وخير جليس في الزمان «توقيع»
جاسم محمد صالح الدليمي
لمناسبة صدور العدد ثمانية آلاف من جريدة الزمان الغراء هذه وقفة تأمل في (مقال فاتح عبد السلام) الذي يحمل عنوان «توقيع» وأتابعه منذ أكثر من ربع قرن، حيث تناوله اليومي لقضايا تتصل مباشرة بحياة الانسان العراقي وهمومه ومعاناته يثبت الكاتب فاتح عبد السلام في مقاله للكلمة الحرة النزيهة شرفها وصدقها في الانتماء الى الانسان والتعبير عنه في مختلف أحواله وأشكاله وألوانه وتبدل أزمنته بين يسر مضى وعسر أتى.
هو القاص والروائي العارف بجواهر الكلمات ونفائسها الخبير بإظهار معاني الكلام وخفاياه المتقن لعرض الأفكار وأساليب تقديمها المتمكن من إدارة الحوارات وتنسيقها وبذلك كله أستطاع تأدية رسالته الإعلامية الشريفة بمستوى عال من النجاح وتحقيق أهدافها التنويرية لوعي القارئ والتحريضية له في ذات الوقت للمطالبة بما هو حق له بوطنه وليس فضلا من أحد أو منَّة والتمسك باستحقاقاته الإنسانية في الحياة التي تحفظ له كرامته وتصونها عن المهانة والذلة والسعي بما توافر له من وسائل سلمية للمطالبة بحقوقه تلك من لدن القائمين على إدارة الدولة.
ويدرك فاتح عبد السلام أن الكتابة مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مهام وظيفية أو تكون إبداعا أدبيا ثقافيا أو معرفيا. مسؤولية الكاتب أمام نفسه الحرة المتزنة من أن يزور الوقائع أو يدلس الاحداث ليسقط القارئ في شباك الخديعة وسطحية الوعي والفهم، وأخلاقية بوصفها قيما عليا يعتز بها لبناء ذاته ومجتمعه ويترقى بها ومن خلالها في مدارج الروح الإنسانية النقية وإعمارا لوعي ناضج لا يقبل الغش والتزوير. وفي إطار هذا المعنى لم يكن ولن يكون قلمه في مزادات البيع الإعلامية بل بقي على الدوام يستظل بخارطة الوطن يمضي بها وتمضي معه حيث مسارات خطوطه تتجه بها نحو مواطن الأمن والأمان والبناء والاستقرار والحرية والرقي الحضاري. . يتعاطى الفاتح عبد السلام مع الوقائع والاحداث التي تحيط بالوطن والمواطن بوعي مزدوج أو مركب يتفاعل معها بمستوى معين بوصفه انسانا يعيشها ويتأثر بها، ويستجيب لها بوصفه إعلاميا يؤدي رسالته بشرف وصدق وامانة فيسعى الى بيان تداعيات تلك الاحداث والوقائع وتأثيراتها على الفرد والمجتمع الآن او في المستقبل والكشف عن ابعادها النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغير ذلك بما يضيء ما خفي منها او كان ناقص الإعلان عنها. فنالت بذلك كلمته شرفها الإعلامي وتحققت رسالته بصدق وأمانة.
وحيثما مضى الفاتح تبقى اقدامه تسير ناحية شواطئ دجلة والفرات ويبقى عطشه اليها قائما لا تروي ظمأه مياه عذبة من أنقى عيون الأرض.
تحية لكلمته الشريفة الحرة وتبجيلا لقلمه الأمين النزيه.