أفغانستان في ظل طالبان

خليل ابراهيم العبيدي

تقع جمهورية افغانستان في وسط آسيا الوسطى ، تحدها الصين وتركمستان واوزبكستان وطاجكستان من الشمال ، وتقع إيران في غربها أما باكستان فتحدها من الشرق والجنوب . عاصمتها كابل ، تبلغ مساحتها 653 كيلومتر مربع ،  وان عدد سكانها يناهز ال 40 مليون نسمة ، أراضيها صالحة للزراعة ، وان جبالها وعرة تساعد على حروب العصابات ، وتمتلك مياها وفيرة صالحة للشرب والزراعة . ويخترقها نهر هيلمند ويمر بعدة محافظات أفغانية بطول 1150 كيلو متر ، وتشتهر بزراعة المخدرات .

التركيبة السكانية.

سكنت أفغانستان منذ قرون قبائل مختلفة مارست على مر التاريخ ديانات مختلفة قبل انتشار الإسلام فيها ، وتبنى ساكنوها عقائد واديان مختلفة منها الزرادشتية ، والوثنية ، والهندوسية والبوذية ، وكانت تسمى بلد خراسان وهو الاسم القديم لأرض الأفغان ، فتحها المسلمون عام 624 ميلادية بعيد معركة نهاوند التي جرت بين المسلمين العرب وبين الفرس ،  ومرت على أفغانستان حروبا كثيرة ولأسباب متعددة ، غير أنها ظلت في العموم تدين بالديانة الإسلامية ، وفي عصرها الحديث تتكون البنية الاجتماعية من تعايش عرقيات (اثنيات ) مختلفة وهي .

اولا ....البشتون ، يشكلون ما يقارب 42 بالمئة من سكان افغانستان ، وهم جماعة عرقية سنية تقطن  في مناطق جنوب وشرق افغانستان وبعض مناطق الشمال الغربي ، ولها حضور ضئيل في مناطق أخرى ، يتميز رجالها بالشدة والبأس و تهيمن منذ القرن الثامن عشر على أهم المؤسسات في أفغانستان . والبشتون باللغة الأردية تعني أفغان . وهم من أصول ارية . ويشكل البشتون أغلبية قادة وقواعد حركة طالبان.

ثانيا..... الطاجيك . يشكلون الأغلبية العرقية الثانية في أفغانستان ، وهم من الفرس الأريين يتكلمون اللغة الفارسية ، ويقطنون المدن الاربع الكبرى كابل ، مزار شريف ، كرات ، وغوزني ، ولهم أغلبية في  مناطق الشمال ، ولهم امتداد عرقي نحو طاجكستان .

ثالثا.... الهزارة ، وهم أقلية عرقية تسكن( هزرستان ) في المناطق الجبلية وسط افغانستان ، وهم جزء من قبيلة كبيرة فرقتها الحروب الطائفية ، ولها وجود في إيران ، وهي تنتمي إلى الطائفة الشيعية .ولهم ايضا امتداد في بلوجستان الباكستانية .

رابعا....البلوش...... وهم البلوج ، جماعة عرقية تسكن مقاطعة بلوشستان الأفغانية ، وهي تقع جنوب أفغانستان ، وهي تدين بالمذهب السني الحنفي ، ولهم امتداد في كل من إيران وباكستان ،

خامسا..... الأوزبك ،  وهم مجموعة عرقية تشكل 9 بالمئة من سكان افغانستان ، ويقطنون الأقاليم الشمالية المحاذية لدولة اوزبكستان ، وهم من السنة الحنفية.

سادسا التركمان..... وهم من أصول تركية ، يشكلون 3 بالمئة من سكان افغانستان ، ويسكنون المنطقة الشمالية المجاورة لحدود جمهورية تركمستان ، وهم ينتمون إلى الطائفة السنية .

الملكية في أفغانستان

في عام 1926 تأسست أول دولة ملكية دستورية في أفغانستان على يد امان الله خان ، الذي نادى بحرية الأفغان واراد ان يطور البلاد نحو الحداثة لكنه اصطدم مع المحافظين ، وقام أخيه عناية الله خان بالانقلاب عليه ، غير أنه لم يلبث في السلطة حتى أطاح به حبيب الله كلكاني ، ولم يلبث هو الآخر إلا قليلا في السلطة حتى انقلب عليه محمد نادر ، ومن ثم محمد ظاهر شاه  عام 1933 الذي دام حكمة لعقود كثيرة ، دخلت في حكمه افغانستان عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة ، واوعز ببناء المدارس والجامعات ، وقام بتأسيس مطار كابل ، وفي عام 1965 انشأ اول حديقة للحيوانات، ويعده الأفغان منقدا لافغانستان ، لكن تمت الإطاحة به عام 1973 ، بانقلاب قاده محمد داود خان ، واستمر حتى عام  1978 ، حيث قام بها حزب الشعب الديمقراطي الافغاني بالانقلاب عليه بقيادة نور محمد تراكي ، ودخلت البلاد في حينها حقبة الاحداث السريعة ، حيث تم في عام 1979 الإطاحة بنور محمد تراقي من قبل رفيقه في الحزب حفيظ الله امين ،  والذي تم اغتياله من قبل اللجنة الثورية المركزية الأفغانية لتيدأ حقبة تورط الاتحاد السوفيتي في مستنقع افغانستان ، وقيام ال.C.I.A  بتشكيل تنظيم القاعدة لحرب السوفيت في أفغانستان بعد التدخل السوفيتي في شؤون هذه الدولة المنفتحة طائفيا والمغلقة اجتماعيا .

طالبان من باكستان إلى بلاد الأفغان

يمكن اعتبار تنظيم القاعدة هو الأساس في قيام حركة طالبان في باكستان ، وانتقالها من حيث التكوين والعقيدة إلى أفغانستان ، وأنها قامت مؤخرا بتفريخ تنظيمات كثيرة منها الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وانتقالها إلى أفريقيا وخاصة نيجيريا ( بوكو حرام.) ودول الساحل .

أن أصل كلمة طالبان تعني طلاب العلم في المدارس الدينية الباكستانية ، وقد تأثرت بالحداثة الثورية نتيجة التهام افكار أبو الأعلى المودودي وسييد قطب ،  وانتقلت إلى أفغانستان بحركة سياسية مليشاوية تعتمد النظام العسكري في التشكيل العقائدي للتنظيم ، وبعد مدة قصيرة استولت على الحكم في أفغانستان عام 1996 بقيادة الملا عمر.، واستمرت في الحكم حتى العام 2001 حيث ازاحتها القوات الأمريكية بحرب خاطفة لاعتقاد الويلايات المتحدة أن أسامة بن لادن في أفغانستان وأنه كان وراء تفجير برجي التجارة العالمية، وبعد مضي عقدين من الحروب ، أوعز الرئيس بايدن في غفلة من الزمن بالانسحاب الفوري غير المبرمج للقوات الأمريكية من أفغانستان في آب عام 2021 تاركا لطالبان كل الأسلحة ، ومنها الدبابات وناقلات الجنود وطائرات الهليكوبتر وأسلحة متنوعة أخرى ، وقد قدرت قيمة الذخيرة والمعدات  ب 80 مليار دولار ، مما ساعد على تثبيت حكم طالبان في أفغانستان من جديد .

طالبان تدفع بالافغان

تحتفل طالبان هذه الايام ،، وتحديدا في قاعدة باكرام الجوية ،، بمرور ثلاثة سنوات على تحرير البلاد ( كما تدعي) من المحتل الأمريكي ، وبعد عشرين عاما من المقاومة ، والاحتفال تم بعرض عسكري جوي وبالأسلحة الامريكية، وتتحدث طالبان عن مكاسبها في إعادة أفغانستان إلى الحكم الإسلامي ، وفقا للعقيدة السلفية ، والجدير بالذكر أنها بهذه المناسبة قامت بالاعلان عن  تدمير أكثر من 21 الف قطعة موسيقية خلال عام لأنها من المحرمات والمعاصي ، وان وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قامت بنشاطات كثيرة منها منع أغلبية النساء في أفغانستان من العمل في الدوائر الحكومية ، وفرضت ارتداء الحجاب الشرعي من قبل جميع النساء ، ومنعت ظهور صوت المرأة ، وتم غلــــــــــــق أغلب مدارس الإعدادية للبنات في أغلب المدن الأفغانية ، وقامت الوزارة بإلغاء نشاط 25 الف مركز كومبيوتر في عموم البلاد لأنها تنشر وفقا (لأمريكا نيوز  ) فيديوهات غير أخلاقية ، ووفقا لبعثة الأمم المتحدة في أفغانستان ، فإن الحركة منعت عرض الأعمال الدرامية التي تمثل فيها النساء ، ومنعت الحركة النساء من ارتياد الحدائق ومدن الالعاب والنوادي الرياضية و الحمامات العامة ، وتحاول منع الدراسة المختلطة في مدارس أفغانستان الابتدائية ، وتشير بعض وكالات الانباء إلى غلق الحركة مدارس البنات الثانوية ، وان هناك الكثير من الممنوعات ،على المواطن الأفغاني تجنبها والتي أخذت تبعده تدريجيا عن العالم وتجعل من أفغانستان بلاد خارج المجتمع الدولي جراء عدم اعتراف العالم بحكومة طالبان التي ما زالت تعمل على جر أفغانستان بأفعالها هذه إلى خارج حدود الزمان ..