الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فريقان‭ ‬منقسمان وحارس‭ ‬المرمى‭ ‬خارج‭ ‬الملعب

بواسطة azzaman

فريقان‭ ‬منقسمان وحارس‭ ‬المرمى‭ ‬خارج‭ ‬الملعب

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

أسمع‭ ‬أحياناً،‭ ‬دعوات‭ ‬من‭ ‬سياسيين‭ ‬لإصلاح‭ ‬العملية‭ ‬السياسية،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬منقسمون‭ ‬بين‭ ‬فريق‭ ‬يدعو‭ ‬للإصلاح‭ ‬من‭ ‬داخلها،‭ ‬وآخر‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬اقتلاعها‭ ‬من‭ ‬جذورها‭.‬

‭ ‬الفريق‭ ‬الأول،‭ ‬له‭ ‬أمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬صحوة‭ ‬داخلية‭ ‬بعد‭ ‬تجارب‭ ‬مأساوية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والعامة‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬آثار‭ ‬دموية‭ ‬أحياناً‭ ‬على‭ ‬الملايين،‭ ‬وانَّ‭ ‬رهان‭ ‬دعاة‭ ‬الإصلاح‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬يتعاطون‭ ‬بواقعية‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬أسساً‭ ‬ومواضعات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسفها‭ ‬لأنها‭  ‬من‭ ‬صنع‭ ‬دولي‭ ‬وأمريكي‭ ‬تحديدا‭ ‬ثم‭ ‬إقليمي‭ ‬إيراني‭ ‬تركي‭ ‬لاحقاً‭ ‬،‭ ‬وان‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬يجعل‭ ‬استحقاقات‭ ‬التغيير‭ ‬تحت‭ ‬السقف‭ ‬الذي‭ ‬يظلل‭ ‬الرؤوس‭ ‬الكبيرة،‭ ‬لذلك‭ ‬يتوجه‭ ‬دعاة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الى‭ ‬تلك‭ ‬الرؤوس،‭ ‬وليس‭ ‬سواها،‭ ‬لتتبنى‭ ‬انقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬انقاذه‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬مريرة‭ ‬من‭ ‬التردي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬قارئ‭ ‬عادي‭ ‬للتاريخ‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬المؤشر‭ ‬ينحدر‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬ذلك‭ ‬المجهول‭ ‬المثير‭ ‬للرعب‭ ‬والمهدد‭ ‬للسلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭.‬

أمّا‭ ‬الفريق‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬الخارطة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بالنظام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تسكنه‭ ‬الأوهام‭ ‬قبل‭ ‬الاحلام،‭ ‬ولا‭ ‬يعي‭ ‬انّ‭ ‬نظام‭ ‬توافقات‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬المنطوي‭ ‬على‭ ‬فساد‭ ‬وتعاسة‭ ‬للملايين،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬دول‭ ‬و‭ ‬زعامات‭ ‬بمثابة‭ ‬منصة‭ ‬نجاح‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬مثلها‭ ‬برغم‭ ‬كل‭ ‬الجهود،‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬الممزقة‭ ‬بين‭ ‬حكومتين‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬وبنغازي،‭ ‬او‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رئيسين‭ ‬للجمهورية‭ ‬والحكومة،‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬تأمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬احياء‭ ‬عملية‭ ‬انتاج‭ ‬دستور‭ ‬تعددي‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬ترابها‭ ‬بين‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة‭ ‬الرسمية‭ ‬والمعارضة‭ ‬الموالية‭ ‬للخارج،‭ ‬أو‭ ‬السودان‭ ‬الذي‭ ‬فشل‭ ‬الامريكان‭ ‬في‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬جناحيه‭ ‬العسكريين‭ ‬المتصارعين‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬جنيف،‭ ‬وسواها‭.‬

أعود‭ ‬للعراق،‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬التغيير،‭ ‬ولا‭ ‬احد‭ ‬يستطيع‭ ‬الإجابة‭ ‬الواقعية‭ ‬ذات‭ ‬التوافق‭ ‬الدولي‭ ‬الناجز‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيقه‭.‬

المعلومة‭ ‬الواضحة‭ ‬لكنها‭ ‬غائبة‭ ‬أحيانا‭ ‬عن‭ ‬كلا‭ ‬الفريقين،‭ ‬هي‭ ‬انَّ‭ ‬دولاً‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عربية‭ ‬وغير‭ ‬عربية‭ ‬سيتضاعف‭ ‬قلقها‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬تغيير‭ ‬سياسي‭ ‬مجهول‭ ‬الابعاد‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وانّ‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬المُحنّطة‭ ‬والاسيرة‭ ‬بيد‭ “‬الكهنوت‭ ‬السياسي‭ ‬الفاسد‭” ‬هي‭ ‬افضل‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬بديل‭  ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬مجهولاً‭ ‬وغير‭ ‬منضبط‭ ‬،‭ ‬بحسب‭ ‬المواصفات‭ ‬المتوافق‭ ‬عليها‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً‭.‬

بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى،‭ ‬هي‭ ‬انّ‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬كانت‭ ‬صناعة‭ ‬أمريكية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التلاعب‭ ‬بأساسياتها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مشاركة‭ ‬الحاكم‭ ‬السابق‭ ‬بول‭ ‬بريمر‭ ‬والسفير‭ ‬الأسبق‭ ‬زلماي‭ ‬خليل‭ ‬زادة،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬المتنفذ‭ ‬الإقليمي‭ ‬الأكبر،‭ ‬وحلفائه‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الذين‭ ‬تغيرت‭ “‬جيناتهم‭” ‬العقائدية‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بملذات‭ ‬الغنائم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحدّها‭ ‬حدود‭.‬

 

 

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com

 


مشاهدات 63
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/08/30 - 10:58 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 10:20 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 83 الشهر 83 الكلي 9988705
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير