(الزمان) إشراقة شمس وفجر جديد
حميد علي موسى
ابتدأت علاقتي بصحيفة الزمان الدولية التي أسسها الاعلامي البارز سعد البزاز في لندن بالعاشر من نيسان عام 1997 منتصف عام 1998 عندما كنت اعمل مستشاراً صحفيا في سفارة العراق بتونس ..حيث وجدت فيها ضالتي واهتماماتي وما كنت ابحث عنه على صفحاتها التي كانت مليئة بالمواضيع السياسية والفكرية والاجتماعية والتاريخية والفنية المختلفة بالاضافة الى حلقات مذكرات وسير الشخصيات السياسية والعسكرية العراقية التي تركت بصماتها في تاريخ العراق الحديث ..وما تجود به تقارير واخبار مراسليها الرصينة الذين انتشروا عل مديات اقطار الوطن العربي ودول العالم ..
وتحملت ..ما تحملت جراء اشتراكي اليومي للحصول على نسخة من الصحيفة من مكتبات العاصمة التونسية من العيون التي كانت منتشرة هنا ..وهناك ومن اللوم من هذا ..وذاك باعتبار ان الصحيفة ورئيس تحريرها قد خرجا عن المنهج السياسي العام واختلفا وتقاطعا مع توجهات الدولة التي كنت اعمل في احد ركائزها خارج العراق ولم تشفع لي صفتي الصحفية والاعلامية كوني اعمل ايضا مديرا لمكتب وكالة الانباء العراقية والموسسات الاعلامية العراقية الموجودة في ساحة عملي التي توجب عليّ الاطلاع عل كل الصحف والنشريات الاخرى التي توزع هناك .. حتى تفاجأت يوما ان تطلب مني دائرتي ارسال نسخة من بعض اعداد الصحيفة مع الصحف التونسية الاخرى التي ترسل لهم اسبوعيا الذي اعطاني ووضع بين يدي عذراً خفف عني الضغوط النفسية والاعتبارية والوظيفية المتواصلة ..
وانقطعت تلك العلاقة مع الصحيفة بعد نقلي الى المركز في بغداد نهاية شهر تشرين الاول عام 2001 ولم اعد احصل على نسخ منها بالرغم من قرب عملي لمركز ورأس القرار بالوزارة الذي يتطلب عملي الجديد فيها الحصول على تقارير واخبار الصحف العربية والدولية حتى التي تتقاطع مع توجهات الدولة ...حتى عادت تلك العلاقة مجدداً بعد عام 2003 وبالتحديد بعد صدور الزمان _ طبعة العراق _ التي تولى رئاسة تحريرها الصحفي والاعلامي اللامع الزميل الدكتور احمد عبد المجيد الذي يحظى باحترام وتقدير وثقة اغلب العاملين بالوسط الصحفي لما يمتلكه من دماثة الخلق الرفيع والهدوء والتوازن والرصانة الصحفية التي اهلته بجدارة وامتياز لأن يستقطب للكتابة لها طيفاً واسعاً من الاقلام الصحفية الرائدة والشخصيات الفكرية والسياسية والادبية المعروفة لمختلف الاتجاهات والمشارب وبذلك جعل من صفحاتها منبراً سياسياً واعلامياً وصحفياً اميناً صادقاً لجميع اطياف الشعب العراق وقومياته وتطلعاته المشروعة في حرية ابداء الرأي والرأي المقابل الا ما يتقاطع منها مع الثوابت الانسانية والاخلاقية دون انحياز لطرف على حساب الطرف الأخر وترك للمتلقي والقارئ حرية تلمس الموقف الصحيح والرأي الناضج وترجيحه في ذلك المسار الصائب ..فاضحت صفحاتها ملاذاً للمفكرين والاكاديميين والكتاب والصحفيين واصحاب الرأي للتعبير عن افكارهم وارائهم بحرية تامة ليس عليها رقيب سوى رقابة الضمير لكنها اشترطت كما اعتقد من خلال الاطلاع على ما ينشر ان لا تثير طروحاتهم الضغائن والفتن وتمزيق اللحمة الاجتماعية والهوية الوطنية وتهدف الحفاظ على وحدة البلد ارضاً وشعباً ..
اسماء مفكرين
فكانت اسماء المفكرين والسياسيين والصحفيين ورجال الدين والفنانيين والتشكيليين لامعة احتلت اعمدتها وصفحاتها بمواضيع وكتابات مثار الاحترام والتقدير تنبع من اصالة ونضح عقلي وفكري ناضج وراسخ لمختلف الاتجاهات .. وهو منهج تفردت به الزمان عن مثيلاتها من الصحف الاخرى ..
واختطت الزمان طبعة العراق منحى وبصمة لها ميزتها عن الصحف الاخري يقف خلفها الصحفي الرائد رئيس تحريرها بانفرادها باعمدة ومسميات جديدة عكست جوانب كثيرة من النشاط الاجتماعي للمثقفين والشعب العراقي والعربي باكمله ..وتبنت طريقا جديداً رائداً يقف خلفه مؤسسها الصحفي والاعلامي البارز سعد البزاز وزميله الدكتور احمد عبد المجيد بتكريم عدد من المبدعين بقلادة الابداع الذهبية واقامة احتفالية تليق بهم يمنح خلالها المكرمين ما يستحقونه من دعم معنوي ومالي لقاء عطائهم في مسيرتهم الابداعية شمل عددا لايستهان به من الرواد من المفكرين والفنانين والصحفيين .. وكان اخر من تقلدها الصحفي الرائد الزميل زيد الحلي الذي اعطى الكثير من الجهد الرائع وسخر قلمه لخدمة شعبه وأمته منذ بواكير شبابه وانتظامه في مسيرة صاحبة الجلالة ولحد الان امد الله في عمره ليكون قدوة صحفية للاجيال الشابة المقبلة ...ولعمري انه منهج جديد كانت الزمان الدولية وطبعة العراق سباقة به ويسجل مأثرة لها في سفرها الصحفي ..
مسيرة صحيفة
ولمناسبة صدور العدد رقم ( 8000 ) فانه لشرف لي ان اساهم مع زملائي الاخرين للكتابة عن مسيرة الصحيفة الغراء التي صدرت طبعة بغداد منها في ظروف صعبة وحالكة ومعقدة بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلد وهو الذي يسجل لها ولصحفييها ومراسليها المبدعين بالفخر والاعتزاز بتخطيهم تلك الظروف بمهنية عالية وكفاءة يشار لها بالبنان وصمدوا بشجاعة الفرسان امام الرياح العاتية التي كانت تهب في تلك الايام العصيبة .. فالف تحية ..وتحية لصحيفة الزمان وقبلة على جبين روادها من الذين كانت له لبنة في جدار بنيانها الشامخ.. وللزملاء العاملين فيها خلال سنوات مسيرتها ... والرحمة والرضوان لمن غادر الدنيا منهم ..ولكـــل الاقلام الشريفة الحرة التي نضحت فكراً نيراً اضاء طريق الحرية والكرامة ..