الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
في رثاء شقيقي سعد حداد

بواسطة azzaman

في رثاء شقيقي سعد حداد

   منير حداد

 

يتلظى الحزن ناراً في الحشى، تلهب الدموع فتكوي المآقي... لا نعدم أن الروح أمانة واجبة السداد لله، لكن... يشويكنا من إرحلت لليوم نتنطر.. والفركة تحت الضلع نيرانها تسعر. مات شقيق روحي سعد، وعيناه ترنوان الى حياة لم يعشها في العراق.. محض ذكريات جفت يابسة تنبض، مثل حصاة على قمة جبل منذ مليارات القرون.. تغرَّب في سن العشرين، لائذاً بهولندا، بعد تآمر شاه إيران محمد رضا بهلوي، مع صدام حسين، في معاهدة الجزائر 1975 التي أحبطت الثورة الكوردية ولم تقضِ عليها؛ لأن الثورة تسري في دم الإنسان الكوردي تشد كرامة الأمة الكوردية.. أفراداً ومجتمعاتٍ.. الى صخر الجبال.سنة 1975 لجأ شقيقي سعد مع أخينا الآخر فاروق الى هولندا، منفرطاً عنا.. نحن أخوته الذين كنا سنخسره شهيداً يعدمه صدام، إن مكث بين سراديب الجبال التي كشفها الشاه أمام صدام حسين.. وكان نائب رئيس الجمهورية حينها، فتوجه الى هولندا «بالعربان ولا بالتربان».إفترقنا عنه جسداً وما زلنا متصلين روحاً.. سواء أحي أم ميت.. فنحن ثلاثة عشر.. بواقع عشرة أولاد وثلاث بنات، نسلنا القدر من ظهر صبري حداد شواني - شوهاني- ورحم صفية محمد أحمد الملكشاهية.. سعد سابع ثلاثة عشر أنا الإثنا عشر بينهم، تفصلني عنه عشر سنوات، لم تقطع نياط القلب عن وحدة النبض؛ لأنه حنون.. عطوف.. طيب.. يتحيز لي عن إخوتي في المشادات الطفولية البريئة والسجالات الجادة.. ننقسم في الشكل والمظهر بين ملامح الأب الأسمر والأم الشقراء، متوزعون بين متدين على نهج الأم، والقومي المتحيز لكورديته بمبالغة مفرطة على سجية أبيه، فكنا نحن الإثنين.. أنا وفاروق نصطف رهطاً في حضرة الأم الملكشاهية، وسعد ضمن فريق الوالد القومي.

* * *

وا حسرتاه.. مات ولم يطمئن رأسه على وسادة العراق.

* * *

قتل صدام من قتل.. شهيداً.. بين إخوتي، وأمس مات سعد وقبله منذ سنوات فاروق.. كلاهما في هولندا... تداعياً على سفح العد التنازلي من لحمة العائلة التي مزق القدر نسيجها.. 

رحمك الله أخي أيها العطوف الكريم، عشت كريماً تغدق سخاءً على إخوتك وأخواتك.. قبل وأثناء حصار صدام وحروبه العبثية وغزوه دولة الكويت الشقيقة.. وما زلت تثري وداعتهم الى حين موتك.. وفساً لعائلتك على الرغم من البعد.. ولاءً للوطن وإيماناً بالثورة الكوردية.. الأزلية، التي لن تنطفئ شعلتها أبد الآبدين.

رحمك الله اخي.. مأواك الجنة مع إخوتك الشهداء والصالحين..

***

عودة الجثة الشهيدة

***

مات ولم تطأ قدمه أرض العراق، الذي سيجيء إليه جثة؛ إذ لم يشأ العودة الى العراق بعد سقوط نظام صدام؛ لعدم رضاه عما يحصل شأنه شأن الكثيرين ممن قاتلوا من إجل إرساء جذور وطن تنمو بذرته المغروسة منذ آلاف السنين، وليس لجني ثمار الخدعة.

إعتصم بالغربة، كي لا يخون الشهداء.

 

 

 

 


مشاهدات 231
الكاتب منير حداد
أضيف 2024/06/10 - 3:38 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 7:41 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 297 الشهر 11421 الكلي 9361958
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير