الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تحالف‭ ‬الأقوياء وتفرق‭ ‬الضعفاء

بواسطة azzaman

تحالف‭ ‬الأقوياء وتفرق‭ ‬الضعفاء

نزار محمود

 

انها‭ ‬مفارقة‭ ‬حقاً‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الأقوياء‭ ‬يتحالفون‭ ‬ويتحدون،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ترى‭ ‬الضعفاء‭ ‬في‭ ‬فرقة‭ ‬ونزاع‭. ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المنطق‭ ‬أنه‭ ‬يستوجب‭ ‬على‭ ‬الضعفاء‭ ‬التعاون‭ ‬والتكاتف‭ ‬والتعاضد‭ ‬لكي‭ ‬يخففوا‭ ‬على‭ ‬شعوبهم‭ ‬ما‭ ‬يعيشونه‭ ‬من‭ ‬بؤس‭ ‬وفقر‭ ‬أو‭ ‬هوان‭ ‬على‭ ‬الناس‭!‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬ذلك،‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يتحالف‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يتعاون‭ ‬الضعفاء؟‭ ‬هل‭ ‬للأقوياء‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬ذلك؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬سأحاول‭ ‬أن‭ ‬القي‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭.‬

في‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬حلف‭ ‬النيتو‭ ‬العسكري‭ ‬وتحالف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬وتعاونهما،‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬حلف‭ ‬وارشو‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الشيوعي‭ ‬الكوميكون،‭ ‬وهم‭ ‬بتحالفاتهم‭ ‬هذه‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬يصعب‭ ‬معه‭ ‬كسرهم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تجاهل‭ ‬هذه‭ ‬التحالفات‭.‬

ازاء‭ ‬هذين‭ ‬التحالفين‭ ‬تعمل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬وغيرها‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬تحالف‭ ‬اقتصادي‭ ‬سياسي‭ ‬هو‭ ‬تحالف‭ ‬دول‭ ‬البريكس‭ ( ‬البرازيل،‭ ‬الصين،‭ ‬روسيا،‭ ‬الهند،‭ ‬افريقيا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وغيرها‭) ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬ربع‭ ‬اقتصاديات‭ ‬العالم‭ ‬وتسعى‭ ‬لان‭ ‬يجري‭ ‬التعامل‭ ‬التجاري‭ ‬بعملتها‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬الدولار‭ ‬الامريكي‭.‬

في‭ ‬أسس‭ ‬التحالفات

من‭ ‬المنطقي‭ ‬ان‭ ‬تقوم‭ ‬التحالفات‭ ‬على‭ ‬اشتراطات‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬أهدافها‭ ‬وامكانات‭ ‬أعضائها‭ ‬وواقعيتها‭ ‬وعمليتها‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬للتحالفات‭ ‬اشتراطاتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ( ‬المعلنة‭ ‬وغير‭ ‬المعلنة‭) ‬والثقافية‭ ‬وكذلك‭ ‬الجغرافية‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭. ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬للتحالفات‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬مصالح‭ ‬مضافة‭ ‬لأعضائها،‭ ‬وقد‭ ‬تلزمهم‭ ‬ببعض‭ ‬التنازلات‭ ‬والتكاليف‭. ‬ان‭ ‬اي‭ ‬تحالف‭ ‬لا‭ ‬يحقق‭ ‬قوة‭ ‬مضافة‭ ‬لكل‭ ‬عضو‭ ‬فيه‭ ‬يكون‭ ‬مهدداً‭ ‬في‭ ‬استمراره،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬استمرار‭ ‬العضو‭ ‬أو‭ ‬الأعضاء‭ ‬الذي‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭.‬

ان‭ ‬خارطة‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ثرواتها‭ ‬وتمركز‭ ‬قواها‭ ‬ومصالحها‭ ‬قد‭ ‬دفعت‭ ‬الاقوياء‭ ( ‬عسكرياً‭ ‬أو‭ ‬اقتصادياً‭ ) ‬للتحالف‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مراكز‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬وادامة‭ ‬هيمنتها،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وعلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ابقاء‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬متفرقة‭ ‬ضعيفة‭ ‬أو‭ ‬جعلها‭ ‬تابعة‭ ‬أو‭ ‬عميلة‭ ‬لضمان‭ ‬تفوقها‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬فنجد‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة‭ ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬انظمتها‭ ‬بالتحالف‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬لأسباب‭ ‬موضوعية‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬اشباعاً‭ ‬لحاجاتها‭ ‬عند‭ ‬بعضها،‭ ‬أو‭ ‬لأنها‭ ‬تخشى‭ ‬غضب‭ ‬الأقوياء‭ ‬عليها‭ ‬وتوقف‭ ‬مساعدتها‭ ‬لها‭!‬

إن‭ ‬الأقوياء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يملكون‭ ‬السياسة‭ ‬والسلاح‭ ‬والعلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والمال‭ ‬والإعلام،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬يطعمون‭ ‬ويعلمون‭ ‬ويحكمون‭ ‬ويقاضون‭ ‬ويحاسبون‭ ‬ويحددون‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الجاني‭ ‬ومن‭ ‬هي‭ ‬الضحية‭! ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬حال‭ ‬اليوم‭ ‬للأسف‭.‬

برلين،‭ ‬28‭.‬03‭.‬2024


مشاهدات 521
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/04/06 - 2:41 PM
آخر تحديث 2024/09/13 - 8:03 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 227 الشهر 5491 الكلي 9994113
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير