الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة أولية في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية

بواسطة azzaman

قراءة أولية في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية

سالم روضان الموسوي

 

اطلعت على مسودة مسربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ وللوقوف على ما ورد فيها برؤية أولية تتعلق بالجوانب القانونية دون الرؤية الشرعية اعرض الاتي:

1. جاء في مستهل المقترح ان التعديل يمنح العراقي والعراقية حق اختيار المذهب (الشيعي او السني) الذي تطبق عليه احكامه في مسائل الأحوال الشخصية،

2. أقول لمن اقترح المشروع ان ما عليه العمل في الوقت الحاضر هو منح الزوجين حق اختيار المذهب الذي ينظم عقد زواجهم واحوالهم الشخصية لاحقاً، فاذا اختاروا المذهب الجعفري فان المحكمة سوف تضع في حقل اجل استحقاق المهر المؤجل العبارة الاتية ( عند المطالبة والميسرة) اما اذا اختاروا المذهب الحنفي تضع المحكمة العبارة الاتية (عند اقرب الاجلين).

تنظيم العقد

3. هاتين العبارتين هم من يحدد المذهب الذي ينظم العقد، وفي العمل القضائي نستدل عليه من خلال تلك العبارتين، بل ان جميع دوائر الدولة بما فيها بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية في الفترة الأخيرة تطلب عقد زواج منتسبيها لمعرفة مذاهبهم من خلال تلك العبارتين،

4. الاستدلال يكون من خلال الحكم الشرعي لتلك العبارتين، لان المذهب الجعفري يجيز للمرأة ان تطلب مهرها المؤجل اثناء الحياة الزوجية على ان يتوفر شرط الميسرة لدى الزوج، بينما المذهب الحنفي لا يجيز ذلك وانما تستحق المرأة مهرها المؤجل عند وقوع الطلاق او وفاة الزوج، او ايهما اقرب لذلك سمي بأقرب الاجلين (الوفاة او الطلاق)

5. يترتب على هذا الاختيار ان الزواج والطلاق والعدة والرجوع عن البذل في الطلاق الخلعي والمواريث وغيرها تكون على وفق احكام المذهب الذي اختاره الزوجين عند ابرام عقد الزواج، ، وهو ما يعمل به حاليا في ظل قانون الأحوال الشخصية النافذ، وهذا ليس باجتهاد قضائي، وانما بموجب نص في في الفقرة (2) من المادة (1) من قانون الأحوال الشخصية النافذ التي جاء فيها الاتي (اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون)، وهذا نص وجوبي على القضاء العمل به،

6. اما في موضوع المواريث فان المادة (90) من القانون النافذ الزمت القضاء بمراعاة الاحكام الشرعية في المواريث عند عدم وجـــــــــــود نص في القانون وعلى وفق الاتي ( مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع الاستحقاق والانصبة على الوارثين بالقرابة وفق الاحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 كما تتبع فيما بقي من احكام المواريث)

7. لابد من التنويه الى ان مواد قانون الأحوال الشخصية بكل تفاصيلها المتعلقة بالزواج والطلاق والولادة والوفاة والوصايا والمواريث لا تتعدى (91) مادة بينما هذه المواضيع لها من السعة بمقدار الحياة لإنها تنظم أحوال الانسان منذ لحظة انعقاده نطفة الى لحظة وفاته وحتى بعد وفاته في توزيع تركته، وهذه السعة لا تستوعبها احكام القانون النافذ مما جعل من الاحكام الشرعية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد مصدراً للحكم القضائي، وعند البحث في الاحكام القضائية ستجد جميع تلك الاحكام استندت الى الاحكام الفقهية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد،

8. السؤال الذي لابد منه لماذا التعديل اذا كان ما يسعى اليه متوفر في النص الحالي؟

‌أ. افترض بعض الإجابات، ومنها ان بعض النصوص قد اخذت بمذهب دون اخر، أقول رداً على هذا القول ان المبادئ القانونية التي تضمنها القانون لها مصادرها في فقه الشريعة الإسلامية، والقانون اخذ بالفقه الجعـــــــــفري في عدة مسائل منها الطلاق ثلاث حــــــــــيث اعتبره طلقة واحدة وميراث البنت وميراث الأخت وغيرها من الاحكام الأساسية، كما اخذ من المذهب الحنفي في البعض الاخر، خلال سنوات العمل بالقانون لم تظهر أي إشكالية شرعية على الاحكام القضائية التي أصدرها القضاء .

أحوال شخصية

‌ب. اما اذا كانت الإجابة على ان كل شخص هو حر في اختياره لتفعيل نص المادة (41) من الدستور التي جاء فيها ( العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون) فان العمل بموجب هذا النص الدستوري قائم وكل شخص حر باختيار المذهب الذي ينظم عقد زواجه والاثار المترتبة عليه، وعلى وفق ما تقدم ذكره.

خلاصة القول أرى ان الشعب العراقي بحاجة الى قوانين تعزز من وحدته وتقوية اواصره تجاه محاولات التقسيم وتفتيت اللحمة والنسيج الاجتماعي، وادعوا مخلصا على من تصدى لإصدار المقترح ان يرجع عنه، والامل كبير في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بوقفه جادة تجاه تمريره، لان اغلبيه الشعب العراقي لا يمكن ان تختزل برأي وزير او مجموعة من السادة النواب المحترمون وينصبون انفسهم بمنصب القيم على هذه الاغلبية من ابناء الشعب، وإذا كانوا على صدق في نواياهم أرى ان يعرضوا المشروع للاستــــــــــــفتاء والوقوف على رأي الشعب بدلا من التفرد في القرار والعودة الى الديـــــــــــكتاتورية المقيتة التي تصادر رأي الاغلبية وقانون الاحوال الشخصية يختلف عن كل القوانين سواء التي تنظم شكل الدولة او التي تتعلق بالجانب الاقتصادي لان هذه القوانين لا تتعامل مع الجميع وإنما لفئة معينة او لظرف زماني او مكاني محدد بينما قواعد الاحوال الشخصية تمس كل مواطن مهما كان وفي اي مكان منذ لحظة انعقاد النطفة في رحم الام ولغــــــــــــاية مماته وحتى بعد الممات وهذه الاهمية لابد وان تراعى عند التعامل مع مثل هذه القوانين.

 

   قاضٍ متقاعد


مشاهدات 133
الكاتب سالم روضان الموسوي
أضيف 2024/07/23 - 4:34 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 7:05 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 353 الشهر 11716 الكلي 9373788
الوقت الآن
السبت 2024/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير