الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المتمرّدون الأقوياء

بواسطة azzaman

المتمرّدون الأقوياء

جاسم مراد

 

المدمنون على تجاوز الشعب ، والسيطرة بالقوة على أموال الدولة ، باتو هم القوة المهيمنة والفاعلة في حركة تدوير المواقف السياسية تحت غطاء الديمقراطية ، وعندما لم تكن الحكومة ناضجة في الأداء وقوة القرار ، فأنه باليمين القاطع تصبح كل ما دون ذلك من قوانين وحقوق شعب ومستقبل أجيال وتاريخ أمة رهناً بأمزجة هؤلاء المتمردين الأقوياء ، لكونهم الأقرب للقرار والأكثر قدرة وفعالية في تدوير الزوايا والوصول لما هو ثمين في هذا البلد ، ونقصد به حق الناس في الحياة وحقهم في العيش وحقوقهم في البناء والتطور .وعلى وفق تلك الازمات الكبرى ، ونعني بها سرقة القرن وقضية جوحي ، وما كشفه رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون تبين كم هو بلدنا منهوب ومخفي عن الشعب ، ومكشوف لحد ورقة التوت أمام شبكات السراق المتمردين الأقوياء ، وكم هو حجم الخلل في النضوج العام الشعبي والتشريعي ، عندما ينشغل الكل بتغيير قانون الجنسية وتزويج البنت من عمر ( 9)  سنوات ويتلها بهذه الأفكار والمواقف إن كانت إسلامية أم إنها تخضع لشهوات المتصابون ، وهذا الامر يحتاج الى توضيح من رجال دين مشهود لهم ومن كل المذاهب لكون هذا الأمر لا يخص مذهباً بعينه ، وكذلك  اضعاف دور ومكانة المرأة في المجتمع وامام الرجل وجعلها أسيرة مواقف الاخرين داخل العائلة وفي محيطها .

ليس هذا هو موضوعنا ، فهذا يحتاج الى مواضيع أخرى كونه يتصل بالتراجع الكبير عن قوانين العائلة والمرأة والحقوق الأحوال المدنية التي شرعت قبل ( 45) عاما وجرى تطويرها أو الاخلال بها .

موضوعنا وما اثار حفيظة وتساؤلات كل المتابعين والمهتمين بقضية وطن هو تلك المصيبة التي اعلنها رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون في أربيل ، حيث أشار الى إن ( نور زهير ) وحده قد حرر صكوك بحدود ( 140) صكاً وكل واحد من هذه الصكوك يعتقل عليه بالحبس لمدة سنة ويعني هو مطلوب للحكم ب ( 140) على وفق القانون .

هي سرقة أم مصيبة

إن الادهى من ذلك بأن سرقات القرن تجاوزت ترليونين من الأموال العراقية وبضعة مليارات وملايين أخرى وان العدد من المشتركين بسرقة القرن ليس ( 11) شخصاً كما يشاع ، وإنما كما يقول بعض المتابعين إن العدد يتعدى ( 50) شخصاً ، وهنا نتسأل هل هؤلاء وحدهم وكيف تجرؤا على السيطرة على مثل هذه المبالغ الضخمة إن لم يكن لهم اطراف او قوى او شخصيات تشكل ( حماية ) لهم ، ثم من هو نور زهير ، فهو كما هو معلوم لم يكن سياسيا معروفا ولا واجه ظروفا استثنائية مثلما جرى للبعض في الظروف السياسية السابقة .إن الانفلات في التعدي على المال العام إن كان على مستوى الصغار أو هؤلاء السراق الكبار ، لم يكن ليحدث بهذه الجرأة إن لم يكن هناك ضعفاً في السلطة وخللا في مؤسسات الدولة ، وهذا الوضع خلق تقاطع بين مزاج الجماهير وعلاقتها بالنظام وبين النظام ومؤسساته المختلفة . وإلا كيف يتم تفسير بأن

ملهاة المجلس بالتزويج

مجلس النواب وهو المؤسسة التشريعية القيمة على حقوق الشعب ، أن تنشغل بكيفية اتخاذ القرار بتزويج طفلة أو صبية عمرها تسع سنوات ، ولا يتوقف عند سرقات أموال الشعب تلك السرقة الترليونية،

إن هذا المجلس مطالب بتأييد المواقف التي تدعو الى المحاكمة العلنية لهؤلاء السراق لكشف حقيقة هذه السرقة أم إن ما اعلن هو خاضع للمزايدات والمناكفات والمراهنات السياسية بين مختلف الأطراف .

بعد مرور اكثر من ( 20) عاما على النظام القائم لم يعد هناك مبرراً البتة تبرير ما يحدث ليس فقط على مستوى السرقات والرشوات وتعطيل عمليات البناء للمصانع والمعامل وتشغيل هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل ويبحثون عن رزقهم وعوائلهم بين الكارتونات الفارغة التي تخلفها المحال التجارية ، بل المطلوب هو النهوض الحقيقي بما ينسجم والتطورات المهمة في محيط العراق وخارجه .بالتأكيد ليس المهم هو تحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك وإنما الأهم هو الكشف كل الأطراف المشتركة بهذه السرقة أو ماجرى لقضية جوحي وغيرها أمام الشعب ، وهنا تقع مسؤولية مجلس النواب لكي يعبر عن إرادة الشعب ، وإلا سيبقى المتمردون على حقوق الشعب الأقوياء في نهب المال العام هم الجهة التي تسرق ثم تختفي لتعود مرة أخرى .وليعلم الجميع إن النظام المبني على المحاصصة لا ينتج إلا هكذا قضايا ، ومنها الفشل في تنصيب رئيس لمجلس النواب ، هو هكذا تورد الابلُ ..

 

 


مشاهدات 62
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/09/10 - 12:36 AM
آخر تحديث 2024/09/14 - 8:35 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 181 الشهر 5445 الكلي 9994067
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير