الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جغرافية النزاعات العشائرية في العراق

بواسطة azzaman

دراسة شملت 15 محافظة عدا إقليم كردستان

جغرافية النزاعات العشائرية في العراق

 

طالب الموسوي

 

بات الأمن المجتمعي في العراق مهددا بعد تفاقم ظاهرة النزاعات العشائرية المسلحة وهي من المشاكل الاجتماعية والأمنية الخطيرة التي تواجه المجتمع العراقي والتي بدأت تتنشر في المجتمع العراقي بعد عام 2003 وتهدد امنه وتعايشه السلمي والمجتمعي مما يقتضي وضع استراتيجية لمواجهتها ، وهي ظاهرة دخيلة لا تمت بصلة للعادات والتقاليد العربية الاصلية التي امتازت بها عشائرنا العراقية، ويبدو ان انتشار السلاح الذي اسهم به نظام البعث بشكل كبير وماتلاه من دخول القوات الامريكية الى العراق عام 2003 اسهم بشكل كبير في تطور هذه الظاهرة، كذلك كان لظهور التنظيمات الارهابية التي اعطت مبرر لتسليح معظم الافراد بشكل خارج عن القانون لغرض حماية انفسهم،.وتجدر الاشارة ان الدراسة اقتصرت على (15) محافظة عدا اقليم كردستان  لعدم توفر البيانات, وقد وجدت الدراسة اتساع ظاهرت النزاعات المسلحة في العراق ولاسيما بعد عام 2018 اذ بلغت 2559 هجمة مسلحة استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة.

مفهوم العشائرية

# يقول استاذ الدراسات السكانية والتنموية في جامعة ذي قار الاستاذ الدكتور حسين الزيادي إن “العشائرية:هي شكل من اشكال العصبية والقبلية وهي تسييس العشيرة ومحاولة تفتيت المجتمع وتجزئته من خلال خلق صراعات وتناحرات بين العشائر وتشجيع السياسة العشائرية ودعمها وتقليص دور الدولة، وجعل المواطن يشعر بانه بأمس الحاجة إلى عشيرته ودعمها في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كافة ورفع دور العشيرة في الجانب السياسي وجعلها تقوم بدور حيوي واستراتيجي بنفس الوقت وتهميش دور الدولة والقانون وجعل الفرد يرتمي في احضان العشائرية لاسيما في حالة ضعف القانون، ونلحظ ظهور هذه الحالة في أوقات الأزمات التي تهز كيان الدولة وعندها تصبح الدولة ضعيفة فيلجا الأفراد إلى تقوية الجانب العشائري وخلق تيارات متصارعة من اجل السلطة وهو في النهاية يصب في مصلحة اعداء البلد الذين يريدون تكريس مشروع التجزئة والتقسيم  بعبارة اخرى ان العشائرية هي تفضيل الانتماء العشائري على الانتماءات الاخرى، وطبيعة المجتمع العشائري منذ العهد العثماني تفتخر بحمل السلاح وتعنز بالـ(التفاكة) اي حاملي سلاح القبيلة

التغيرات التي طرأت على المجتمع شتت مركزية العشيره

# واضاف الزيادي إن”الحكومات المتعاقبة ومنذ تأسيس الدولة العراقية لم تستطيع أن تقضي على المنظومة العشائرية المسلحة، اذ تعتمد قوة العشيرة وتأثيرها على ظروف المرحلة وقوّة القانون والدولة، فيما حافظت المنظومة العشائرية طوال الفترة الماضية على مكانتها لتكون أداة ضبط اجتماعي تُستدعى لنصرة أبناءها في الأزمات الداخلية أو مع العشائر الأخرى، لكن التغييرات التي طرأت على المجتمع بعد 2003 أدت إلى تشتت مركزية العشيرة.

تنصيب من الذين ليس لهم صله بالمشيخه

# وأشار إلى أن عهدالبعث بدأ بالسعي لاستئصال القبيلة من المجتمع لكنه سعى لاحقاً لتأسيس قبلية الدولة في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، وكانت بداية التغير عبر توسع النظام في تجنيد أبناء العشائر بالجيش ومد قبائل الجنوب بالسلاح خلال الحرب العراقية الإيرانية. وكان رأس النظام يلتقي بشيوخ القبائل على نحو منتظم ويترك لهم القيام بالأعمال الامنية في مناطقهم بل وأنشأ مكتباً لشؤون العشائر يتبع رئاسة الدولة، كما حاول البعث أن يؤسس شرعية دينية باختلاق الانتساب للرسول (ص) وتبرير اللجوء للقبلية ولأقاربه لتولي المناصب بالدولة محاولاً ابعاد الشيوخ الاصليين ومنح المشيخة لغيرهم، وخلال المقابلات التي اجريناها مع الشيوخ أكدو ان نظام البعث حاول الاحتماء بالعشيرة لحماية نظامه وانه نصب العديد  ممن لا صلة لهم بالمشيخة لا من بعيد ولا من قريب وان الشيخ الجديد المتشيخ لا يتمتع باي صفات عشائرية تقوده ان يكون شيخ عشيرة، و هؤلاء اقنعوا انفسهم بانهم يستحقون ان يكونوا محل الشيخ الحقيقي معتمدين على ما يملكون من مال او تأييد من البعض(1) ، ويطلق على هذه الظاهرة في حينها (شيوخ التسعينات)، وهم الفئة التي منحها صدام الكثير من الامتيازات، ومنها انه اصدر أمرا بتسليح العناصر المنضوية تحت رايات هؤلاء الشيوخ ، وان هذه الظاهرة تصاعدت في تسعينيات القرن الماضي اثناء الحصار على العراق.

فان اهم ما يتميز به المجتمع العشائري هو تعصب الفرد للجماعة التي ينتمي اليها، فالفرد في المجتمع القبلي يعطي ولاءه لقبيلته امام القبائل الأخرى ،ولعشيرته اما عشائر القبيلة وولاءه لأسرته امام افراد العشيرة واسرها، كما ان المجتمعات القبيلة غالبا ما تشكل  نمطا من الاستقلال الذاتي بفعل الطبية اللامركزية للنظام العشائري، فالمجتمعات العشائرية بشكل عام غالبا ما كانت مجتمعات مغلقة لا تقبل التطور ولا الانفتاح وشكلت فركا خاصا بها عن كل ما حولها ينكمش داخل اطار معين من العادات والتقاليد الممتدة الى الماضي السحيق

الدور الوطني للعشائر العراقية

# وتابع الزيادي ان للعشائر العراقية ادوارا بارزة في الحفظ على الامن والتماسك الاجتماعي اما مسالة النزاعات فهي ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الأصيل ، اذ لعبت العشائر العراقية دور بارز في المجال السياسي ولاسيما بعد الاحتلال العثماني والى الوقت الحاضر اذ أن التاريخ السياسي للمجتمع العراقي يتمحور أولا برؤساء العشائر ومواقفهم، وقد برز دورهم في التاريخ السياسي ابان ثورة العشرين حيث كان لشيوخها اليد الكبرى في التصدي للاحتلال البريطاني, حتى تصاعد دورهم السياسي(شيوخ) بشكل اكبر بعد ان شغلوا حوالي (19.3بالمئة) من مقاعد اول برلمان عراقي في عام(1925) وقد سبب عدد شيوخ العشائر في المقاعد الى تنافس السلطة الملكية مع سلطة الانتداب، فكان الملك يسعى لتعزيز سلطته تجاه سلطة الانتداب وكان يستخدم شيوخ العشائر وعلاقته بهم للضغط على سلطة الانتداب، اما سلطة الانتداب فقد كانت تقدم الكثير من التسهيلات والدعم لشيوخ العشائر لكسبهم الى جانبها, لذا فإن مشاركة افراد المجتمع العشائري في النشاط السياسي ربما أصبح حالة ضغط عليهم في تلبية توجهات شيوخهم في مواجهة الحكومة  وكان للعشائر العراقية دور أساسي وكبير بعد عام 2003 وما أعقبها من أحداث واضطرابات.

التباين الجغرافي لاعداد

 النزاعات المسلحة

 وأشار إلى أن أعداد النزاعات  ذات الطابع العشائري خلال المدة 2018-2021 مع ملاحظة شدة التركز في محافظات الجنوب ولاسيما ميسان وذي قار والبصرة فضلا عن محافظة بغداد, في حين شهدة محافظات الوسط انخفاض ملحوظ في عدد النزاعات العشائرية المسلحة ويستمر الانخفاض بشكل كبير في محافظات ( نينوى, صلاح الدين, كربلاء, الانبار, كركوك, المثنى , بابل) وكما تم الاشارة اليه اعلاه.ويبدو ان هناك علاقة ارتباط بين النمط الريفي في بعض المحافظات وارتفاع نسبة الصراعات العشائرية،

اثار النزاعات العشائرية المسلحة

# وبين الزيادي إن آثار النزاعات العشائرية تخلف قتلى وجرحى بين الاطراف المتنازعة مما يؤدي الى ارامل وامهات ثكلى وأطفال يتامى وكذلك ينتج عن بعض النزاعات المسلحة تهجير بعض الاطراف بشكل قسري من مدنهم الى مدن اخرى, وقد يقوم احد الاطراف بحرق منازل البعض بدافع الثأر،كما  إنّ النزاعات العشائرية تولد العداوة والبغضاء بين أبناء العشيرة الواحدة وتمتد هذه الثارات والنعرات العصبية إلى أجيال قادمة.

بالإضافة إلى أمتداد نزاع معين الى مدن أخرى في العراق بسبب انتشار العشائر العراقية في كل أنحاء العراق وتواجد أفرادها في كل محافظة فالنزاع الذي ينشا في البصرة بين عشيرتين قد يتسع الى مدينة أخرى يسكنها أناس من نفس العشيرتين بدافع النصرة والانتقام.


مشاهدات 345
أضيف 2024/07/13 - 12:21 AM
آخر تحديث 2024/07/16 - 2:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 52 الشهر 6825 الكلي 9368897
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير