عصامية الثقافة ومهنية المسيرة
عبد الرحمن عناد
يمثل الراحل رزاق ابراهيم حسن نموذجا في عصامية التثقيف الذاتي والقدرة الفردية على تجاوز ما يواجهه الإنسان من تحديات خارجة عن الارادة من جهة, والقدرة على توظيف ما تراكم معرفيا في خدمة ومنفعة الاخر في مختلف تجلياته من جهة ثانية، مختارا عن ارادة تمثيل الطبقة العاملة والتعبير عن واقعها وتطلعاتها و مسيرتها التاريخية، وهو ما يمثله نتاجه الفكري والادبي والاعلامي لعقود عدة وتميز بعين راصدة ومتابعة لما حوله وما يفرزه الواقع من انعكاسات ‘ فبدا لهذا مهموما بما يعاني مجتمعه وطبقته التي مثلها بصدق ومحبة، وزاد اطلاعه الخارجي ثقافته الذاتية في معرفته وتفضيل اختياره لمن احبهم وعاش همومهم وعبر عنهم في كتاباته الكثيرة المتنوعة.
صفحات ثقافية
وهكذا قرآنا له عن المدن التي زارها، وعن مقاهي بغداد الأدبية وشارع المتنبي غير ما كتب شعرا معبرا عن أحاسيسه المرهفة في دواوين عدة . وفي مجاله الإبداعي إضافة لما تقدم، نرى قدرته في إدارة ملاحق وصفحات ثقافية تتناول المواضيع الأدبية والثقافية ومشاركة الأقلام الأخرى فاسحا المجال للشباب في النشر والتعبير، مبدياً في هذا الجهد الوفاء لمن يستحق الذكر والإشارة من المثقفين، وهي خصلة فيه لا زمته طوال حياته . وفي مجاله الاعلامي كان موفقا في اختيار الفكرة والتعبير عنها بأسلوب سهل ومؤثر، مثلما هو بارع في العمود الصحفي الذي كان من وسائله التعبيرية المتعددة، والذي طرح من خلاله العديد من الأفكار والمقترحات التي لقيت قبولا وتجاوبا ، مثلما لقيت دعواته الأخرى هذا التجاوب بما يفيد خاصة الشباب من الأدباء الذين يدينون له بالفضل مقابل رعايته لهم وتحفيزه لهم بالنشر واعطاءهم الفرص للمشاركة في الندوات والمهرجانات. و مما يميز الراحل العزيز في مسيرته المهنية عدم مجاراته في الكتابة عن العمال وتناول مسيرتهم المهنية محليا وعربيا حتى الآن، وتشهد له في هذا المجال كتاباته الكثيرة وكتبه العديدة التي صار بعضها مصدرا للبحث لما تضمنته من معلومات وتوثيق وإضافة في الكتابة العمالية . وفي ذكرى رحيله المحزن يستذكر زملاؤه ومحبيه وكل من عرفه، اديبا و إعلاميا مميزا نذر نفسه لوطنه وكادحيه، فكان قلما منصفا وبارعا في كل موقف ومجال، لم يبخل بالعطاء رغم معاناته ومرضه، فله منا التقدير والذكر الطيب وخالص المحبة والوفاء .
كاتب وصحفي