الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شهوان لـ(الزمان): طوفان الأقصى تحّول جديد  في الإعلام العربي

بواسطة azzaman

شهوان لـ(الزمان): طوفان الأقصى تحّول جديد  في الإعلام العربي

اورنيلا سكر

أجرت صحيفة الزمان حواراً مع الاعلامي اللبناني فادي شهوان حول «دور الاعلام الجديد في تغطية حرب غزة»، والتحولات التي نتجت عنها  في أورقة السياسة الدولية . ويقول:  «ان عملية طوفان الاقصى شكلت تحولاً جديداً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مشيراً إلى ان  الاعلام الجديد ادى الى التغيير في الرأي العام العربي والدولي فلم تعد السياسة قادرة على الخداع وتمرير اكذوبات وحجج للحروب كما حصل عام 2003 عندما تحججت الولايات المتحدة بامتلاك الرئيس العراقي صدام حسين السلاح النووي»لتشن حربها عليه إليكم نص الحوار:

 ما مدى مهنية الاعلام العربي  في «انتقاء المصطلحات»  ذات المدلول الصحيح حول حرب فلسطين؟

الإعلام غير المتحيز يستخدم مصطلحات غير متحيزة لاي فريق واعتبر نفسي تلميذ هذه المدرسة التي لا تنحاز على وتقف في الوسط وتنقل الخبر كما هو. فنتعامل في نقل اخبار الحرب في غزة كما تعاملنا مع احداث الحرب في أوكرانيا.

 نحن نعتمد مبدأ المهنية والحيادية تجاه القضايا والمواضيع خاصة حين تكون جدلية وهناك انقسام حولها. وبخاصة اني اعلامي لبناني اخاطب شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين عانوا الامرين نتيجة الوجود الفلسطيني في لبنان المسلح و محاولتهم تحويل لبنان إلى وطن بديل . ان هذه الذاكرة في العلاقات الفلسطينية –اللبنانية لم تندمل بعد نتيجة اخطأ تاريخية لا تزال تمارس في لبنان ونحن كشعب لبناني نتعاطف معها من الناحية الإنسانية فقط لما له من حيز انساني اخلاقي ومهني فقط اما ان نكون طرفاً في الصراع العسكري فهذه  ليست من مصلحة وامن لبنان.

 هل تعتبر  ما يجري هو عدوان أم حرب على فلسطين؟

في السابع من تشرين الاول قامت حركة حماس بهجوم على غلاف غزة إعتبر صاعقاً تاريخياً اتجاه اسرائيل وادى الى كسر هيبتها على انها الدولة التي لا تقهر ، وقد اعلن رئيس الاركان الاسرائيلي مسؤوليته حول ما حدث معترفا بالتقصير

عملية طوفان الأقصى اتت غداة سنوات من شبه الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة ، في وقت كانت اسرائيل تنقل الأموال الى قادة حماس في محاولة لخلق توازن بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية لزيادة منسوب الانقسام الداخلي.

ما قامت به حماس هو عملية قوية جداً اعتبرتها إسرائيل بانها شكلت خطراً وحودياً عليها ، واعتبرها الجميع انها اعادة احياءً القضية الفلسطينية

وما تقوم به إسرائيل هو حرب على غزة بهدفين معلنين من قبلها : انهاء حماس واستعادة الرهائن الذين خطفوا خلال طوفان الأقصى، والنتيجة حتى اليوم لم تتحقق باعتراف الجميع والضحايا هم المدنيون في قطاع غزة.

الرئيس الاميركي اعترف ان الأسلحة التي ارسلتها الولايات المتحدة الى اسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ولم تعد واشنطن قادرة إلى تحمل هذا العبء وبالتالي يرى القائد الميداني لحماس يحي السنوار « ان اطالة امد الحرب وسقوط المدنيين يخدم القضية الفلسطينية لدى الرأي العام العالمي «

في المحصلة ما يجري في غزة هو حرب وجود بين اسرائيل وحماس: إسرائيل تعتبر ان طوفان الأقصى شكل تهديداً وحودياً، وحركة حماس تريد المحافظة على وجودها في قطاع غزة … ومن يدفع الثمن هو الشعب الفلسطيني.

 إلى مدى تشكل واشنطن الرافعة لهذا العنف والارهاب ؟

مما لا شك فيه ان اميركا هي التي تحمي اسرائيل وقد استقدمت بوارجها إلى المتوسط وبدأت بإرسال الأسلحة إلى اسرائيل بعيد طوفان الأقصى وقدمت لها الدعم العسكري والمالي والسياسي وحتى الغطاء الدولي ومنعت اي قرار اممي يصدر ضدها.

لكن هذه الحرب طالت كثيراً وسقط اكثر من 34 الف شخص في غزة . ولم يعد احد يستطيع تحمل عبء سقوط مدنيين، اليوم المعركة على رفح والخلاف الاميركي الإسرائيلي تحت عنوان مقاربة الحرب في رفح فأوقفت الولايات المتحدة بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل وأعترف الرئيس بايدن بان الأسلحة الاميركية استخدمت في قتل المدنيين للضغط على نتانياهو لتغيير استراتيجية الحرب على رفح وإيجاد طريق للقضاء على حماس وإطلاق الرهائن وتجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين.

 لماذا كان الطلبة الغربييون قوميون عرب اكثر من العرب؟

أن  ارى الموضوع من منظور مختلف، وذلك بسبب تحريك طُلاب الجامعات الغربية المتأثر بالاعلام والشعارات  وتعاطفه تجاه قتل المدنيين جهلاً منه  بأن  من يقف وراء التحركات الطلابية كان خلفهُ حسابات سياسية، تظهرت الى الطالب الامريكي الذي يجهل أن من يقاتل اسرائيل  هو حماس والتيارات الاسلامية. وانهم قاتلوا سابقاً الولايات المتحدة الامريكية، عبر قتل الطيارين الامريكيين. وذلك بفعل جهل الطالب الامريكي بحجم التضحيات التي قدّمها لبنان من أجل القضية الفلسطينية وممارسات الفلسطيينين والاخطاء التي قاموا بها في الحرب اللبنانية. اذ  انهم يجهلون خلفيات كثيرة وبتالي، فقط جاءت ردود فعلهم هذه على خلفية تشكُّلات ثقافية صنعها الاعلام الرقمي انصار الاعلام الجديد ، الامر الذي جعل الرواية الغربية أمام شبهات التأثيرات الخارجية التي تتلاعب وتقذف عقل المواطن الغربي والطلابة في الجامعات الغربية نتيجة الاخبار المشوهة والمضلّة. كما أن  التحريفات التي رافقت الميدان الحربي في نقل المعارك وغير ذلك تنقل أخبار  الفلسطينيون بشكل يتجاهلون فيه واقع، انهم ارادوا تحويل لبنان الى  وطن بديل لهم سابقاً.

لذلك،  أجد ان الطلبة في الغرب مضللون ويفتقرون لكثير من المعطيات والجوانب التي تحيط بطبيعة الصراع، وما يجري في الشرق الاوسط من خلفيات والتباسات وحسابات سياسية.وفي سياق متصل، يجهل الرأي العام الغربي حقيقة المعارك التي تدار في جبهة الجنوب اللبناني اليوم ، وان حزب الله ليس بموضع الاسناد للقضية، انما ما يقوم به هو مجرد عمليات مشاغلة العدو والانجاز الوحيد الذي حققه ،هو نزوح مئة نازح اسرائيلي من الجبهة الشمالية نحو الجنوب اللبناني .

 هل تجد حزب الله بمثابة اسناد للقضية العربية؟

حزب الله لم يقدم شيئاً للقضية الفلسطينية ولم يكن في موقع الاسناد انما المردوع، وجميع الاحداث التي وقعت تشير إلى أن الطرف المردوع كان حزب الله . وكل ما أظهره من  شعارات وهمية، لم تخدم القضية الفلسطينيية سوى بمزيد من سفق الدماء وقتل الابرياء وارتكاب المجازر الدموية بحق الشعب الفلسطينين وتكرار نكبة 1948.

 لان ما يجري هو عبارة عن مشاغلات لحزب الله مع اسرائيل غير قادر فيها على فتح معركة معها. وأي مغامرة له مع اسرائيل على  شاكلة حرب تموز يعني تحويل لبنان الى غزة وخان يونُس ثانية، وقد صرّح نتنياهو مراراً ذلك .

 مع العلم، أن الحزب كان يردّد دائماً بدعم حماس إن دخلوا منطقة الشمال، فهو سوف يغيّر قواعد الاشتباك ويجتاح اسرائيل برياً. وفي المقابل،  ماذا تحقق من هذه التهديدات لا شيئ .

 اين تم دعم حماس ؟ اين هو هذا الإسناد المزعوم للقضية العربية، إن هذه النتائج تم التاكيد عليها عبر اعترافات  قادة حماس  لقناة الجزيرة بقولهم وبصريح العبارة، أنهم تعرضوا للخزلان والغدر، التي  أثارة ردود الفعل وحملات نفي ونفي مضاد.

وهذا ما صرحته وكالة رويترز التي تم نفيِّ خبرها لاحقاً تكذيباً. كما أن حوادث الاغتيالات التي تعرض لها قادة حماس في الضاحية ودمشق لم تعبر عن المواقف التي صدرها محور الايراني غزة ولا بحجم السقف الذي تم رفعه ما قبل الحرب على غزة .كما أن اسرائيل لم تنهزم انما ازدات أكثر قوة وصلابة في مواقفها وعنفها تجاه الفلسطينيين مقابل تهميش وعدم تمثيل  الدور الفلسطيني في المؤسسات القرار الغربي أي الكونغرس، بمعزل عن تأثيرات الحملات الدعائية التي  لا تصب سوى في مصلحة اسرائيل وتخدم وجودها على اعتبار انه كيان مهدد من قبل الجماعات الإرهابية  نتيجة الصورة السلبية والتكتيكات السلبية التي تقوم بها حماس والطلبة في الجامعات الغربية الذين أعادوا إحياء الحادي عشر من ايلول 2001 باعتباره صراع حضاري مع الإرهاب الإسلامي.

إضافة إلى أن   لبنان في وضعه الراهن، هو عاجز ان يكون  في موضع اسناد ، فكل شيئ فيه منهار لا امن ولارئيس ولا استقرار، ويعاني من ازمات عديدة لاتمكنه من سعفة أحد وبخاصة أن الدول المساندة لديها أولوياتها ولن تسهم إعمار لبنان فيما لو تعرض للحرب والدمار .

 وبالتالي، لبنان اليوم هو عبارة عن رهينة بيد المشروع الايراني والمفاوضات مع الولايات المتحدة الامريكية حول برنامجها النووي.

 هل تتوقع سيف ساخن في لبنان؟

انا اتوقع  أن الحرب سوف تكون محدودة ولن تتوسع بدليل أن الامريكي يمنع توسيع هذه المعركة، وهذا ما عبّرت عنه أحداث 14 نيسان، حين قصفت ايران اسرائيل وما جاء على خلفها من الَّرد المضاد في سياق العمل الديبلوماسي الذي عبر عن تبادل الرسائل أكثر منه عدواناً وهجوما كما كان يتوقع البعض .من هنا نستشف أن مصالح ايران واسرائيل اولى من نصرة الشعوب المضطهدة وحركات التحرر المزعومة عام 1979.

وما جرى في البحر الاحمر ليس الاّ سلسلة متواصلة ومستأنفة من «حرب المشاغلات»، التي اضرت  بالمصالح السعودية  والصينية واستهدافاً للامن المصري.

 وما جرى في البحر الأحمر هو  عبارة عن مرتزقة يمارسون الشغب والبلطجية وتعريض الملاحة الدولية للخطر والتهديد.

فقد كان أولى بهم وضع  حظر على باب المندب، وليس استهداف القوافل والشاحنات الدولية التي لم يثبت حتى الأن  صحة استهدافهم لقافلات اسرائيلية او، بضائع اسرائيلية أو أي، تهديد فعلي يلامس اسرائيل باستثناء قيامهم بممارسات غير شرعية تخالف قانون البحار الدولي. الأمر الذي  أدى إلى الإساءة للقضية  الفلسطينية اكثر مما أفادها.

ماذا بشأن التصريحات بتوتر العلاقات الامريكية-الاسرائيلية، أبعادها؟

أنا أعتقد ان واشنطن تدعم اسرائيل  وتساندها بدليل أن تواجد الترسانات الحربية الامريكية في الشرق الاوسط وتزويد تل ابيب بمخزون من الاسلحة المتطورة فضلا الى الدعم السياسي  والديبلوماسي غير اللامحدود سواء عبر القوة الناعمة والحملات الدعائية وغيرها. وما يجري من حملات دعائية ليست الا تعبير عن موسم انتخابي وتوازن سياسي تنتهجها الادارة الامريكية بهدف امتصاص حركة التمرد الطلبة في الجامعات الغربية واستقطابهم في اطار نهج براغماتي لدى الولايات المتحدة لتأكيد على ثقافة الحرية والديمقراطية الغربية.

كما أن جميع المسيرات الايرانية قد سقطت خارج الحدود الاسرائيلية من خلال القوات الامريكية والبريطانية . وبشأن  مطالبة الامريكي بوقف المعارك في رفح هو نتيجة اقتراب موعد الانتخابات الامريكية ، إذ أن إطالت امد الحرب في فلسطين ليس من مصلحة أمريكا.إضافة إلى أنهم  يرغبون  في ايجاد حل لمعركة رفح دون التسبب بقصف المدنيين ومزيد من تكبد المجارز التي باتت تثقل كاهل الغرب وتضع ضغوطات اخلاقية وانسانية على الولايات المتحدة.

إن الخلاف اليوم بين تل ابيب وواشنطن ناتج حول منطلقات تكتيكية وليست استراتيجية،  من أجل إنهاء حماس واطلاق الرهائن دون اجتياح رفح لان ذلك سوف يؤدي إلى خسائر بشرية هم بالغنى عنها  وبخاصة،  أن نقمة الشارع الاسرائيلي تمارس كثير من الضغوطات على نتنياهو، الذي يريد الإنفلات منها فضلا الى موضوع المحاكمتين القضائية بشأن الفساد اولا، وجرائم الحرب ثانياً. فهو يهدف إلى تحصيل مكاسب عسكرية للخروج من مأزقه الداخلي، وتأجيل موعد محاكمته. لذلك، تندرج معركة رفح في اطار اطالة امد الصراع من اجل التوصل لتفاهمات معينة بين حماس ونتنياهو بحجة اطلاق الرهائن والاسرى بين طرفي النزاع وبخاصة، أن الجانب الاسرائيل قد عبّر عن قانون هانيبال مراراً،  فيما لو عجز عن استرجاع الاسرى . مما يؤشر الى حقيقة الرغبة في ايجاد حل بين الطرفين لانهاء الحرب لانها ارهقتهما بفعل المظاهرات الأهالي الاسرائيليين ، وانقسام الحكومة الاسرائيلية، وما تواجهه اسرائيل من هجرة معاكسة.

ختاما، هل فعلاً احسن الاعلام العربي في اسقاط الرواية الغربية؟

اولا ، يجب توضيح مسألة أن حركة الطلبة داخل الجامعات الغربية والامريكية ليست لها تأثير كبير وبخاصة ان اغلبهم ليسوا أمريكيون. ثانيا، ما جرى له تأثير على حملة جو بايدن الانتخابية من حيث عدم قدرته في منع الحرب او التأثير عليها. ثالثا، لا بد من أن نشير الى مسألة في بالغ الاهمية هو أن دور الاعلام الرقمي اليوم لعب دوراً مهما في تعرية حقيقة الصراع من ناحية العسكرية والمواقف السياسية واليدانية ادى الى التغيير والتأثير في الرأي العام الغربي وصناعة رأي عام جديد كان اكثر استحكاماً وانخراطاً في حرب غزة اكثر مما كان عليه في حرب العراق عام 2003، بحيث كان الاعلام تقليدي ومتطوراً ومدعوماً بالادوات الذكية والرقمية.  لذلك كان من السهل إحداث التضليل والتلاعب في الرأي العام، وتوجيه ميوله نحو قضية الحرب او استغلاله في انشطة سياسية وانتخابية.  بينما اليوم المشهد مختلف تماماً، نحن نتعامل مع وسائل اعلام جديدة اسهمت في احراج الادارة الامريكية سواء كانت في عهد بايدن ام في عهد ترامب. كما أن حجم  الوعي لدى الجماهير ازداد، وخلق ساحة تفاعل من حيث التأكيد وتكذيب الخبر بعكس حرب العراق عام 2003 حين تم تمرير اكذوبة السلاح النووي على الشعب العراقي .


مشاهدات 335
الكاتب اورنيلا سكر
أضيف 2024/06/07 - 7:50 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 11393 الكلي 9361930
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير