الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
15 أغسطس 1944..  مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بتحرير فرنسا

بواسطة azzaman

15 أغسطس 1944..  مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بتحرير فرنسا

 

باريس- سعد المسعودي

القوات التي شاركت في إنزال بروفانس بسواحل جنوب فرنسا في 15 آب/ أغسطس وحررت سريعا المدن الفرنسية “ مرسيليا وتولون وليون” وتحت اسم “الجيش ب”، كانت 80 بالمئة من هذه القوات من أصول أفريقية  “من تونس والجزائر والمغرب وأفارقة يمثلون  سنغاليين وعاجيين وماليين وغينيين , إلا أن إنزال النورماندي غطى على دورها وحضورها في الذاكرة.

ولهذه الذكرى  قدمت القوات العسكرية  عرضا عسكريا  بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال بروفانس “سيتم إحياؤها بنفس القدر والحجم الذي تحظى به ذكرى إنزال النورماندي”. وقدم جنود فرنسيون ومتطوعون بمناورة برمائية شبيهة بعملية دراغون على شاطئ فار بحضور الرئيس الفرنسي  ايمانويل ماكرون  وعدد كبير من رؤساء دول وحكومات شارك جنودها في إنزال بروفانس اضافة الى الجنود العرب والافارقة الاحياء وتم تكريمهم باوسمة الدفاع عن فرنسا .

الذاكرة الخصبة

من لافاندو إلى سان رافائيل مرورا بسان تروبيه وكافالير، استيقظت شواطئ إقليم فار بجنوب فرنسا صباح 15 آب/ أغسطس 1944 على وقع أصوات القصف الجوي. وفي عرض سواحل جنوب فرنسا، كانت 880 سفينة حربية بريطانية وأمريكية و33 فرنسية و1370 عربة عسكرية بصدد التقدم نحو أهدافها.

في الليل، هاجم مظليون وكوماندوس أمريكان وكنديون وبريطانيون وفرنسيون جزر بورت-كروس وليفان. في الساعة 8 صباحا، بدأت طلائع هذه القوات في الاشتباك على ثلاث جبهات في شواطئ فار, في نهاية اليوم، كان قد نزل 100 ألف رجل في المنطقة وأُجبرت القوات الألمانية على التراجع. وجرت العملية بما يفوق توقعات الحلفاء. “كان من المتوقع أن تكون هناك مقاومة ألمانية من نوع آخر. إنه نجاح حقيقي إذ تم تحرير مرسيليا وتولون بشكل شبه كامل في مدة لا تتجاوز 10 إلى 15 يوما فيما كانت التقديرات تشير إلى أن الأمر سيتطلب من 20 إلى 40 يوما” وفق المؤرخ جوليان فارجيتاس.

‘’بعد أن تولى الجنود الأمريكيون شن الجولة الأولى من الهجوم، قامت القوات الفرنسية مباشرة بالتقدم في منطقة “بروفانس” ووادي رون. تولون ومرسيليا يملكان موانئ مياه عميقة، ولأسباب لوجستية كان الحلفاء بحاجة إلى هذه الموانئ لإيصال كل المعدات التي يحتاجون إليها, وأمام الجيش الألماني التاسع عشر المكون من 250 ألف رجل، قام الحلفاء بإنزال 350 ألف جندي بينهم 250 ألف فرنسي وسيطروا في غضون ثلاثة أسابيع على جنوب شرق فرنسا وتم تحرير غرونوبل في 22 آب/ أغسطس وتولون في 23 ومرسيليا في 29 من نفس الشهر فيما تم تحرير ليون في 3 أيلول/ سبتمبر. والتقت هذه القوات في 12 أيلول/ سبتمبر في منطقة بورغون مع القوات التي نزلت في النورماندي في 6 حزيران /يونيو.

إنزال فرنسي

على الرغم من أن إنزال منطقة البروفانس كان عملية عسكرية ناجحة من دون نقاش، فإن التخطيط له كان معقدا. وبعد أن اقترحته القيادة العسكرية الأمريكية في أواخر 1943، لقيت الخطة موافقة من ستالين وروزفلت إلا أن ونستون تشرشل عارضها باعتبار أنه كان يريد تعزيز جبهة ايطاليا للوصول إلى المانيا قبل السوفيت.

في النورماندي، لم يتم إعلام الجنرال شارل ديغول أما في هذه العملية، فقد تم التخطيط لكل شيء بين الحلفاء والقوات الفرنسية تحت قيادة فرنسية متمثلة في الجنرال جان دو لاتر دو تاسيني الذي كان على رأس ما يسمى بـ”الجيش ب”. يوجد قائد أمريكي أعلى رتبة منه، لكن الأمور كانت تسير معه بشكل جيد”.

جيش أفريقيا يحرر جنوب شرق فرنسا

هذا الجيش “ب” الفرنسي -الذي مثل ثلثي القوات التي شاركت في إنزال بروفانس- هو في الحقيقة جيش أفريقيا. وبالنسبة إلى جوليان فارجيتاس، “المصطلح قديم ويعود إلى القرن 19. وجيش أفريقيا هو مجمل الجنود المتمركزين في شمال افريقيا .

في صفوف جيش أفريقيا هذا، بعض الجنود هم معمرون فرنسيون ولدوا في تونس او الجزائر او المغرب (ما سيطلق عليهم فيما بعد الأقدام السوداء). إلى جانبهم، نجد “الجنود المسلمون” مثلما كنا نسميهم في ذلك الوقت الذي يملكون صفة المحاربين من السكان الأصليين في البلدان المستعمرة “الإينديجان” الذين لا يملكون الجنسية الفرنسية”.

إضافة إلى الجنود المنحدرين من شمال أفريقيا، نجد قوات استعمارية كانت توصف في ذلك الوقت بـ”الرماة السنغاليين” ويتعلق الأمر بجنود جاؤوا من كل أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء، وهم أشخاص يرزحون تحت الاستعمار كانوا يحملون صفة “مقاتلي إينديجان”. ويضم جيش أفريقيا أيضا شبابا من البر الفرنسي عبروا إلى شمال أفريقيا بطريقة سرية خلال فترة الاحتلال الألماني.

من بين 250 ألف جندي فرنسي شاركوا في إنزال بروفانس، 80 بالمئة منهم من أصول أفريقية، من منطلق جغرافي. من دون هؤلاء الجنود الأفارقة -مهما كانت صفتهم أو أصولهم- لم يكن الجيش الفرنسي قادرا على المشاركة في إنزال بروفانس” يذكر المؤرخ جوليان فارجيتاس

قي مرسليا وتولون وليون، صفقت الحشود للمحررين وهم من فرنسيي شمال أفريقيا، ومن الجزائريين والمغاربة والتونسيين إضافة إلى سنغاليين وعاجيين وماليين وغينيين

تبييض جيش أفريقيا

إلا أنه ومنذ خريف 1944، قررت رئاسة الأركان الفرنسية سحب الجنود المتحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء واستبدالهم بشبان فرنسيين ينتمون على الأغلب لصفوف المقاومة الداخلية الفرنسية, حيث اقتصر استخدام الجنود الأفارقة في القتال لما بين نيسان/ أبريل وبداية تشرين الأول/ أكتوبر (الجنود من المغرب وتونس والجزائر لم يكونوا معنيين بهذا الإجراء)، بسبب تقديرات في تلك الفترة بأن هؤلاء الجنود ليسوا متعودين على مناخ شمال شرق فرنسا. وبالفعل، ففي خريف 1944 سجل وجود عدد كبير من الخسائر البشرية بسبب البرد الشديد.

وقامت السلطات الفرنسية بنقلهم إلى مخيمات في جنوب فرنسا حيث كان يتعين عليهم الانتظار لأشهر في ظروف سيئة قبل نقلهم إلى غرب أفريقيا. “قمنا بسحبهم من الجبهة بدون أي شكل من أشكال الشكر أو حفل تكريم. من المؤكد أن ذلك مثل خيبة للجنود الأفارقة الذين كانوا في صفوف المنتصرين. لم تكن فترة مليئة بالمجد.

إنزال النورماندي

بعد ثمانين عاما، يبقى زخم إنزال بروفانس تحت ظل إنزال النورماندي. لم يكن هناك فيلم بعنوان “يجب إنقاذ الجندي ريان” أو “اليوم الأطول” لتسليط الأضواء على إنجازات جيش أفريقيا في سواحل فار بجنوب فرنسا يوم 15 آب/ أغسطس 1945.

يبقى إنزال بروفانس إلى اليوم ثانويا مقارنة بمثيله في النورماندي، فمن الصعب دائما أن يكون في المرتبة الثانية. ومن الصعب أيضا تنظيم شيء يوم 15 آب/ أغسطس في فرنسا” وفق قراءة جوليان فارجيتاس.

وفي الحقيقة، لم يكن لإحياء عملية تحرير جنوب فرنسا نفس الإشعاع والاهتمام مقارنة بتلك التي يحتفى بها في النورماندي. في سنة 1964، أشرف شارل ديغول على افتتاح نصب تذكاري لإنزال بروفانس بالقرب من تولون.

ولم يتخلف كل من فرانسوا ميتران في 1994، وجاك شيراك في 2004 وفرانسوا هولاند في 2014 عن المشاركة في حفلات تكريم لهذا الحدث واستدعاء قادة أفارقة.

في 2019، ترأس ايمانويل ماكرون حفل تأبين بمشاركة الرئيس العاجي الحسن اوتاوا والغيني الفا كوندي وفي خطابه، وجه ماكرون التحية “للجنود الأفارقة الذين لم يحظوا طيلة عقود بالتمجيد والتقدير لشجاعتهم. لفرنسا جزء من أفريقيا في داخلها، على أرض بروفانس، كان هذا الجزء يتمثل في إراقة الدماء.

 


مشاهدات 229
أضيف 2024/08/16 - 9:01 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 6:54 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 170 الشهر 170 الكلي 9988792
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير