(الزمان) بين مؤسسها و حادي ركبها
قاسم حسين صالح
ما كان سهلا على مطلوب من حاكم طاغية، يمتلك جهازه الأمني الخاص ومخابراته ان يصدر جريدة تتحدث عن مصيبة شعب وكارثة وطن وتبشر بطريق الخلاص. ومع ادراكه انه «من الحماقة ان يغامر بإصدار صحيفة كبرى فرد هو مجرد شخص واحد أيقظ الغضب ما كان يحلم به طويلاً ويخطط له مراراً ولم يفعله».. فكانت (الزمان) التي اسسها سعد البزاز في نيسان 1997 لينافس بها صحفا كبرى تقف وراءها دول ومشايخ ومخابرات جاءت الى لندن حيث مربط العرب الهاربين من اوطانهم بحثاً عن الحرية او بحثاً عن الوجاهة.. لتصبح عبر ربع قرن حقيقة في تاريخ الصحافة العربية الحديثة..تطبع في لندن وبيروت والمنامة وبغداد والبصرة، وتنشأ مكاتبها في انحاء العالم، لتصبح موضوعاً للبحث في أطاريح اكاديمية، ومصدر ارق وقلق وشكوى لمن استفرد بالسلطة والثروة.
أسرار الكلمات
ليس هذا فقط بل ان البزاز نجح، سيكولوجيا، في ان يجعل (الزمان) ساحة يبرع فيها اثنان، كاتب وقاريء.. كلاهما يعرف اسرار الكلمات!.. لتستقطب قوافل الصحفيين المحترفين من الروّاد والشباب ومئات الكتاب البارزين من العالم العربي.
و كان البزاز، الذي يمتلك خبرة اعلامية تمتد لنصف قرن، متابعا لانطباع العراقيين عنها ،فوجد أن بعض القراء يرون فيها انها شديدة الصبر والتهذيب،وعابوا عليها نقصان حيويتها ، فيما وجدها آخرون أنها مُغاليةً في المشاكسة.. وعابوا عليها سرعة الغضب وقصر النفس. ويخلص الى انها «في الحالتين لم تكن، كتّاباً وصحفيين، لا شديدة الغضب ولا عالية التهذيب، لكن الذي كان، وما يزال، هو ان زمانها كان يُقلبُها على صفيح ساخن فتشتاط ناراً ثم يلقيها في بحر متجمد فيصيبها الذهول مما يظنه الناس تهذيباً وصبراً وهو ما لا تملكه مهنة الصحافة مهما تعقلّت.. ومهما تجملّت»!
اما عن حادي ركبها فأنني ما كنت اعرف ان حادي ركب (الزمان)، الدكتور احمد عبد المجيد ،هو خريج (كلية الفقه) في النجف. وما كنت اعرف انه ولد في عائلة لها اهتمامات صحفية، وأنه تتلمذ على يدي عمه (طارق الخفاجي) الذي كان يعمل مراسلا في العهدين الملكي والجمهوري وقريبا من مراكز القرار.. التي فكت لغز ان يكون رئيس تحرير جريدة (الزمان) الدولية طبعة العراق كانت تلك الخبرات قد شكلت الأساس الذي اوصل الدكتور احمد الى ان يحجز مكانا مميزا بين الكبار من رجال الصحافة.
وادركت أن احد اهم أسباب نجاح (الزمان) أن الدكتور احمد يمتلك خبرة ميدانية في الصحافة لاكثر من خمسيم سنة، عرف من خلالها فنون العمل الصحفي، وعرف سيكولوجيا القاريء العراقي، ومراكز القرار والمخابرات والامن، وخفايا واسرار صحف رسمية وشعبية (الجمهورية ،الثورة، طريق الشعب، العراق، القادسية ،بابل...).. وأنه كان نائبا لنقيب الصحفيين جعلته يعرف الوسط الصحفي ونفسيات الصحفيين» الحسد، والنميمة والكيد...» . والأجمل ، انه عشق عمله لأنه وجد فيه انه يحقق احلامه، وان الصحافة تصنع من عاشقها نجما.. فكان!
تهنئة لمؤسس (الزمان)، صديق السبعينيات الأستاذ (سعد البزاز)، ومثلها لحادي ركبها الدكتور احمد عبد المجيد، وهي تجتاز بهذا العدد حاجز الرقم 8000 .. مع أجمل الأماني بوصولها المليون.