الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البارزاني يحذر من أمطار التغيير قبل هطولها

بواسطة azzaman

الشاهد الأخير على العصر يزور بغداد

البارزاني يحذر من أمطار التغيير قبل هطولها

جبار المشهداني

 

لعل صورته وهو طفل مرتديا بدلة رسمية واقفا لصق الرئيس عبد الكريم قاسم  في إستقبال والده الزعيم التاريخي وأيقونة النضال الكردي المعاصر تمثل أول نشاط سياسي رسمي للمقاتل مسعود بارزاني والذي يعتز كثيرا بكونه ( بيشمركه ) اكثر من أي لقب آخر بضمنها الزعيم او الرئيس أو القائد  .خمس وستون سنة من التاريخ السياسي العراقي بكل حساسياته وتقلباته وانتقالاته عاشها البارزاني صانعا او مشاركا او شاهدا في حالات نادرة جدا ؛ كل هذا العمر السياسي المديد والأحداث الساخنة جدا منذ يوم ولادته في دولة مهاباد في إيران عام 1946 الى زيارته التاريخية الى بغداد التي انتهت امس في يوم تموزي عراقي ساخن بأمتياز  .وبعيدا عن كل ما قيل حول هذه الزيارة والحفاوة التي أستقبل بها الزعيم وماجرى من اجتماعات ولقاءات وما سيتمخض عنها في زحزحة المواقف السياسية العراقية داخليا وخارجيا  .وقد يختلف الناس في قراءتهم وتسميتهم لما جرى في تموز عام 1958 حين تغير نظام الحكم من ملكي الى جمهوري بثورة تموز كما يسميها أكثرية العراقيين من أبناء الطبقة الفقيرة أو إنقلاب تموز الذي قاده العسكر ضد النظام السياسي العراقي الملكي كما يسميه المتضررون وهم يشكلون النسبة الأقل بكثير من الفئة الأولى .وكذلك يختلف العراقيون كثيرا حول تموز 1968 بين من يسميه الإنقلاب البعثي الثاني ضد حكم الأخوين عارف وبين من يسميه ثورة تموز  .أنا أتحدث اليوم عن تموز 2024 وهل يمكن إعتبار زيارة ابو مسرور الى بغداد زيارة إعتيادية تشبه زياراته السابقة التي تكون في كل مرة نهاية لحزمة من المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد وبداية لمرحلة جديدة من التفاهمات والحلول التي تيسر الأمور لعامين على اقل تقدير بإنتظار كرة ثلج قادمة ينجح زعيم الجبل في تحطيمها قبيل كل زيارة ؟  .المختلف في هذه الزيارة هو الرسائل التي أوصلها الشريك الحريص على وحدة العراق الفيدرالي الديمقراطي دون إخفاء طموحه وحلمه التاريخي في دولة كردية مستقلة قد يتحقق يوما حين تتهيأ الظروف الملائمة إقليميا ودوليا  .الرسالة الأكثر أهمية التي حملها البارزاني هي ضرورة الإتفاق على رؤية عراقية موحدة قبل مرحلة الطاولة الإقليمية والدولية والتي ستعقد قريبا جدا بعد إستكمال ظروف انعقادها والتهيؤ لعدم القبول بما سيصدر عنها من اتفاقات على حساب المصلحة العراقية  .فإذا تضرر أي جزء من العراق سيكون ذلك على حساب العراقيين جميعا لأن قوتهم مجتمعين وموحدين هي مكسب لهم جميعا وخسارتهم بعد أي تسوية إقليمية دولية ستكون فادحة ومضرة ومريرة على الجميع  .والرسالة واضحة فصيحة باللغة العربية التي يتقنها البارزاني تماما ملخصها بسيط  سبق لنا نحن كرد العراق والمنطقة ان دفعنا ثمن الإتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية ونحن الآن في زمن تجديد الإتفاقيات والمنطقة مقبلة على العديد من ( التسويات ) فأحذروا من إتخاذ قرار وفقا لحسابات مذهبية أو قومية أو مناطقية سيدفع ثمنها العراقيون جميعا  .هذا هو أصل ماحدث في تموز بغداد عام ٢٠٢٤ وقد يراها البعض زيارة لحل المشاكل المتفاقمة بين بغداد وأربيل حول الانتخابات في إقليم كردستان وتصدير النفط والمستحقات المالية ووضع كركوك  وتوطين الرواتب وغيرها من القضايا العالقة فالجواب بسيط جدا وهو يمكن لرئيس الإقليم السيد نجيرفان بارزاني الذي نجح في إقناع طهران بتغيير موقفها من أربيل بل والضغط على بغداد لمعالجة المشاكل المالية والسياسية مع إلاقليم وبمشاركة من السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم إيجاد الحلول لتلك المشاكل وهذا ما حصل فعليا قبل زيارة البارزاني الى بغداد  .

الزيارة في تقديري الشخصي هي إنقلاب سياسي معلن وهاديء قاده البارزاني ونفذه في بغداد لن يغير من الوجوه لكنه رسخ قناعة لدى جميع الأطراف بضرورة تبني سياسة واقعية جديدة تنطلق من المصلحة العراقية أولا وضرورة الإنتباه والتركيز بقوة وبعينين عراقيتين لما يجري وما سيجرى في قادم الأيام من حولنا  .

فهل منح البارزاني عسلا يطيل من عمر العملية السياسية العراقية الحالية وهل سيكون الثمن القبول والمباركة لجيل الورثة السياسيين في الإقليم


مشاهدات 27
أضيف 2024/07/21 - 3:22 PM
آخر تحديث 2024/07/22 - 5:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 82 الشهر 9297 الكلي 9371369
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير