رحلتي إلى مصر أم الدنيا - 4
نهضة عمرانية رائعة تشهدها القاهرة
بغداد - علي إبراهـيم الدليمي
وأخيراً خرجت من بوابةمطار القاهرة الخارجية، لدخولي الأراضيالمصرية الرحبة، وأنا أكثر نشوة وإطمئنان، وكأني خرجت من معركة ضروس منتصراً.. بعد أن ضمنت من سيستقبلني، ويزيل عني كل أرق وتعب السفر وألغازه المجهولة.
كان هناك شاباً وسيماً فارع الطول أنيق المظهر يرتدي نظارة طبية، وعينياه شاخصتان بقوة تربو نحو بوابة الخروجبحذاقة بين القادمين إلى مصر، وفي يده ورقة مقوى (كارتونة) سمراء اللون، عليها مكتوب إسمي، وبمسافة المترين تقريباً وإذا به أباغتهوأقف بجنبه وأدي عليه السلام، فتفاجأ، وهو يلتفت نحوي، لنرحب بعضنا الأخر بحفاوة.
مكان مطلوب
أخذ «محمد» من يدي الحقيبة الكبيرة، بعد أن أمتنعت عن ذلك، ولكنه أبى إلا أن يتولى أمرها بنفسه، وفعلاًبدأ بسحبها، وأخذ يتفق مع أحد أصحاب (التكسيات)، لينقلنا إلى المكان المطلوب، وقد كان يجادلهم في أجرة التسعيرة،حتى أقتنع محمد بذلك، فضحكت داخل نفسي، وقلت في سري: ماذا لو كنت الآن (بمفردي) لكان نصب عليّ بأكبر مبلغ ممكن!!
وضعنا حقيبة السفر بالصندوق الخلفي، وسارت بنا السيارة، كنت مبهوراً جداً في الشوارع النظيفة، والبنايات الشامخة بين جانبي الشارع، والبنى الفوقية الأخرى ما زال العمل جارٍ بها.. حتى وصلنا منطقة تسمى (شارع الهرم)، وفيها الفنادق الراقية، لا يسكنها إلا ذو حظ عظيم وجيبه ملآن بالدولارات الكثيرة، فالسكن فيها لليوم الواحد فيها (45) دولار وما فوق، يعني بالعراقي يساوي أكثر من (70) ألف دينار تقريباً.. كما انها منطقة هادئة جداً من الساكنين فيها(لا فيها عشب ولا ماء، ولا حركة ولا أي شيء يبعث للحياة).. فبقيت في حيرة من أمري وكان «محمد» يأخذ رأيي في ذلك، فقلت له ولكنها غالية جداً.
جلسنا في إستعلامات الفندق، وطلبت منه أن يكنك لي على موبايله، بشكل مؤقت لحين شراء شريحة معبأة بالنت، فتحت الفيسبوك، قبل أن أتخذ قراراً بذلك، وإذافي هذه الأثناء،يتصل بيّ زميلي الفنان أركان الزيدي، المقيم في القاهرة منذ عشر سنوات، الذي قرأ البوست الذي نزلته وأنا في مطار بغداد، للتنويه بسفري. فقال لي أين أنت، فقلت له بالمكان الفلاني، في القاهرة مع «محمد» إبن أستاذ عماد جمعة، فتعجب وقال لماذا هذه المنطقة، انها غالية جداً، فطلب مني الإنتظار لحين حضوره، وهو سيتكفل بالموضوع، كذلك في هذه الأثناء أيضاً أتصلت بيّ المخرجة العراقية «خيرية المنصور» المقيمة في القاهرة، منذ سنوات طويلة، (بيننا تعاون فني مشترك سابق في موقعها الألكتروني)، لتطمئن على سلامة وصولي، وعندما علمت هي الأخرى بالمكان الذي أنا فيه، فتعجبت وقالت هذه منطقة غالية، فقلت لها سيأتي زميلي أركان الزيدي، ونحل المشكلة.وفعلاً بعد نصف ساعة تقريباً، وصل زميلي الزيدي، وتعانقنا، فقال لي: هذه الفنادق هنا غالية جداً، ولا يسكنها إلا (التوب)، ولكني سأخذك إلى منطقة (وسط البلد) توجد فيها فنادق مناسبة ومريحة وقريبة عليها كل الخدمات.
وفي كل هذه (الدوشة/ اللخبطة) يبدو أن (حمادة– حفظه الله) ليس له معرفة معمقة في المناطق وفنادقها وليس له في وسط البلد أوليات مسبقة..!! وهذه أول مرة تحصل عنده بتكليف من والده.. خصوصاً انه «متزوج» قبل مدة قليلة، ومقطوعة عنده كل الاتصالات الداخلية والخارجية..!!
أجرنا تكسي من منطقة (شارع الهرم) إلى (وسط البلد)، وبعد وصولنا، وقبل أن نبحث عن فندق، طلب الزميل أركان أن نصرف الدولار إلى العملة المصرية (الجنيه) قبل كل شيء. لكي ندفع مقدما لصاحب الفندق، لانهم لا يتعاملون مع «الدولار»، ولكن المشكلة انه لا يتواجد صرافة في المكان الذي نحن فيه إلا بعد مشينا كثيراً، لنعثر على مصرف حكومي، والحمد لله صرفنا المبلغ.. ثم رجعنا لنبحث عن شراء شريحة موبايل، وكذلك حصلنا عليها مع نت مفتوح. وطوال تجوالنا في الشوارع المتقاطعة كان الزميل أركان يؤشر لي على أسماء المكتبات والأزقة والأماكن المهمة وبعض الملاحظات المهمة عنها.
طابق سابع
رجعنا لفندق يعرفه الزميل أركان سابقاً، في عمارة قديمة، ومؤجرة جميع طوابقها لمهن حرفية متنوعة ولم يبق منها إلا الطابق السابع الذي أستغل كفندق، باسم (LY LY)، وبدأنا نتفاوض مع صاحبه، المهم خصص لي غرفة جيدة، بسرير لنفرين، لأنه لا توجد غرفة لنفر واحد، بمبلغ (500) جنيه تسلم يومياً،لعدد الأيام التي سأمكث فيها، اتفقنا على ذلك وسلمني المفتاح وتركت الحقيبة فيها. ودفعت القسط لليوم الأول. ثم خرجنا إلى أحد المطاعم الشعبية، القريبة من الفندق، في شارع الألفي بك، المتفرع من شارع عماد الدين الشهير بالمسارح وصالات السينما القديمة والحديثة، وفيه مسرح نجيب الريحاني، وكان هذا الشارع أيام زمان هو مركز النشاط والإبداع الفني، وفيه كان يلتقي أشهر فناني مصر الكبار. حيث تناولنا وجبة الطعام، بعد جهد متعب طوال النهار،والتي كانت بالنسبة لنا وجبة مشتركة (غداءً وعشاءً) لأننا تأخرنا كثيراً بتناولها.
يتبع الجزء الخامس...