منبر للأقلام الشابّة والأداء المهني الحر
سعد ناجي جواد
رغم قدم عهد الصحافة في العراق، والتي بدأت منذ صدور اول جريدة (جورنال عراق) في عام 1816، وتلتها جريدة الزوراء في 1869، واللتان ارّختا لعراقة الصحافة العراقية، الا ان هذه الصنعة او المهنة ظلت تعاني من مشاكل عديدة اهمها ان الصحف ظلت قصيرة العمر، وهو السبب الذي أفقدها خاصية الديمومة والاستمرارية ومنعها من ان تنتقل الى مرحلة تجعل منها عملا مؤسساتيا مستمرا. وظل تاريخ اي جريدة لا يتعدى ثلاثة عقود من الزمن. وحتى هذا العمر لم تستطع بلوغه الا الصحف الحكومية التي استطاعت ان تؤمن لنفسها الاستمرارية بسبب الدعم الحكومي. اما مشاريع اصدار صحف من قبل أشخاص فلقد كانت في الغالب تلجا الى الاعتماد على جهات تمويلية، ولم ينتج عن ذلك سوى التحكم بالصحيفة ومسارها.
صحف رصينة
جريدة الزمان ظهرت في العراق في وقت دمر فيه الاحتلال كل التاريخ والتجارب الصحفية في العراق، واشياء اخرى كثيرة، وكانت من أوائل الصحف الرصينة التي وضعت بين يدي القاريء العراقي، مستندة الى حقيقة انها كانت تصدر خارج العراق قبل ذلك، وهذا السبب هو ما جعلها تاتي بخبرة سابقة وقاعدة ثابتة، ميزتها عن الكم الهائل من الصحف التي ظهرت في بداية الاحتلال والتي افتقد غالبيتها القاعدة المهنية والتعامل مع الأخبار بحيادية الصحفي الملتزم. وحسب ما اتذكر انها بدأت ايضا مشروعا مهما تمثل في انشاء مركز للأبحاث لرفد الجريدة بالمعلومات والتحقيقات الصحفية، ولكن هذا المشروع الطموح لم يستمر طويلا.
تَكَرْم السيد رئيس تحرير طبعة العراق الاخ العزيز الاستاذ احمد عبد المجيد بموافقتي بنسخة الكترونية جعلني اطلع على الزمان يوميا، بل وفي ليلة اليوم الذي يسبق صدورها. واستطيع ان اقول، وبعد كل سنين الغربة التي فُرِضت عليّ، بان جريدة الزمان اصبحت مصدر معلوماتي الأهم عن ما بجري في عراقنا الحبيب، بل وأصبحت صلة من صلاة الوصل القليلة مع اهلي وناسي. هذه الصلة التي احرص عليها أعطتني الانطباع، وربما اكون خاطئا، بان لي بعض الحق في ان ابدي عنها رأيا اخويا مجردا من اي غرض آخر، وعسى ان أوفق في ذلك دون ان أسيء لأحد.
ما يعجبني في الجريدة ككل وبصورة عامة هو الطريقة المهنية التي تدار بها، وتعجبني عملية فسح المجال للأقلام الشابة، وفكرة القبول بأسلوب نشر الاراء في سطور قليلة جدا لتمرير آراء او افكار سريعة، وباب اخبار فلان الفلاني، واقرأ بشغف متابعات المظاهر السلبية التي كثرت في مجتمعنا، ولو اني في بعض الأحيان اجد ان ذلك يتم بأسلوب مخفف لا ينسجم مع فداحة بعض الظواهر.
واعود واقول لنفسي ان كل عالم بما يجري في العراق يفهم السبب، اذا قد تكون النتيجة حرمان القراء من جريدتهم المفضلة.
ما لا يعجبني في الزمان بعض الكتابات التي تساير المظاهر الخاطئة والمرفوضة التي انتشرت بعد عام 2003 كالقضايا التي تفوح منها رائحة عدم احترام للوحدة الوطنية، او بصورة ادق لا تراعي الآثار السلبية التي تنتجها على وحدة المجتمع العراقي، ولا احب نشر مواد تعطي الانطباع بانها تساير مظاهر طائفية او شوفينية تشجع الفرقة بين ابناء الشعب الواحد، وهذا امر لاحظته لدى كتاب من كل المكونات.
مقالات رئيسية
في احيان كثيرة اجد متعة كبيرة في قراءة بعض المقالات الرئيسة او ذكريات جميلة ومفيدة لكتاب اكن لهم ولتاريخهم الوطني والأدبي كل الاحترام والتقدير. ثم افاجأ بان هناك في نفس العدد مقالا آخر اعتبره لا يستحق ان ينشر في صحيفة مرموقة. ربما اكون مخطئا، وربما سيكون هناك من يقول ان ما لا ترض انت عليه له قراءه ومتابعيه، ولكني اعود واقول، وبكل احترام لاراء الآخرين، ان محاربة المظاهر السلبية وكل ما يروج لها اهم بكثير من كتابة مواضيع تداعب مشاعر أشخاص لعبت بتفكيرهم الدعايات والأهواء التي زادت بعد الاحتلال. وأعيد واكرر بان هذا راي شخصي بحت اتمنى ان لا يسيء لاحد.
الوصول الى العدد 8000، انجاز كبير بالنسبة لمشروع لا يحظى بدعم حكومي، ولكن الاصعب هو كيفية الحفاظ على هذه الاستمرارية وبنفس النفس المهني. الحيادية التي تتمتع بها الصحيفة مسالة تشكر عليها، ولكن الجريدة تظل مطالبة بان تترك هذه الحيادية عندما تنشر مسائل تتعلق بمستقبل العراق والعراقيين ووحدتهم ووحدة ارضهم.
الف مبـــــروك للزمان وللقائمين عليها، وعسى ان يحتفلوا بالعدد 10000 وهم يتمتعون بالصحة والعافية والقابلية على العطاء ان شاء الله.