الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مصطفى عباس علي مايسترو شاهد نعيه : معظم مصطلحات الموسيقى الشرقية كردية الأصل

بواسطة azzaman

مصطفى عباس علي مايسترو شاهد نعيهمعظم مصطلحات الموسيقى الشرقية كردية الأصل

 

السليمانية - باسل الخطيب

أحب الرسم منذ نعومة أظفاره، وأقام العديد من المعارض، وصدم عندما فقدت غالبية لوحات المعرض التشكيلي الذي أقامه وهو في المرحلة المتوسطة، ليكتشف لاحقاً عرض بعضها في وزارة الثقافة والإعلام، وإحداها في مكتب الوزير! لكن والده أراده موسيقياً وعلمه العود واللغة الإنكليزية وأدخله مدرسة الموسيقى والبالية لكنه فر منها.. إنه العازف والمؤلف وقائد الأوركسترا مصطفى عباس علي، الذي لعبت المصادفة دوراً حاسماً في تحديد مصيره ومسار حياته أكثر من مرة.

أول تلك المصادفات، قادته للدراسة في معهد الدراسات الموسيقية، ليصبح طالباً وبعدها مدرساً بالمعهد في آن معاً، وليصبح موسيقياً بارعاً ومعروفاً قاد العديد من الفرق الشرقية والأوركسترالية.. وثانيها عندما اختطفته جهة متسترة بالإسلام زوراً وبهتاناً، وغيبته طوال سنة كامله، ذاق خلالها أقسى أنواع القهر والتعذيب، حتى كسرت عظام يده وخلع كتفه، وظن أهله أنه قد غيب نهائياً، حتى أنهم علقوا نعيه على جدار منزلهم في منطقة بغداد الجديدة، وثالث الصدف كانت عندما جاء أحد معارفه ليخرج شقيقه من المعتقل، ليصعق عندما شاهده بالصدفة وهو أقرب ما يكون لإنسان الغابة، فأغمي عليه (معارفه)، ولما استفاق صرخ قائلاً «ألست ميتاً.. إن نعيك ما يزال معلقاً على جدار منزلكم»، قبل أن يتمكن من إطلاق سراحه بعد دفع المقسوم!

ورابع الصدف، كانت عندما عاودت الجهة إياها، مهاجمة منزله سنة 2005، وخيرته بين قتله وعائلته أو مغادرة بغداد نهائياً، فخرج وأهله ليقوده القدر نحو إقليم كردستان، ذلك الحضن الدافئ الذي آوى مئات الآلاف من العراقيين أبناء محافظات الوسط والجنوب، الفارين من جحيم الطائفية والقتل على الهوية، حتى استقر في مدينة السليمانية، ليبدأ رحلة جديدة من الصفر تقريباً

وفي السليمانية، لعبت الصدفة دورها معه مجدداً، عندما التقى، في حافلة للنقل العام، أستاذه السابق في معهد الدراسات الموسيقية، ماجد عبد الرزاق، الذي دهش عندما رآه، ولما علم بقصته، دعاه للتدريس في معهد الفنون الجميلة بالمدينة.

يقول المايسترو مصطفى ، لقد «بدأت التدريس في معهد الفنون الجميلة بالسليمانية عام 2006 وقدت أوركسترا السليمانية للمدة 2006- 2016 التي كانت تعزف مقطوعات شرقية وغربية فضلاً عن قيادة عدة فرق موسيقية أخرى»، ويبين «تعرفت على الموسيقى الكردية بنحو تفصيلي من خلال وجودي في المعهد لأكتشف أن العديد من المصطلحات الموسيقية المستخدمة في المقام أو غيره إنما هي كردية برغم أننا كنا نعتقد أنها تركية أو فارسية مثل عبارة داد بي داد المستخدمة في تحرير المقام وتعني الحاكم غير العادل».

ويضيف، من هنا «بدأ السؤال عن ماهية الموسيقى الكردية وهل أن المقامات والآلات الشرقية عربية أو فارسية أو تركية وهو ما لم يكن ممكناً من دون معرفة اللغة الكردية فركزت على أجادتها بلهجاتها المتعددة»، ويشير إلى أن الخطوة الأولى في هذا الشأن «تمثلت بدراسة المصادر الموسيقية العربية وغيرها لاكتشف أن العديد من المصطلحات الموسيقية ذات أصول كردية ومنها كلمة به سته التي كنا نظنها فارسية لكن معناها بالكردية هو الأدق والأصح».

ويوضح أن المصادر العربية «تذكر أن كلمة بستة تعني بالفارسية الرابط وهذا خطأ لأن معناها هو مغلق بتلك اللغة أما بالكردية فتعني أغنية أو لحن وهو المعنى المقصود من استخدمها في الموسيقى»، ويلفت إلى أن العرب يقولون إن «مقام سوز ناك تعني المحروق بالفارسية لكنه بالكردية يعني الحنين أو الشديد الحنية كذلك يقول العرب إن كلمة راست (مقام) فارسية تعني المستقيم ومنهم من يقول أنها عربية مشتقة من كلمة رصد لكن الأتراك خففوها وجعلوها رست في حين أن الكلمة تعني بالكردية الحقيقة وترجعها مصادر أخرى إلى كلمة را ما يعني طريق البداية وفي الموسيقى الشرقية بعامة يعتبر مقام الرست هو البداية أو الأساس وبذلك يكون المعنى الكردي هو المطابق للواقع الموسيقي».

ماء الذهب

ويتساءل المايسترو مصطفى عباس علي قائلاً، :»هل تعلم إن الموسيقار المعروف زرياب كردي الأصل ولد في الموصل وإن معنى اسمه باللغة الكردية هو ماء الذهب وإن أستاذه إبراهيم الموصلي كردياً أيضاً وهو مؤسس أول معهد موسيقي في التاريخ الإسلامي كما ورد في كتاب جمع الجواهر في الملح والنوادر لمؤلفه أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني»، ويتابع أكثر من ذلك أن «أصل أي آلة تحتوي على ثلاثة أوتار كردي».

ويفسر أن «الطنبور هو أقدم آلة وترية في بلاد الرافدين كانت تحتوي على ثلاثة أوتار»، وينوه إلى أن الكرد «ابتكروا آلة أخرى هي بربت صندوقها الصوتي أكبر من الطنبور ووسقفها من جلد حيواني وأن زرياب أضاف لها وتراً رابعاً وغير سقفها الجلدي إلى خشبي وسماها العود وعندما ذهب للأندلس مصطحباً عوده استنسخ الأوربيون من تلك الآلة أخرى جديدة تشبه العود اسموها لوت واستخدموها في عصر الباروك كما صنعوا بعد ذلك آلة أخرى اسموها كيتارا طورت فيما بعد لتصبح الكيتار الحالي».

وبشأن أصل الأوتار الثلاثة في الآلات الوترية، ومنها الطنبور، يقول المايسترو مصطفى ، إنها «تعود للديانة الزرادشتية التي كانت تقدس الموسيقى ويعتمدون شعاراً ثلاثياً هو العمل الصالح والكلمة الطيبة والفكر السليم»، ويواصل أن «آلة الكمان جه التي ابتكرها الكرد كانت في البداية ثلاثية الأوتار ثم أضافوا لها وتراً رابعاً وكانت وما تزال تصنع من خشب الجوز علماً أن كلمة كوان تعني بالكردية القوس وبالمصادر القديمة كانت الآلة تسمى كوان جه أي الالة التي تعزف بالقوس».

وبالحديث عن الفرق بين الموسيقى الكردية ونظيرتها العربية أو العالمية، يقول المايسترو ، إن الموسيقى الشرقية بعامة «تتضمن أرباع الأصوات (التونات) لكن الغربية تتضمن أنصاف الأصوات»، ويشير إلى أن الموسيقى الشرقية «تتألف من سبعة مقامات أو سلالم رئيسة في حين تتألف الغربية من سلمين اثنين فقط يتفرعان إلى ثلاثة سلالم فرعية ليصبح مجموع سلالمها خمسة في حين تتفرع السلالم الشرقية السبعة إلى أكثر من مئة سلم أو مقام فرعي».

 ويوضح أن الفرق بين الموسيقى العربية والكردية والتركية والفارسية «يكمن في أجزاء أرباع (الكوما) الأصوات»، ويؤكد على أن الموسيقى الكردية «متنوعة بسبب تنوع المناطق واللهجات الكردية إذ أن لكل منطقة ولهجة انعكاسها على الموسيقى الخاصة بناسها».

وينوه إلى أن الموسيقى الكردية الصرفة «قليلة بنحو عام وتستخدم في الدبكات والرقصات»، ويستدرك لكن الغناء الكردي «يتألف من قوالب متعددة مثل اللاوك والحيران والبيت وسيا كمانه (سيا جمانه) والهوره ويعتمد على سرد حكايات ملحمية أو عاطفية لذلك يمكن القول إن تلك القوالب أسهمت في الحفاظ على الموروث الثقافي الكردي».

ويتابع، كما «تتميز الموسيقى الكردية بالإيقاعات السريعة والأوزان التي تختلف عن باقي أنواع الموسيقى»، ويذكر أن بعض تلك الإيقاعات «مستخدم من قبل العرب والفرس والأتراك مثل الجورجينا وإيقاعات 7/8 و6/8 و5/8 و9/8 وهي كلها إيقاعات كردية».

وبشأن مشاريعه الجديدة يقول ، إنها «عديدة ومتنوعة ومنها تسجيل أعمال كردية وعربية على آلة الكمان جه مع الأوركسترا «، ويصمت قليلاً قبل أن يكشف عن «مشروع طموح فريد من نوعه يزاوج بين صوت أحد أشهر المطربين العراقيين الراحلين والموسيقى الكردية رواده في الحلم ويعمل على تحقيقه على أرض الواقع».

يذكر أن لدى الفنان مصطفى عباس علي عدة مؤلفات موسيقية، وألف الموسيقى التصويرية لعدة أعمال عراقية أو كردية، منها مسلسلات حب وحرب، زمن حيران، أولاد الحاج، والفلم الكردي القصير توني بابا، فضلاً عن الموسيقى الخاصة بعدد من البرامج التلفزيونية.        

 

 

 

 

 


مشاهدات 265
أضيف 2024/09/17 - 4:09 PM
آخر تحديث 2024/11/24 - 7:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 222 الشهر 10602 الكلي 10053746
الوقت الآن
الإثنين 2024/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير