فرنسا تواجه طلباً ملحاً من الجزائر  بإعادة ممتلكاتها التأريخية المحفوظة منذ الحقبة الاستعمارية

باريس - سعد المسعودي

لا يزال ملف الذاكرة بين فرنسا والجزائر يشغل الطبقات السياسية الفرنسية  ونظيرتها الجزائرية  بسبب تكرار  المطالب الجزائرية  وطلبها بالاعتراف العلني بالجرائم التي ارتكبت خلال  فترة أستعمار فرنسا للجزائر ,في حين لوح سياسيون جزائريون بمبادرة لسن قانون يجرم الاستعمار، ردا على إصدار الجمعية الوطنية الفرنسية قانونا في 23 من فبراير (شباط) عام  2005 يمجد الاستعمار .

والعلاقات الفرنسية الجزائرية تتميز بخصوصية مرتبطة بالتأريخ وتشابك العلاقات بشريا واقتصاديا سياسيا وأمنيا ، ولا تزال في «حالة مد وجزر»، ولا يتوقع أن تنتهي قريبا في غياب الجرأة ورفض تقديم تنازلات  ومحاولة تجاوز بعض العقبات،  لكن تبقى مشكلة الذاكرة بالنسبة للجزائر «قضية مبدئية غير قابلة للتفاوض «

وامام هذه الضغوطات الجزائرية على فرنسا  تم تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لتقديم دراسة حول «ملف الذاكرة « والنظر في الحقبة الاستعمارية , ويذكر أن  الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون   سبق وأن  قام بتكليف المؤرخ بنجامان ستورا بكتابة دراسة تاريخية عن « الاستعمار وحرب الجزائر « فيما كلف الرئيس الجزائري عبد المجيد بن تبون , المستشار الرئاسي عبد المجيد شيخي للعمل على ملفات «الذاكرة الوطنية واسترجاع الأرشيف الوطني» من الفرنسيين.  .وفي إطار عمل هذه اللجنة المشتركة للذاكرة بين البلدين ,قدّمت اللجنة المشتركة  قائمة بالممتلكات التي تحتفظ بها فرنسا منذ تلك الفترة بهدف استعادتها، وفق ما أعلنته اللجنة  في بيان صدر الأثنين , وفي جديد تطورات هذه الأزمة  وافقت فرنسا  بالإجماع  على هذا الطلب  والتزمت بتقديمها إلى الرئيس الفرنسي، من أجل عودة هذه الممتلكات إلى بلدها الأصلي في أقرب وقت ممكن.

صفقة رمزية

 وتضمن البيان أن  اللجنة الجزائرية قدمت  قائمة مفتوحة للممتلكات الجزائرية التاريخية ذات الدلالات الرمزية والمحفوظة في مختلف المؤسّسات الفرنسية والمقترحة للاسترجاع والتسليم بصفة رمزية للجزائر  ,

 ودعت اللجنة الجزائرية نظيرتها الفرنسية إلى رفع انشغالاتها حول استرجاع الممتلكات الثقافية والأرشيفية وغيرها في القائمة المرفقة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

 ويذكر أن اللجنة عقدت منذ تأسيسها في 2022 خمسة لقاءات آخرها في الجزائر يومي الأربعاء والخميس، بمشاركة عشرة مؤرخين، خمسة من كل جانب، من أجل «النظر معا في تلك الفترة التاريخية» من بداية الاستعمار سنة 1830 حتى نهاية حرب الاستقلال عام 1962.

 واتفقت اللجنة المشتركة في اجتماع باريس في شباط/فبراير الماضي ، على استرجاع كل الممتلكات التي ترمز إلى سيادة الدولة الخاصة بالأمير عبد القادر ابن محي الدين (1808-1883)، وهو في نظر الجزائريين مؤسس الدولة الحديثة وبطل المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. الرئيس الجزائري يؤجل زيارته لباريس .

 وفي ذكرى مجازر 8 أيار/مايو 1945 أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ملف الذاكرة بين الجزائر والمستعمر السابق، فرنسا  « لا يقبل التنازل والمساومة « ويجب معالجته بجرأة لاستعادة الثقة بين البلدين.

وسبق لفرنسا أن سلمت الجزائر في 2020 رفات 24 مقاوما قُتلوا في بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي استمر 132 عاما بين 1830 و1962. لكن الجزائر ظلت تطالب باسترجاع «الجماجم الموجودة في المتاحف» ومنها متحف  الانسان في باريس  لإعادة دفنها في الجزائر . وفي نهاية آذار/مارس صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية على قرار يدين «مذبحة» 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961 في باريس التي ارتكبتها الشرطة بحق متظاهرين جزائريين، وهو ما رأى فيه تبون «خطوة إيجابية وقبل الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري لفرنسا، والتي تم تأجيلها عدة مرات، ستجرى  انتخابات رئاسية  «مسبقة»  في السابع من أيلول/سبتمبر 2024، أي قبل ثلاثة أشهر من موعدها، لكن تبون لم يعلن بعد ترشحه لولاية ثانية

حل مسبق

 في كانون الأول/ديسمبر، اعتبر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطّاف أن شروط الزيارة «غير مناسبة»، ثم ذكر خمس قضايا يتعين حلها مسبقا، من بينها الذاكرة والتنقل والتعاون الاقتصادي ومعالجة تداعيات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية إبان الاستعمار الاستعمار الفرنسي .فيما حددت اللجنة المشتركة بأن اجتماعها المقبل سيعقد في فرنسا بداية تموز/ يوليو  حسب البيان الفرنسي. الاجتماع المقبل في فرنسا في بداية تموز/يوليو، بحسب البيان