فاتح عبد السلام
هناك حملة عالمية أوربية وأمريكية وشرق أوسطية لملاحقة مراكز بث إعلامية لتنظيم” داعش” في أكثر من ثلاثين لغة لا تزال تنشط في الدعاية والتعبئة بالرغم من اندحار التنظيم في معاقله الأساسية في سوريا والعراق. الملاحظ انّ هناك تأخيراً يزيد على سبع سنوات عن الموعد الافتراضي في اقصاء التنظيم عن ساحة البث الإعلامي الدعائي او النفوذ المستوطن في مواقع التواصل الاجتماعي المفتوحة مع الناس. وزاد على ذلك قيام جهود أمريكية تركية مشتركة بتفكيك شبكة لتهريب البشر مرتبطة بذات التنظيم، من دون أن يتم الإعلان عن المدى الذي بلغته تلك الشبكة في تهريب الافراد الى أوربا أو وجهات عالمية أخرى، كما لا توجد معلومات عن نسبة المرتبطين بالتنظيم من بين الذين جرى تهريبهم الى مختلف البلدان.
ما هو معلن، يصدر عن مصادر أحادية ولا يمكن التحقق من انّ ذلك الاستهداف على صلة مباشرة بتنظيم إرهابي متطرف أو صلات أخرى، لسبب بسيط هو انه لا يجري ابدا الإعلان عن استهداف تنظيمات متطرفة من «ألوان» أخرى، تعمل إعلامياً وعسكرياً أيضاً باتجاهات تصب في اشعال المنطقة، وهي في حقيقتها كما كانت ذات يوم قريب، خزانات وقود تحت الرماد لأي تصعيد متطرف تتوافر له أسبابه.
لا تزال مواقع الشحن الطائفي والتحريضي تعمل بكامل حريتها عبر مراكز بث عالمية على الأقمار الصناعية أو في منصات التواصل الاجتماعي من دون مساءلة، وتتخذ من معاداة داعش ستارا لها. وليس دورنا هنا ان نعدد أسماء المواقع او الشخصيات التي تمتهن التحريض، فتلك من مسؤوليات الأجهزة التي تصرف مئات ملايين الدولارات على رصد تلك الأنشطة، لكن سمة الانحياز في الملاحقات ليس لها تفسير واضح سوى انها انحياز معين، ربما له ما يبرره سياسياً أو أمنياً أو مرحلياً.
في العراق مثلا، أعلنت” فصائل” معينة انها تتدارس الانضمام لجبهة جنوب لبنان اذا اندلعت الحرب هناك، وهذا يعني انّ هناك قوات عسكرية ستنتقل عبر منافذ رسمية عراقية الى دولة أخرى للمحاربة، وقد يترتب على ذلك إمكانية تحول العراق الى ساحة حرب مفتوحة في حال قررت إسرائيل الرد داخل العراق بوصفه منخرطا في الحرب، التي لا نتمنى مطلقا ان تقع بالرغم من علامات التصعيد الكبيرة في جنوب لبنان حالياً. طبعا لا يجوز لأي جهة أن تسأل إن كان انخراط « فصائل» “عراقية” بعلم من الحكومة او بدعمها او أنه يجري في السر، ولا تدري الجهات الاستخبارية أي شيء عنه. ذلك متروك لأمرين، هما قرار الحكومة العراقية ومصلحتها، واحتمال نشوب حرب جديدة تصاحب خواتيم حرب غزة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية