كيف تؤثر قطعة أدبية أو فنية بثقافة شعب؟
ضرغام الدباغ
مسألة ليس جديدة تماماً، ولكن لا ضير في إعادة التأكيد والتركيز على أن الثقافة الشعبية، ومفرداتها تستحق التأكيد عليها لأنها بمجموعها تؤدي إلى ثقافة الشعب الواحد، هي رباطات غير مرئية، وإذا كانت مرئية، إلا أن دورها الكبير مجهول لدى الكثيرين من الناس.
ــــ نشيد (لاحت رؤوس الحراب) التي ألفها شاعر مجهول، ولحنها سعيد شابو، صارت في حركة 1941، شودة الحركة ورمزها الفني، وهي ترمز لعنفوان الشعب العراقي وشجاعته، واستعداده للتضحية من أجل الوطن، هذه قضية صارت معروفة ومألوفة في جميع الأقطار العربية، أن العراقي حر وشهم وشجاع.
ــــ نشيد “ الله أكبر “ الذي أذيع لأول مرة عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر، من كلمات الشاعر المصرى عبد الله شمس الدين وتلحين الملحن المصرى محمود الشريف وغناء مجموعة، أنتشرت في جميع البلاد العربية، بل وأصبحت النشيد الوطني الليبي منذ عام 1969. وكان يعزف كمارش عسكري في الكليات العسكرية، لأنه يمنح طاقة معنوية مهمة.
ــــ النشيد الجزائري المهيب، «(قسماً) الذي تقشعر له الأبدان، والذي طلبت الحكومة الفرنسية استبداله، أو رفع بيت منه يشير إلى جرائم المستعمر. تصور أنهم قتلوا مليون ونصف إنسان، واقتادوهم لحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا يريدوك أن تذكر ذلك ... أي وقاحة هذه ..!
« قسماً بالنازلات الماحقات
والدماء الزاكيات الطاهرات
والبنود اللامعات الخافقات
في الجبال الشاهقات الشامخات
نحن ثرنا فحياة أو ممات
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فأشهدوا ... فأشهدوا ... فأشهدوا «
بعثة تعليمية
ألف النشيد الجزائري مفدي زكريا، ثم عرضها على صديقه التونسي محمد التريكي، واللحن قدمه المصري محمد فوزي عام 1956 بتلحينه وكان أول تسجيل في مقر البعثة التعليمية الجزائرية بتونس شارع ابن خلدون، إلا أن لحن التريكي رفض لكونه يحتوي على لحن لكل مقطع أي بنحو خمس أناشيد. وهو ما دفع بمفدي زكريا بالتنقل إلى القاهرة لإعادة تلحينه من جديد. وقد تبرع الموسيقار المصري محمد فوزي بتلحين النشيد «هدية للشعب الجزائري». واقتنعت أخيراً جبهة التحرير باللحن الجديد، واعتبرته قوياً وفي مستوى النشيد. وعن أجرته لقاء تلحين النشيد، أجاب محمد فوزي قادة الثورة قائلا : “ لن تقدروا على دفع ثمن تلحيني لنشيد قسما .. ما رأيكم في أن يكون مهرا لأنتسابي لهذه الثورة العظيمة .. لن آخذ شيئا .. هو هدية لإخواني في الجزائر”..
وقد كرمت الجزائر، سنة 2007، الملحن محمد فوزي ومنحته وسام الاستحقاق الوطني كما أطلقت اسمه على المعهد الوطني العالي للموسيقى بالجزائر. ومن جهة أخرى، وافقت عائلة ملحن النشيد على وضع حقوق لحن النشيد تحت تصرف الدولة الجزائرية بشكل نهائي.
ـــ نشيد حماة الديار، هو النشيد الرسمي للجمهورية العربية السورية، أعتمد من عام 1938 (منذ فجر الاستقلال)، كتب كلمات النشيد الشاعر السوري خليل مردم، والموسيقى من تأليف اللبناني محمد فليفل. وكوفئ فليفل بمنحة وسام الاستحقاق السوري, ولا يزال النشيد الوطني السوري.
حماةَ الـدِيارِ عليكم سـلام
أبت أنْ تـذِل النفـوس الكِرام
عـرين العروبة بيت حـرام
وعرش الشموسِ حمى لا يضام
فمِـنا الوليـد ومِـنّا الرشـيد
فلـم لا نسـود ولِم لا نشـيد؟
العلم العربي :
هذه الأبيات بفخر العرب، أتفق معظم البلاد العربية أن يصوغوا منها ألوان الأعلام العربية» الأبيض، الأسود، الأخضر، الأحمر. وهي من قصيدة الشاعر العراق صفي الدين الحلي: سل الرماح العوالي عن معالينا، وأستشهد البيض هل خاب الرجا فينا.
ولد صفي الدين الحلي عام 1277م، وتوفي عام 1339، وهو ينحدر من قبيلة طي الممتدة في عدة أقطار عربية. وعاشبين بغداد والكوفة، ورحل إلى مصر وماردين،
إِنا لَقوم أَبَت أَخلاقنا شرفاً
أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يؤذينا
بيض صنائعنا سود وقائِعنا
خضر مرابعنا حمر مواضينا