مهاجرون من موت الى موت

مروة الخفاجي

فتحت ألمانيا أبواب إستقبال اللاجئين غير القانونيين، منذ أول رفة إختلجت في نفس مضطهد أفريقي أو شرقي، مضه الجوع وآلمته المهانة؛ فآثر الهجرة غير النظامية؛ لتعذر السفر التقليدي... تلقاه البحر بعواصف كاسحة وزوابع وأمواج مرعبة مثل رهط جبال موارة.. تحلق.. يقذفها بركان نافذ من الأرض الى السماء السـ... نجا من الموت صدفة.. ربما رأفت بالقارب ذي الخمسة ركاب، يمخر عبابها محملاً بمائة ومائتين وثلاثمائة، وغالباً ما يعيى عن المقاومة في الدفاع عن الحمولة؛ فيسلمها للغرق!

لكن نجا من موت منقوع بملوحة البحر، ليجد أبواب ألمانيا مشرعة.. تفتح مديات دولة ميركل وما تلاها من أحفاد هتلر، يسوقونه الى التطوع في تجنيد إلزامي.. جوع ومهانة بلده الأم.. أهون منه عذاباً في غربة لا طائل من ورائها إلا أماني بالمكوث في بلد لا يعنى به أو بحر ذي فكين قرشيين يلتهمانه، فيموت مرتاحاً من دنيا تخيره بين موتين، و... المتاهة بين قبور تتلظى تجاهه.. في الوطن أو البحر أو ألمانيا التي تنصب له فخ التجنيد الإلزامي، مقاتلاً يدافع عنها حتى موت... لو وجهه الى حكومته الهارب منها؛ لأسهم في تحرير وطنه من مخالب طغاة مترفين والشعب جائع!

إنها هولوكست عالمية.. محرقة للمهاجرين في ألمانيا، تعيد ما عاناه اليهود تحت نصال حراب جيش الفهرر أدولف هتلر، الذي ساقهم الى المحرقة، مثلما تسوق ألمانيا المهاجرين.. الآن.. الى تجنيد إلزامي، يذكر بإختطاف الناس في القرون الوسطى وبيعهم عبيداً!

الهارب من بؤس عيش في ظل حكومة فاشلة إختطفت بلده وسامت الشعب فقراً وعوزاً ومرضاً، هرب منها ليتلقاه التجنيد الألزامي في ألمانيا التي إحتضنتهم وسرعان ما أصدرت قرار التجنيد الإلزامي لتحاصرهم في سور.. قتلى وليسوا شهداء من أجل وطن وقضية..

عن أية حرية خادعة تبحثون؟ وأية إنسانية وهمية تهاجرون إليها لتطمنكم من جوع وتأمنكم من خوف، أنتم أسرى قدرين أحلاهما مر، يخيرانك بين موت وموت.