زمن الطلاءات المزيفة
عادل سعد
اذا صحت الرواية التي نقلت عن السياسي اللبناني المعروف وليد جنبلاط بشأن مطعم في العاصمة الفرنسية باريس يحجز الاماكن المفضلة لرواده الاكثر وسامة تكون مبررات الكثرة الحالية لصالونات التجميل الرجالية ضرورية ضرورة المستلزمات الطبية ، ويكون الاصرار الرجالي على الاكثار من مستحضرات التزين واحدة من الحاجات التي لا غنى عنها للبقاء تحت مساقط الضوء ، بل ويكون استحداث صالونات خاصة للعناية بالاظافر أمراً رائجاً
الاصل في الموضوع كما رواه جنبلاط إنه دخل مع احد اصدقائه الى هذا المطعم واتجه الاثنان الى واجهة تطل على الشارع ، فما كان من صاحبه الا وقال لهما هذه الواجهة مخصصة للرجال الوسيمين حصريا ونصحهما بالتوجه الى داخل المطعم ليتناولا طعامهما ،هكذا سار الحدث بكل حيثياته .
لا شك ان المقاييس التي اعتمدها صاحب المطعم قد تكون موضع خلافٍ في وجهات النظر فضلا عن ان وجود وسامة مصطنعة تستخدم فيها المزيد من الطلاءات ،غش مظهري ينبغي ان لا يأخذ حصته من الاهتمام على حساب الطبيعة البشرية بكل التصنيفات التي تشير اليها ، ويكون الشاعر الحطيئه قد انصف نفسه صاغراً حين قال،
ارى لي وجهاً شوه الله خلقهُ …… فقُبح من وجهٍ وقبح حامله
لقد اضطر جنبلاط وصديقه للاقتناع بقرار صاحب المطعم برغم انهما لايستحقان هذه المعاملة القاسية وانسحبا الى داخل المطعم ، ترى ماذا تقول لسياسيين واعلاميين أصابهم غرور الوجاهية الساذجة ، لا يتورعون من أحتلال الواجهات ليل نهار لتمرير مواقف خادعة يراد بها فحسب اتمام صفقات مشبوهة ،الفساد يقطر من اطرافها ، و كيف تفسر استعراضات برلمانيين بأخر صيحات الازياء يتحدثون عن انجازاتهم لفقراء اصحاب ملابس رثة ، وبماذا تفسر الحج التجاري ، أي وفق المصطلح الشائع VIP ، وكيف تفسر إنعدام الرؤية اللوجستية التي حولت حكومات متعاقبة الى الاهتمام بالسياسات الارضائية التي جعلت منها جمعيات خيرية ليس إلا . وكيف ، وكيف ،وكيف … القائمة تطول وسط ضياع الوسامة الاخلاقية ، إنه عصر تسويق الطلاءات المزيفة .