الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
(الزمان) تخوض الحرب الرابعة  بقامة مرفوعة

بواسطة azzaman

(الزمان) تخوض الحرب الرابعة  بقامة مرفوعة

أحمد عبد المجيد

 

قد يكون ما اكتبه ضرباً من الخيال أو هو عين الحقيقة ،وفي الحالتين ،فأن العدد 8000 حفزني على استرجاعه:

لا أرى في تجربتي الصحفية ما يفيد كثيراً، برغم اني عاصرت أربعة حروب، قدر أن اعيش ويلاتها ومآسي ضحاياها. الأولى وهي الحرب الاطول في التاريخ الحديث، وقد ذكرت بعض مما يمكن قوله بشأن أيامها وعدد من شخوصها الفاعلين، وصدر في كتاب قبل بضعة أشهر في بيروت عن الدار العربية للعلوم بعنوان (هذا نصيبي من التضامن)، أما الحرب الرابعة فهي الأشرس. ويصح عدها حرباً كونية بامتياز، حيث بلغ مجموع ضحاياها اكثر من خمسة ملايين، منها في العراق 23 ألفاً و 643 حالة وفاة وعدد إصاباتها تجاوز 257 مليوناً حول العالم منها في العراق مليونان و 7 ألاف. وأعني بها جائحة كورونا او كوفيد 19.

حروب سابقة

واذا كان مسرح الحروب السابقة هو جبهات القتال، وقد كلفنا بتغطية وقائعها، كمراسلين حربيين، فان الحرب الراهنة التي تقول منظمة الصحة العالمية انها مازالت تقتل 1700 شخص اسبوعيا، لا مسرح لها تدور فوقه الاشتباكات، ولا عدو تراه لكي تتفادى القصف والموت، بل ان العدو فيها يتمثل بفايروس لا تراه العين المجردة، وقد يدهمنا في منازلنا أو اماكن عملنا، بل وحتى في مواقع لهونا ومخادعنا. وهذه الحرب خضناها، منذ يومها الاول، فغطينا وقائعها وزحفها واثارها الكارثية، مثلما تولينا نشر ما يتعلق بطرق مكافحتها، وقدمنا للرأي العام، في اطارالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، الارشادات الواجب اتباعها لتفادي الاصابة أو تجنب فقدان الأحبة ، وجهود الجيش الابيض في ايقاف الموجات اللاحقة من الوباء وانقاذ المصابين.

وبقدر تعلق الأمر بجريدة (الزمان)، التي أرأس تحرير طبعتها في العراق، فاني أوجزت تجربتي في هذه الحرب في مقال نشرته في العدد رقم 7000 من الجريدة.

لقد ذكرت بعض سمات هذه الحرب في الساحة الصحفية، انطلاقاً من تجربة ذاتية:

اولاً- ان عدداً من العاملين في (الزمان) وجدوا انفسهم فجأة ضحايا الجائحة، لكنهم لم ينسوا واجباتهم في العمل او يقطعوا صلتهم بالمهنة التي تعيش في ضمائرهم.

ابتكار وتدابير

ثانياً: ان جيلاً من الشباب العاملين في الجريدة كانوا وراء استمرار صدور (الزمان) دون توقف وابتكار تدابير مقاومة التعطيل، من خلال اتقانهم مهارات التقنية الرقمية، سواء في التصميم الذي يعد بالنسبة للزمان نظاماً فريداً في العراق، لانه يعتمد برنامج (الناشر الصحفي)، وامكن لهم عبر وسائط الاتصال المتاحة، العمل من منازلهم طيلة ايام الحجر الصحي الذي منع التحرك العام و شمل الصحفيين، الا من كان عندهم تصريح.

ثالثاً: ان انقطاع الادارة الصحفية، لأي سبب من الاسباب، ومنها ظروف الاصابة بكورونا، لا يؤدي الى  تلكؤ العمل وتزايد تحديات الصدور، ما يدل على ان هذه الادارة تحسن اختيار المسؤولين عن الاقسام وتعتمد معيار الكفاءة المهنية في التوظيف.لقد جربت هذا التحدي ،قبل أشهر عدة أيضاً ،يوم انشغالي الاكاديمي التدريسي في معهد العلمين للدراسات العليا،وانقطاع سكرتير التحرير بسبب طارئ في اليوم ذاته ،لكن الجريدة لم تتوقف او يتلكأ اصدارها ،وتولت زميلتنا ندى شوكت بالتعاون مع رئيس القسم الفني كمال مصطفى والمحررة ابتهال العربي تهيئة الصفحة الاولى واصدار الجريدة بكل انسيابية. يومها تذكرت قولاً للفيلسوف كونفوشيوس (اذا كنت تخطط لعام واحد فازرع الأرز، واذا كنت تخطط لعشرة اعوام فأزرع شجرة، أما اذا كنت تخطط لمئة عام فقم بتربية ابنائك)،فعلاً ان جميع العاملين في (الزمان) هم ابنائي.وأعترف انني استلهمت هذه المبادئ من جوهر فلسفة الادارة الاعلامية للاستاذ سعد البزاز..سكة ومشيت عليها.

رابعاً: كانت (الزمان) أول  مطبوعة محلية تلجأ الى تقنية (أون لاين) في اصدار اعدادها اليومية، معتمدة 4 صفحات، آخذة بالتصاعد الى 12 صفحة في الاسابيع اللاحقة من الأشهر الثلاثة التي شملها الحظر الصحي. وهذه تجربة غير مسبوقة تطلبت توزيع محتوى الصفحات بين المصممين في منازلهم، في حي الجهاد والزعفرانية، ومحررين يصوغون المواد الصحفية، وهم في منازلهم ايضاً، الموزعة بين الكرادة والغزالية والجادرية، فيما قد تصل مواد اخرى للنشر من المركز الرئيس للجريدة في لندن.

خامساً: ان الجريدة لم تنس مؤازرة الكتاب المشاركين والمتفرغين الذين أمدوها بمقالاتهم ومنتجاتهم الصحفية،خلال الأشهر العصيبة،  برغم ان (الزمان) بحكم الازمة المالية الناجمة عن تراجع اسعار النفط عام 2014 وتمدد داعش في ثلاث محافظات، تعدهم متطوعين في صفوفها.

ان هذه المخرجات في الصراع مع جائحة كورونا والازمات المالية والعامة في البلاد، لا تمثل سوى جزء من أزمات ممتدة، تركت الحكومات المتعاقبة تفاصيلها تتراكم، واعباءها تفاقم المشهد الصحفي العراقي، بكل ما يحفل به ، من تداعيات وخروقات للقواعد المهنية والاخلاقية.

 

 

 

 


مشاهدات 336
الكاتب أحمد عبد المجيد
أضيف 2024/10/01 - 2:37 AM
آخر تحديث 2024/10/14 - 3:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 246 الشهر 5733 الكلي 10035456
الوقت الآن
الإثنين 2024/10/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير