الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رحلتي إلى مصر أم الدنيا (3)

بواسطة azzaman

رحلتي إلى مصر أم الدنيا (3)

قررت أضمن بقائي في ذمة الحكومة المصرية

علي إبراهـيم الدليمي

 

الآن الوقت في مطار القاهرة الدولي يشير إلى منتصف النهار، عندما توقفت الطائرة، بشكل نهائي، وكنت من أوائل الواقفين على باب النزول منها، حيث لم تكن في يدي إلاّ حقيبة شخصية صغيرة تحتوي على جواز سفري وموبايلي ونقودي ودفتر ملاحظات وقلم جاف..

دخلنا المطار، وكان مبهراً جداً في جميع أقسامه الخدمية، والإدارية، حيث النظافة وترتيب الديكورات.. والمعطرات، وأماكن السوق الحرة، ومحلات المأكولات الخفيفة وغيرها.. أستقبلنا الموظفين المختصين مرحبين بنا، خصوصاً بعدما عرفوا باننا من العراق، ليتم توجيهنا إلى أماكن إجراء الدخول الرسمي، بعد أن دفع ضريبة الدخول وقدرها خمسة وعشرون دولار. ثم تختم جوازاتنا بختم الدخول، بكل إنسيابية وتقدير وإحترام، مع كلمات الترحيب الجميلة (أهلاً وسهلاً بكم) و(نورت مصر)، نفس معاملة موظفي مطارنا في توديعنا من بغداد.. وهذه هي من قمة الأخلاق الرفيعة والإنسانية التي لا بدّ أن يتحلى بها جميع موظفي المطارات، لأنهم خير من يمثل واجهات بلدانهم.

حقائب كبيرة

أتممت إجراءات الدخول التي أستغرقت أقل من نصف الساعة تقريباً، ثم ذهبنا إلى مكان إستلام حقائبنا الكبيرة. التي دام إنتظارنا فيها لمدة استغرقت حوالي ثلث الساعة، خلالها بدأت أسأل وأبحث عن مكاتب بيع شرائح الإتصال، من داخل المطار، لأن جميع صدقائي في مصر أتصل معهم من خلال الواتساب والماسنجر، ولكي أآمن مصير وجودي بينهم، لغرض إستقبالي وإلا سأضيع!!

ذهبت إلى أحد مكاتب بيع شرائح الاتصالات، ولكنه أعتذر لعدم وجود عنده (خردة/ فكه)، فأشار لي أن أذهب إلى مصرف المطار، فأعتذر هو الأخر بعدم وجود لديه فكه... يا آلهي أين سأولي وجهي الآن في بلد لأول مرة أدخله، ولم تكن معي أية وسيلة إتصال، لا رقم هاتف، ولا شريحة إتصال مصرية فيها النت، لا أعرف عن قيمة العملة شيئاً وكيف سأتعامل بها مع سائق التكسي مثلاً، ولا يوجد تحويل عملة الدولار للجنيه المصري.. ولربما سأغبن في ذلك ما لم يكن معي أحد. فمجرد أخرج من المطار سأكون في موقف محرج فعلاً.

بقيت أذهب إلى باب خروج المطار، ثم أعود ثانية، وأنا أسحب حقيبتي، وكأنني أسحب أذيال الخيبة.. لا أريد أن أكون خارج المطار، وقد ينصب عليّ من (ناس وحشة) وما أكثرهم في هكذا أماكن في كل مكان وزمان، في العالم، فصممت على أن أبقى داخل المطار أمن وأضمن.. كوني في ذمة جهات حكومية، هي التي ستتولى أمري حتماً، وستكون دليلي لأي مكان أريده. في هذه اللحظات العصيبة عليّ فعلاً، بصرني أحد الموظفين، «حفظه الله رمزاً للطيبين» الذي كان قريب من الباب الخارجي، وكنت قلقاً جداً، وفكري مشدوهاً، بشكل واضح على محياي، وكان يراقبني عن بعد، تقدمت إليه وبعد السلام، رحب بيّ بأجمل تحية، وفرح جداً بعدما عرفني من العراق، فحكيت له موقفي، فطلب مني رقم موبايل أحد أصدقائي في مصر ليتصل عليه، لإستقبالي، لكن خطأئي الكبير أني لم أسجل عندي أي رقم منهم، بسبب تواصلي معهم عبر النت!

فأعطاني (تكنيك) من موبايله الشخصي، وفعلاً بمجرد فعل الإتصال بموبايلي، اتصل بي فوراً أستاذ عماد جمعة، (مدير الملتقى)، وكان ينتظر إتصالي، ليخبرني بان «إبنه» محمد ينتظرني على الباب الخارجي للمطار.. يا الله، حينها لم تسعني الأرض بما رحبت، من فرحتي الكبيرة، وكأنني كنت في بئر مظلم وأخرجني منه في اللحظة الأخيرة.

غمة طارئة

شكرت هذا الموظف الأصيل، وهو بحق مثال للموظف الأصيل في مكانه الصحيح، ثم صافحته بحرارة وقبلت وجنتيه، وكان مسروراً هو الأخر بسروري، عندما رآى أساريري فرجت بعد غمة طارئة. حاولت أن أجزيه شيئاً إزاء موقفه الإنساني الرائع، فرفض ذلك، وقال لي «الحمد لله على سلامتك.. نورت مصر».

يتبع الجزء الرابع


مشاهدات 98
أضيف 2024/08/20 - 5:13 PM
آخر تحديث 2024/08/22 - 9:40 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 306 الشهر 9309 الكلي 9984853
الوقت الآن
الخميس 2024/8/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير