الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 نقل رفات إيراني مدفون في أبي غريب

بواسطة azzaman

كيف تحقّق حلم زيارة الامام الرضا إلى حقيقة؟

 نقل رفات إيراني مدفون في أبي غريب

 

صلاح الربيعي

 

سنوات مضت على احداث ومواقف جرت على العراقيين خيرا كانت  أو شرا  لم تكن  بالحسبان ولايمكن ان تمحى من الذاكرة ولكن فرضتها الظروف على أصحابها وحينما نستعرضها نراها كفيلم سينمائي أو رواية ذات احداث حقيقية بطلها الكاتب نفسه او أحد معارفه وهنا قد تحدث لي أحد أصدقائي وهو بمثابة الأخ القريب الى القلب جمعتنا الأخوة  والطيبة والثقة والتعايش بنقاء لأكثر  من ثلاثين عاما حيث كنا نلتقي ونحن باعلى درجات السعادة رغم مرارة ايام الحصار القاسية وكانت تدور بيننا احاديث متنوعة اغلبها  للنكتة السياسية والاجتماعية ونضحك بعمق لنطرد شعور الالم والحسرة على بلد  استهدفه كل اشرار  العالم على الارض وبعد فراق دام سنوات بسبب اغترابه طوال السنوات الماضية في قارة بعيدة جدا حيث  تفاجأت برسالة على الماسنجر من اخ وصديق وفي نبيل مغترب افتقدته سنوات طويلة وحال فتح الرسالة وقراءتها رن جرس الهاتف على الماسنجر واذا بصوت  اخي عماد أبو أحمد ابن الكوت الطيب المهذب الانيق الخلوق الاصيل الذي فارقته سنوات طويلة كلمني وقد ازدحمت لديه كلمات المحبة وأجمل عبارات الاشتياق يحدثني وهو مليء بالسعادة والفرح مقابل سعادتي التي لاتوصف بهذا الاتصال وفي معرض كلامه واعادة ذكرياتنا الماضية  التي عشناها وأيام الاحداث العسكرية الدولية العدوانية على العراق حتى وصل اخي عماد بالحديث عن قصة جرت معه لم اعلم بها سابقا لاننا افترقنا  بظروف مختلفة وقال لي لم اتحدث بها الا للمقربين جدا مني وقد مضت عليها سنوات اي  منذ بدء الاحتلال الامريكي للعراق وقد تشوقت لسماعها فقال عماد في زمن حكم النظام السابق كنت أحلم   بزيارة مرقد الامام الرضا (ع) في ايران ولكن  الظروف السياسية بين البلدين.

تغير حكم

 تمنع   السفر بين البلدين  وما ان تغير الحكم في العراق عام 2003  جاءت الفرصة لتحقيق الحلم الذي طالما راودني وقد شاءت الصدف بان أسمع من أحد العراقيين الذين يعملون بأحد المنافذ الحدودية من جهة الكوت ومنطقة حدودية ضمن الاراضي الايرانية قوله بأن الذي يعثر على جثة اي ضحية من  ضحايا الحرب العراقية الايرانية من الايرانيين المجهولين في العراق ويجلبه الى ايران فان الجانب الايراني سيكافئه بزيارة الامام الرضا ع مجانا  ودون معرقلات اكراما لموقف انساني حث عليه الاسلام الحنيف وهنا توقفت بالتفكير بجدية بهذا الامر لكي أحقق أمنيتي بزيارة مرقد الامام الرضا ع مجانا والدخول الى ايران  دون الحاجة الى تأشيرة والحديث مازال لأخي عماد قائلا قررت القيام  بهذه المهمة مهما كانت نتائجها  واصطحبت معي احد الاصدقاء الذي يتوافق مع توجهاتي وذهبنا الى مقابر المجهولين من مختلف الجنسيات والتي تقع في بغداد بعد السؤال عنها وعلمنا انها  تكون على طريق ابي غريب فتوجهنا الى هناك ودخلنا المقبرة التي تعج باهالي الضحايا وذويهم بحثا عن الذين فقدوهم بظروف غامضة فوقع اختيارنا  لا على التعيين بل مجرد اسم متوفي ايراني مكتوب اسمه على القبر  ومجهول العنوان وعرفناه من اسمه بانه ايراني ولعدم وجود ضوابط آنذاك وسط فوضى المشاهد المحزنه هنا وهناك طلبنا من مسؤل المقبرة ان يسلمنا جثة هذا المتوفي الذي لانعرف ظروف واسباب دفنه في العراق فوافق الدفان على ذلك دون ان يسألنا عن  علاقتنا بصاحب هذا القبر الذي لم نعرف الا اسمه وقام بحفر القبر بعناية كبيرة وهو يردد الآيات القرانية والدعاء بالرحمة للمتوفي والصبر لنا  حتى ظهرت لنا كومة من العظام مع قطع قماش بالية تلف الرفات  فجمعناها  ووضعناها في كيس وبما نسميها  ب ( الكَونية ) واستلمنا الرفات من الدفان الذي بارك لنا العثور على من تصوره الدفان بأن الرفات تعود لأحد اقاربنا او  احد ذوينا دون حصولنا على اوراق رسمية تثبت هوية الجثة وتفاصيلها  فانطلقنا فرحين الى كراج النهضة وكأننا قد حصلنا على جائزة ثمينة ومسرعين بالسفر من بغداد الى مدينتنا الكوت وقد ادركنا الليل ولايمكن اكمال المشوار الى الحدود العراقية الايرانية بنفس اليوم  مما اضطرني ان أصحب الرفات الى بيتي  مااثار ذلك الخوف والرعب لدى عائلتي مستغربين الحالة التي انا فيها حينها أخبرتهم بالقصة وما يحتويه الكيس من عظام لمتوف ِ ايراني  حيث وصفوني بالمجنون وغادروا الدار فورا وتركوني لوحدي  مع الميت حيث كانت من أصعب الساعات التي عشتها في حياتي وانا افكر خلالها كيف لي ان أصل حدود ايران ومعي هذا الحمل الثقيل من المسؤلية سيما وان الدوريات العسكرية الامريكية تجوب الطرقات والمدن والشوارع  الداخلية والخارجية ؟ بعدها  توكلت على الله متحملا مسئولية كل ماسيجري لي من مخاطر طمعا بالأجر والثواب والفوز بزيارة الامام الرضا (ع) ووبعد ذلك انطلقنا على مراحل حتى وصلنا الحدود العراقية الايرانية متوجهين الى مخفر حدودي لنخبر من اعتمدنا على كلامه سابقا في جلب احد الاموات الايرانيين ونسلمه للمنفذ الحدودي وندخل الاراضي الايرانية اكراما لموقفنا  حتى انصدمنا من رفض الجانب الايراني استلام الرفات ولا الجانب العراقي يقبل بذلك ايضا بسبب عدم وجود اوراق رسمية تثبت هوية الرفات وعائديتها ومن اية جنسية وكان هذا خطأً فادحا منا ومن صاحب المقبرة الي سلمنا الرفات انذاك   حينها اسودت الدنيا بأعيننا واصبنا بالحيرة والندم على التعب والمجازفة التي عشناها لايام مما اضطرنا ان نسال عن اقرب مقبرة حدودية في زرباطية التابعة لمحافظة واسط لندفن الرفات ونصلي عليها وضع اسم لها كما كان في مقبرة ابو غريب اكراما لصاحبها وعسى ان يأتي احد من اهله او اقاربه لينقله الى ديارهم في ايران بعدها عدنا ادراجنا خائبين دون جدوى واصرارا منا  غيرنا  مسارنا لتحقيق حلمنا بالوصول الى محافظة مشهد حيث مقام الحضرة الرضوية الشريفة بطريق اخر لايقل صعوبة وخطورة عن رحلتنا الاولى ولكن بحمل خفيف  وبعد عناء   يطول الحديث عنه وصل بنا الى حد الموت بسبب وجود حقول الالغام التي تملأ الارض الحرام بين اراضينا والاراضي الايرانية حتى وصلنا الى مرقد  الامام الرضا ع  وأدينا الزيارة وعدنا بعد ايام الى العراق مع افواج  العائدين من مشهد بأقل الخسائر من رحلة الذهاب تحت مقولة حشر مع الناس عيد والقول الشعبي الدارج ياناس ماطلعت زيارة الله لايشوفها لعبد مسلم !


مشاهدات 68
أضيف 2024/06/29 - 12:09 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 11393 الكلي 9361930
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير