التوجهات الروسية في الشرق الاوسط العراق نموذجا

فكري عزيز السورچي

ان العراق يشكل نقطة مهمة للتوجهات الروسية في الشرق الاوسط ، لاسيما وان الفعل وتوجه السياسة الخارجية الروسية بدأت توازن بحكمة بين المخاطر الناتجة عن حالة عدم الاستقرار الذي تعانيه هذه المنطقة بشكل عام والعراق وعلاقته بالولايات المتحدة على وجه الخصوص اي تحديد المخاطر الناجمة عن وجود النفوذ العسكري في منطقة الخليج العربي ، منطقة المصالح الاقتصادية بحسب المنظور الروسي، فروسيا ترى بأن العراق مفتاح يمكنها من تحقيق مكاسبها في الشرق الاوسط من خلال اتباعها سياسة برغماتية مصلحية في هذه المنطقة ، وتنظر كذلك على ان العراق  بلد يتمتع بأهمية جيواستراتيجية ملحوظة ، بحكم موقعه الذي يربط ما بين الشرق الاوسط والخليج العربي وتركيا وايران والقوقاز واسيا الوسطى ، وهذا يبرر الجهود الكبيرة التي وظفتها القيادات الروسية قبل عام 2003 في مسار تمركزها في العراق ، على الرغم من ان هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها المنشودة إثر انتكاسة الطموحات الروسية بعد الحتلال الامريكي للعراق .

صحيح ان هناك فجوة قائمة بين السياسة الامريكية والموقف الروسي المتوازن مع قضايا عدة ترى الولايات المتحدة مساره وحدية لها تتفق ومصالحها ، وترى في استبعاد روسيا امرا ضروريا لتحقيق اهدافها بالكامل ويمكننا ان نستنج ان للمتغيرات الامريكية تأثير واضح وكبير في العلاقات الروسية العراقية، وان هذا التأثير مستمر في الواقع ، لاسيما مع وجود حقائق على الارض تثبت ان الولايات المتحدة الامريكية فاعلا رئيساً في العراق ، هذا فضلا عن هيمنتها العالمية التي تجعل نقاط التلاقي والاختلاف مع روسيا فيما يخص الملف العراقي متعدد ، ذلك فإن لدى روسيا من المقاومات الاقتصادية والبشرية والعسكرية والسياسية ما تستطيع به ان تقلل من اثر المتغير الامريكي في علاقاتها مع العراق.

لذلك فإن روسيا لا تتعامل مع الكثير من القضايا والازمات الدولية من منطلق تحالف استراتيجي يقوم على أساس ثابت مع دولة أو اخرى ، وانما يغلب الطابع الانتهازي وسياسة خطوة بخطوة في العلاقات الخارجية الروسية، والعراق ليس استثناء من هذه القاعدة