الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حقيقة شريفة بنت الإمام الحسن

بواسطة azzaman

حقيقة شريفة بنت الإمام الحسن

حسين سامي الجعفري 

تواترت وتباينت الأقوال العديدة والاشكالات العقائدية التي نفت وجود قبر للسيدة المعروفة باسم (شريفة) بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، في المكان المشهور لها في مدينة الحِلّة وسط بلدنا العراق، ومنها نفت وجود ابنة للإمام الحسن تحمل مثل هذا الاسم، ومنها أيضا تقول أن الإمام المجتبى ليس له بنات في الأصل. كل هذه الأقوال النافِية قالوها المشكِّكون، واشتدَّ هذا النفي إلى أن أصبح تهجُّمًا شديدًا من قبل الكثير من أبناء البلد في الفترة الأخيرة، مع ظهور مراقد عديدة تُنسَب لأهل البيت عليهم السلام، وبعضها مُسمّاة بأسماء غريبة لا تُماثِل الأسماء الإيمانية الّتي تعوَّدنا عليها في العِترة الطاهرة وذويهم.

صحة وجود

والإثبات في صِحَّة وجود هذه البنت وهذا القبر لسيِّدةٍ من ذُرِّية الإمام الثاني، الحسن بن علي عليهما السلام، يحتاج إلى قِسمَين من الأدِلّة، هما: الدليل العقلي، والدليل النقلي.

أمّا الدليل العقلي، فقد تواترت وكثُرت بشدَّة الادِّعاءات والأقوال من قبل الكثيرين جدًّا حول انتهاء وقضاء حوائجهم، كحلِّ المصاعب الدُّنيوية، وطلب الذرية، ومعالجة الأمراض الخطيرة التي عجز عنها الأطباء، وغيرها العديد من هذا القبيل، بعد الرجاء بتلك السيدة وطلب العون والمساعدة منها، كونها ذات نسب رفيع، ولها مقام ومنزلة سامية عند الله سبحانه وتعالى، فهي ابنةُ سيِّد شباب أهل الجنَّة، وحفيدة النورَين الساطِعين في السماء والأرض، وجدُّها خير خلق الله في العالمين، رسولُهُ الأعظم محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). وكما هو مبيَّن، ليس واحدا أو اثنان من أعلن قضاء طلباته عندها، بل مئات الأشخاص وحتى الآلاف خرجوا وبيَّنوا مشاكلهم المقضية وشكروا السيدة المدعوَّة (شريفة بنت الحسن) على ذلك، ومنهم من وضع لافتةً عند مرقدها أو في قربه، معلنًا فيها امتنانه العميق وشكره للسيدة (شريفة) التي طلب منها العون بالتوسُّط إلى الله جلَّ شأنه لقضاء حاجته، كونها صاحبة منزلة رفيعة المستوى عند الباري عزَّ وجل.

مجموعة قليلة

ومن غير الممكن وغير المعقول، أن نقول بتكذيب كل هؤلاء الأشخاص!، وهذا يُحتمَل إذا كانوا مجموعة قليلة، أما في الواقع فهم أعداد مئوية وهذا ليس من المنطق أن نكذِّبهم جميعًا، خصوصًا بأن هذه الأقوال تمتد لعقود طويلة من الزمن بامتداد المرقد وشهرته القديمة، حيث أن المرقد لم يُشيَّد حديثًا لأغراض مصلحية كما عبَّر البعض، إنَّما هو مبنيّ من زمن طويل، حيث ذكره الفقيه محمد حرز الدين المتوفي سنة 1946م في كتابه (مراقد المعارف)(1). وهذا يسقط الادِّعاء الذي ينص بأن المرقد وهمي نُصِّب لأغراض مادِّية أو أخرى من المصالح السلبية.

هذا ما يمكننا التحقُّق فيه، فيما يخص قبر وشخص (شريفة بنت الإمام الحسن) من خلال الامتثال لأسلوب البرهان العقلي.

أمّا الدليل النقلي، فالتاريخ الإسلامي لم يتطرَّق بقدر كافٍ عن هذه المرأة، ولم يذكر شيء عن اسمها الحقيقي وعن حياتها وعمرها وتفاصيلها الأخرى، ولكن، لنأتي أوًّلا إلى نقطة مُهِمَّة، وهي أنه من المعروف جدًّا عند المسلمين، أن الأشخاص الفاطِمِيِّين الذين يرجعون بالنَّسَب إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، يُلَقَّبون بالسادة الأشراف، فالرجل منهم يُلَقَّب بالسيد الشريف، والمرأة منهم تُلَقَّب أيضًا بالسيدة الشريفة.

فالتنويه المراد من ذلك، هو أن السيدة شريفة بنت الإمام الحسن، لم يكن اسمها بالأصل (شريفة)، لأن الإمام المجتبى عليه السلام لم يكن لديه ابنةً تحمل هذا الاسم، إنِّما لُقِّبت بذلك من قبل بعض الناس حتى شاع عنها ذلك واشتهرت بهذا الاسم، وهذا بشهادة سكان المنطقة التي يتوسَّطها قبر هذه السيدة، وإن اسمها الحقيقي قد اختُلِف في تحديده، لكنها إذا ثبُت وجودها فهي واحدة من بنات الإمام الحسن عليه السلام اللاتي حددهنَّ كبار العلماء الذين ترجموا حياة الإمام، كالشيخ المفيد، وشيخ الشرف العبيدلي، وهُنَّ: أم الحسن، وأم الحسين، وفاطمة، وأم سلمة، وأم عبد الله، ورقية وفاطمة. وإن السيدة شريفة لا بدَّ من إنَّها تكون واحدة من هذه البنات.

احتمالات عدة

هذا ما يمكننا التوصُّل إليه في البحث عن حقيقة السيدة الجليلة المعروفة بـ(شريفة بنت الإمام الحسن)، وبكل تأكيد وصراحة، إن البحث عن هكذا موضوع، لا يمكن أن يخلوا من احتمالات عِدَّة تُطرح لغرض الصحة والمصداقية فيه. لأن كما قلنا، أن هذا الموضوع لم يأخذ مساحته الكاملة في التاريخ الإسلامي، فبالتالي يصعب علينا إيجاد الحقيقة التامّة فيما يخص هذه السيدة، ولكن من الممكن والمعقول، أن ما ينقل عن كرامات تلك السيدة وقضائها لحوائج الكثير جدًّا من الناس الذين طلبوا منها العون، ولم تقصِّر معهم، وذلك بحسب ما نقله أصحاب الحوائج المقضية عندها، يكون شيء من البرهان في إثبات ذلك. والله أعلم .

المصادر:

1: مراقد المعارف - محمد حرز الدين / ج1 ص384

 


مشاهدات 221
أضيف 2024/06/15 - 1:39 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 9:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 11393 الكلي 9361930
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير