية، كردية وعربية، من بينها كتب، مذكرات ووثائق تاريخية إيرانية حديثة.
وأوضح الباحث في كتابه، أن المدة من 1921 إلى 1941 تعد واحدة من أهم المراحل في تاريخ إيران الحديث، حيث شهدت تحولات سياسية، ثقافية، اقتصادية واجتماعية جذرية. إذ تغيّرت الرؤية السياسية للدولة مع ظهور الدولة البهلوية الأولى، حيث أصبحت المركزية والتحديث جوهر السياسة العامة، وتم التركيز على تنفيذ البرامج الثقافية، التعليم المتساوي، وإعادة هيكلة القبائل ضمن إطار مشروع بناء «الأمة الإيرانية». ونتيجة لهذه السياسات، واجهت المناطق الكوردية تغيرات اجتماعية وسياسية كبيرة، وتراوحت ردود الفعل بين قبول جزئي ورفض عنيف.
وخلص المؤلف إلى أن سياسات الدولة الإيرانية آنذاك، كانت تهدف إلى فرض الاستقرار الأمني، توحيد المجتمع، تعزيز الهوية الإيرانية، واستيعاب الفروقات الثقافية مع تقليص نفوذ السلطات المحلية. لافتاً إلى أن المناطق الكردية شكلت محوراً رئيساً لتطبيق تلك السياسات، إلا أن نتائجها وتقبل المجتمع الكوردي لها كانت متباينة. فبينما تم قبول بعض السياسات، فشلت أخرى وأدت إلى اندلاع صراعات مسلحة عنيفة.
وتناول الجزء الأول من الكتاب، الجغرافيا التاريخية والوضع السياسي للمناطق الكردية، حدود المناطق الكردية، المناطق الكردية ضمن التقسيمات الإدارية، التركيبة الاجتماعية والقبلية، الوضع الاجتماعي والسياسي، أرضية ظهور الحركات القومية الكردية.
واستعرض المؤلف في الجزء الثاني، السياسات والبرامج العامة للدولة البهلوية الأولى، المبادئ الفكرية للسياسة العامة للدولة، الهوية وبناء الأمة، التحديث والمركزية وبناء الدولة، السياسة العسكرية ودور الجيش، السياسة القبلية.
مؤسسات سياسية
وفي الجزء الثالث من الكتاب، تناول المؤلف سياسات الدولة البهلوية الثقافية وردود الفعل الكردية تجاهها، مؤسسات سياسية وشخصيات ثقافية ضد الدولة، التنظيمات السياسية في المناطق الكردية، موقف الشخصيات الدينية والسياسية في المنطقة، سياسة تغيير الملابس وخلع الحجاب وتغيير وضع المرأة وسياسة التعليم في المنطقة الكردية.
وتطرق المؤلف في الجزء الرابع إلى عواقب السياسة العشائرية وتأثير الكرد في العلاقات الخارجية، ردود الفعل العشائرية الكردية على سياسات الدولة، ردود أفعال وانتفاضات (سمكو شكاك، جعفر سلطاني لاهوني، محمود خان دزلي، سردار رشيد أردلان ومحمد رشيد خان باشا)، دور الكرد في العلاقات الإيرانية التركية، دور الكرد في العلاقات الإيرانية العراقية والوحدة السياسية الكردية ضد الدولة المركزية.
وقد تم نشر هذا الكتاب بدعم من رئاسة جامعة السليمانية، ضمن جهود تقديم رؤية كردية للثقافة والتاريخ والوثائق المتعلقة بالكرد وكردستان.
يذكر أن مركز كوردستان للوثائق والدراسات الأكاديمية»، هو مركز أكاديمي تابع لجامعة السليمانية، متخصص في التوثيق والبحث، يعمل على جمع وحفظ الوثائق المحلية والأجنبية، إضافة إلى الأرشيف الصحفي الكردستاني، والمخطوطات الكردية، والتاريخ الشفوي. كما يقوم بإجراء البحوث والأنشطة العــــــلمية في هذه المجالات.