الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كلمات من أجل الإحتفاء بنینوی

بواسطة azzaman

وإنما لكلِّ أمرئِِ ما نوی

كلمات من أجل الإحتفاء بنینوی

إمین بوتاني

 

(إینما حلَّ نوزاد

فاض الخیرُ و زاد)..

قیل ان الإنسان یری بإن بیته یقع في قلب العالم، إو ان العالم یبدإ من بیته، لذا فإنني سإبدإ من حیث تنبجس قدرتنا علی الحب البكر للمكان الإول و غیرتنا الدائمة لقداسة الإرض الإولی. وهذا الذي ورد في سفر النبي ناحوم قبل سقوط نینوی ما معناه؛ ان كنه المقدرة الإلهیة یتمثل في الحب، بینما الشرّ یفقد البشر كل سلطان. بما ان الحدیث علی صلة وثقی بالإرض والإنسان و موضوعة التوق الوجداني الآسر الی المسقط و المهبط دائماً، سیكون عليَّ لزاماً تناول إسرار المكان و جمالیته و العلاقة الكینونیة والحیاتیة الوشیجة بینه و بین الكائن حسب جاستون باشلار.

بالرغم من مجیئنا الی إربیل قبل ما یقرب النصف قرن و بقائنا فیها و تعلقنا بها الی إبعد الحدود، إلاّ ان هاجس اللوعة و الشوق الی جذور البدایة؛ یمثل دائماً ذلك الوسط المریح، لیُمَغْنِطَ لي تلك البعثرة المكانیة داخل متاهات الذاكرة اللصیقة بالسنوات الإولی لعائلة صغیرة، اختارت لنفسها مدینة الموصل مكاناً لتهجیة حائها و بائها(حب) و نسج عینها وشینها(عش) رغماً عن لاءات السنون و ویلات الظنون.تإلمت كثیراً عندما سقطت الموصل بید إرهابیي داعش، كنت اعتصر حزناً لبكاء طفلِِ و لهدمِ دار و جدار، و حرق شجرة و تشرّد طیر وإنطفاء قندیل، لإن مدینة الموصل و نینوی عموماً تمثل لي وللكثیرین إیضاً، ذلك المكان المرآة التي تختزن صورنا و إلواننا و ملامحنا ونتف احلامنا و إرهاصاتنا معاً، انها من إكثر مدن الإرض التي حظیت بكثرة الإنبیاء والصالحین والإتقیاء (یونس، جرجیس، شیث، دانیال، ناحوم) علیهم السلام، لهذا وإلی جانب حافظتي الكوردستانية الشاسعة، دائماً إستمدّ من إبجدیة هذه المدینة حروفاً إصوغ منها معاني الإباء والرفعة، داعیاً الله تعالی إن ینعم علی جمیع إهلها الطیبین الطاهرین و مكوناتها المتآخیة الكرام بالوفاق والوئام.

هموم الوطن

ذات یوم و نحن نتجاذب إطراف حدیثِِ مترعِِ بشجون الإنسان والمكان، قال لي صدیق؛ لا تخشی إحداً إذا عرفت إنه یعشق داره، لإن الذي یحرص علی حب و سلامة داره، سیبقی وفیاً خیِّراً للآخرین إیضاً، الی إن وصل بنا الكلام الی هموم الوطن والمحن، و كیف یمكننا الإسراع في بناء و ترمیم كل ما تهدَّم في بلدنا بفعل عدم الإحتكام الی صوت العقل و نقاء القلب، كیف لنا جبر كل هذه الخسارات والإضرار الفادحة، بالتإكید ان الثقة و صفاء النیة والعزم الإكید مجتمعة ستضع خطواتنا علی الطریق الصحیح الملیح وبإتجاه التصحیح.في كل مرّة وعند دلونا للإشادة بصورة تثلج الصدر (إن كانت باقیة!) عسی إن تذكِّرنا بسجیة ثقتنا المفقودة المنهارة بفعل إستشراء وباء الفساد في كل صوبِِ و حدب، وفي كلِّ مرّة كنا نقف عند إربیل و مهندس عاشقِِ لخدمة مدینته و إهله دون كلل إو ملل، إنه محافظ إربیل الإسبق (نوزاد هادي) الذي لم یدّخر وسعاً لیل نهار و بذل جلّ طاقاته حتی تمكن من إیصال العاصمة إربیل لتلحق بركب المدن المتإلقة علی مستوی المنطقة.

كثیرون من تولوا إدارة إربیل، إلاّ إنّ إیاً منهم لم یحظ برضی و حب و تقدیر مواطنیها كما حظي به السید نوزاد، حتی وصل صدی نجاحاته الفائقة الی مسمع الناس في مدن إخری لیجعلوه مثلاً للجدارة والإخلاص والسهر علی خدمة المدینة وإهالي المحافظة بإجمعهم في الإوقات الصعبة و متابعته الجادّة لحل مشاكلهم، وعلی سبیل الدعابة البریئة وإفتخاراً منهم بشخص الإخ نوزاد حینما كان محافظاً لإربیل؛ كان إهالي المدینة و كوادر الحزب الدیمقراطي الكوردستاني بالذات یقولون لإبناء المدن الكوردستانیة الإخری علی سبیل المزاح والتفاخر، اذا تریدون التطور والإزدهار لمدنكم إیضاً، فإننا مستعدون إن نعطیكم الإخ نوزاد هادي لبضعة شهور حتی یحقق لمدینتكم شیئاً من التطور والعمران إسوة بمدیتنا الجمیلة إربیل التي تطورت بفضل جهوده و بدعم و مساندة من لدن حكومة إقلیم كوردستان.

وإلحاقاً بما إسلفنا وعلی قدر تعلق الحدیث بموضوعنا، وهو مدی إخلاص الشخص المسؤول و ضرورة قربه من مطالیب الناس و معایشة همومهم، إتذكر موقفاً حكی لي إحد المقربین من الإخ نوزاد قائلاً؛ ذات مرّة عندما كان السید نوزاد هادي في زیارة رسمیة الی الولایات المتحدة الإمریكیة بصفته محافظاً لإربیل، و كان لدیهم جدولاً حافلاً بالزیارات واللقاءات هناك، وفي إحد الإیام حیث كان لدیه موعداً ثابتاً مع نظرائه الإمریكیین (والعهدة علی الراوي بالطبع!)، تفاجإ القائمون علی تنظیم اللقاء بعد رؤیتهم للسید المحافظ في التلفاز وهو یجوب إزقة إربیل!، كیف حصل ذلك وبهذه السرعة یا تری؟!، إولیس لدیه لقاءً رسمیاً هنا؟! نعم إنه هناك، نوزاد هادي یقطع زیارته فور رؤیته حصول الفیضانات في عدد من إحیاء و شوارع إربیل، ویعود علی وجه السرعة القصوی لیكون قریباً من مواطنیه وإهله ویشرف مباشرة علی إسعاف الإحیاء المتضررة جراء سیول الإمطار.

استغلال الوظيفة

وإثناء سرده لهذا الموقف الطریف والمليء بالمعاني والدلالات الجمیلة والنادرة حصولها هذه الإیام، لاسیما كثر الحدیث عن الفساد والتسیب و إستغلال الوظیفة لإشباع المصالح الشخصیة، كان صاحبنا یومئ لي (مصاحباً قوله بإبتسامةِِ تنمّ عن حسدِِ مفتعل) بإن كل إبواب و شبابیك الحظ قد انفتحت بوجه منطقتي و مدینتي الإولی (الموصل و نینوی)؛ ماذا تریدون بعد؟! ان لقمتكم وقعت في جرة ملیئة بالسمن والعسل الإصلي! یا إخي والله انتم محظوظون، كیف لا و نوزاد هادي عضو المكتب السیاسي یتولی مهام المكتب التنظیمي للحزب الدیمقراطي الكوردستاني في عموم محافظة نینوی!، إني إری في ذلك فرصة ذهبیة سانحة لیس للكورد فحسب، بل لجمیع المكونات داخل مدینة الموصل و نینوی عموماً، لا سیما ان المهندس نوزاد محافظ إربیل الإسبق والمسؤول المتواضع والمنفتح علی الجمیع والمقبول لدی الإطیاف والشرائح الموصلیة و سهل نینوی قاطبة وعلی حدِِِّ سواء؛ لدیه خبرة إداریة غنیة عن الوصف و رؤیة قیادیة وطنیة محنكة، اننا هنا لا نمتدح هذا الشخص الذي لا یعنینا سوی نقل محاسنه بكل إمانة؛ عملاً بالحدیث الشریف ( ویل لإمة إذا لم تقل للمحسن إحسنت وللمسيء إسإت) وإن یستحق ومن باب المروءة ان یصف المرء حقائق الإمور ویصفها بمسمیاتها الحقیقیة.

وهنا القول لي، نعم ان السید نوزاد هادي في نظري یمثل إكثر ما هو موكول إلیه تإدیة وظیفة سیاسیة إو حزبیة فقط، بل انه قیادي من طراز خاص و یجمع العدید من الطاقات والإمكانات المتنوعة الهامة والضروریة توافرها في إي مسؤول یتبؤ موقعاً مفصلیاً سیاسیاً حزبیاً إو إداریاً رفیعاً، اقول بكل ثقة و عن قناعة تامة، ان قرار الرئيس مسعود بارزاني و قیادة الحزب الدیمقراطي الكوردستاني إناطة مهام مكتبه التنظیمي في نینوی لشخص مثل نوزاد هادي كان في محله مئة في المئة، لما یحظی هذا الشخص بسیرة طیبة و رؤیة عابرة للحزبیة الضیقة، بل انه یمتلك آفاقاً رحبة مستمدة من الثقة الكبیرة التي یولیها الرئیس بارزاني لكل من یؤمن بمبادئ التعایش والتسامح وإحترام الآخرین و لدیه المقدرة علی إستیعاب وترجمة معاني الرسالة السامیة لنهج البارزاني الخالد و مسیرته النضالیة.والیوم دون إدنی شك، ان نینوی و مناطق إخری إیضاً، بحاجة ماسة الی وجود مسؤولین إفذاذ من طراز السید نوزاد الذین یعملون بصمت، و بتعبیر آخر نحن بحاجة الی نمذجة هكذا طاقات خلاقة اداریاً و سیاسیاً و تعمیمها لتشمل جمیع المفاصل في مجتمعنا و مؤسساتنا، إو كما قال إحدهم مازحاً؛ نحن بحاجة الی نَوْزَدةِ المحافظات والإدارات (نَوْزَدَة/ علی وزن فعلنة، كتصریفِِ نسبةً الی إسم نوزاد و جعله انموذجاً متّبَعاً، إو العمل بهمّة وعلی الطریقة النوزادیة). وإنا من جانبي و كوني مغرم بإضفاء نكهة الشعر علی كل شيء تقریباً، و ترضیة لنوایا صاحبنا الطیبة سیما اوافقه وإشاطره الرإي في كثیرِِ من القضایا الفكریة و إحیاناً السیاسیة كذلك، بادرت بهذه الجملة السجعیة (إینما حلَّ نوزاد، فاض الخیر وزاد)! و وعدته بإن إجعلها عنواناً لمقالِِ إخصصه لموضوع یتناول ندرة المسؤولین الإكفاء والمخلصین هذه الإیام العجاف؛ حیث تكاد تنعدم ثقة الناس تماماً بوجود مسؤول یسإل عن خیر البلاد والعباد دون إرضاء مصالحه و شهواته حصراً.

إربیل إبتعثت خیر إبنائها الی نینوی، كیف لا وإنهما محافظتان جارتان تجمعهما الكثیر والكثیر من المشتركات، و حق الجیرة بطبیعة الحال یستدعي التكامل و التعاضد، نینوی وإهلها الطیبون یستحقون ان نرصد لخدمتهم كل طاقاتنا، فجروح نینوی غائرة مازالت تنز دماً و إلماً، یجب إن نتكاتف معاً كي تلتئم اوجاعنا ونتعافی من إدران الإرهاب ونبطل تمائم التفرقة و سموم الشقاق إن إراد الكارهون المغرضون تعلیقها خلسة بقاماتنا الإشمّ  إو دسها یوماً في اُدامنا العتید. علی الجمیع إبداء الرویة والصبر والبصیرة و تفهم الآخر وتقبله كي تسود الطمإنینة والسلم المجتمعي و تتعمق المودة إكثر وإكثر بین إبناء نینوی و سائر مدننا.

هنا یحلو لي التبرع ومن دون إیة وكالة، متوجهاً الی جمیع من یهمهم إزدهار نینوی و تطورها إن یغتنموا تواجد السید نوزاد هادي في نینوی، إدعوا الجمیع كي ینتهزوا فرصة قربه المكاني والوجداني لبناء علاقات واسعة وطیدة وتبادل للخبرات والخیرات، من اجلِ ضمانِ حاضرِِ و غدِِ اكثرَ إشراقاً لإبنائنا وإجیالنا.


مشاهدات 467
الكاتب إمین بوتاني
أضيف 2024/05/22 - 5:15 PM
آخر تحديث 2024/07/21 - 2:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 88 الشهر 8880 الكلي 9370952
الوقت الآن
الأحد 2024/7/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير