الشذوذ الشعري
حسين الصدر
-1-
هناك شذوذ شائع يعرفه الناس وهو الشذوذ الجنسي ، غير أنَّ هناك شذوذا يختص به بعض الشعراء لا يذكره الآخرون .
والسؤال الآن :
ما هو هذا الشذوذ ؟
انه شذوذ الهجوم على الناس وعلى الأصدقاء منهم خاصة .
حيث يطرح بعض الشعراء آراءهم الشاذة في معظم أصدقائهم ويسمونهم بالمنافقين، ويُصدرون الأحكام جُزافا على الناس جميعا بعدم الصدق ويتساءلون أين هم الصادقون ؟
مثال ذلك ما قاله محمود ساقي البارودي الشاعر المصري الشهير:
لأيِّ خليلٍ في الزمان أُرافقُ
وأكثرُ مَنْ لاقيتُ خِبُّ منافقُ
بلوتُ بني الدنيا فلم أَرَ صادقاً
فأين لعمري الأكرمونَ الأصادقُ ؟
وواضح لكلّ ذي لُبّ أنَّ البيتين هما حصيلة هياج نفسيّ وتوتر عصبيّ وخيبة كبرى وليسا تعبيراً عن الواقع .
واذا كان من الصحيح وجود أشخاص خانوا الصداقة ولم يؤدوا حقوقها ، فانّ من الصحيح أيضا وجود مَنْ يقدّم الصديق على نفسه وأهله ، ويكون معه أكثر بّرا من أقرب الناس اليه.
والدنيا منذ فجرها الأول فيها ( قابيل ) وفيها ( هابيل ) وفي كل زمان ومكان هناك قابيل وهابيل .
-2-
انّ الصداقة عندي هي زينة العمر وقد قلتُ :
أوما دريتَ وكيف لا تدري
أنَّ الصداقةَ زينةُ العُمْرِ
ولا أستطيع أن احصي المواقف والمبادرات الكريمة التي طوّق بها الأصدقاء جيدي ، كما أنني لا أقوى على شكرهم، ولا أملك الاّ الابتهال اليه سبحانه أنْ يصونهم من كل سوء في الدنيا وأنْ يجزل لهم المثوبات في الآخرة .
-3 –
انّ أمواج التهويل والمبالغة الشديدة يركبها الشعراء وغيرهم الاّ أنَّ قوافي الشعراء تبقى متداولة على الألسن دون تلك الأقاويل لما يحتله الشعر من قدرة على النفاذ الى القلوب .
-4-
وليس صحيحاً بكل المعايير الدينية والأخلاقية والإنسانية الركون الى أي لون من ألوان التطرف في القول والعمل، ولابُدَّ من تحاشي الوقوع في التهويل المفرط والمبالغات الفجّة .