حينما يحج المسؤول

محمد علي شاحوذ

تنتظر الشعوب العربية بفارغ الصبر أن يؤدي المسؤولين فيها فريضة الحج, وترنو أعينهم الى الاماكن المقدسة طمعا برؤية مسؤوليهم يؤدي المناسك, فالمواطن العربي لم يزل يظن ان دعاء المسؤول في الحرم المكي ليس بين الله وبينه  حجاب,  ولعل دعاءه  يكون سببا في هطول امطار الخير, وتحسين سبل معيشتهم, وتحقيق حلم كل موظف منهم بالنقل الى وزارة النفط دونما واسطة !.

فما ان يرتدي المسؤول ملابس الاحرام, حتى يشعر الشعب كله بطمأنينة تجتاح النفوس والارواح, وتتُفتح كل الابواب المغلقة على مصراعيها ... ابتداء من ابواب السماء وقت الظهيرة, وليس انتهاء بأبواب الرزق والتعيين والبركة وتعدد الزوجات, وحينما يسعى المسؤول بين الصفا والمروة, سيحل الربيع في السهول, وتزهر الورود, ويعشب الثرى, ويعم الرخاء, ويختفي الفقر و الجوع, وتطهر قلوب الناس وتندملُ جراحاتهم, وسيبدأ النحل بوضع العسل في افواههم , وستلد جميع نعاجهم توائما في خارج موسم تناسلها, وسيكون دجاج حقولهم في مأمن من الاصابة بمرض ( الكوكسيديا ) !!.

وحينما يقف المسؤول على جبل عرفة , ستنزل درجة حرارة الصيف اللاهب الى النصف, وستهبط اسعار الذهب والدولار واللحمة والباميا البتراء, وستنخفض معدلات الجريمة والبطالة والفقر والعنوسة, وستنحسر  معدلات الطلاق في المحاكم, وتفرغ ردهات العناية المركزة من مرضى الجلطات, وسترتفع معدلات السعادة , وتسجل معدلات الاباضة و الاخصاب بين النساء ارتفاعا كبيرا, ويسجل هرمون (التيستيرون) أعلى مستوياته في الرجال, ومع طواف المسؤول حول الكعبة, ستنتهي كل أزمات المواطن, فلا انقطاع في الكهرباء, ولا شحة في الادوية, ولا نقص في عدد المدارس والمستشفيات, ولا تراجع في مستويات التربية والتعليم, ولا تردي في الخدمات والانترنت .ومع مبيت المسؤول العربي بمزدلفة, سينام كل مواطن عربي في  فلسطين والسودان واليمن وليبيا نوما هادئا وعميقا بلا خوف من القتل والتهجير والتشريد بعد أن تكون الحرب فيها قد وضعت اوزارها, وستتوحد بلدان الخليج والعراق والشام, وتزدهر البلاد العربية الى درجة أن المواطن الاوربي سيهاجر اليها باحثا عن الامن المفقود في بلاده,  وسيحل السلام في اوكرانيا, وستعيد بريطانيا أرخبيل (تشاغوس) الذي تحتله إلى دولة موريشيوس, ومع رمي المسؤول الجمرات بكل قوة  في مشعر منى سيصيب الرعب قلوب كل أعداء العرب, مفضلين الهروب على المواجهة, فيفر الصهاينة من الحرب في غزة ويولون الأدبار يجرون اذيال الخيبة والعار, غير أن هناك سؤالا ملحا ربما يتسبب بتعكير صفو مزاج المسؤول وهو: أيمكن أن يشعر الحاج المسؤول العربي بالحرج والانزعاج وهو متعلق بأستار الكعبة خاشعا منكسرا وقد شخص بصره نحو السماء, صارخا بأعلى صوته : (اللهم عليك بالصهاينة ومن والاهم,  اللهم عليك بالصهاينة ومن والاهم) !!.