صَباحات صيفية
شهد عبد الكريم
الساعة الثامنة و خمسة عشرَ حَرقةً ، أقصدُ دقيقةً !
إنهُ صباحُ صيفيٌ حارِق ..
هرعتُ من بين الدرابين القديمة لألحق بأول حافلةً عمومية لبدءِ مُغامرات الحياة بمزاياها المُختلفة !
أعلمُ أن وصفيَ للأمرِ يبدو مُبالغاً بهِ لكنني أحتفي بهذهِ الأشياء .
تفاجئتُ بأنّ الطريق في الصباحِ هادئ أكثر ممّا يجب وأن الإزعاج الوحيد كان صوت لوحة مفاتيح هاتفي وهي تُطقطق طق طق طَططق طِق ..
نظرت إليّ تلك السيّدة بإحتقار وكإنها تقول : « ما أزل لم أشرب قهوتي وأنتم أصحاب هذا الجيل مُمغنطين بهواتفكُم «
لم أتمكن من كتمِ الصوتَ فإذا بالحافلة تتوقف !
كيفَ أشرحُ لكِ يا خالة بأنني أبغضُ هاتفي أيضاً و أريدُ فقط أن أبَرهن لنفسي أنّني كاتبة ؟ كما أنّ أبي سيغضب جداً إذا حاولَ الوصولَ إليّ و لَم اُجب إتصالاته !
تعبرُ الطريقَ السريع مُستفتحاً بِ ( يا حافظ يا حَفيظ يا الله ) عندها لَن تدهسكَ كُل عجلاتِ المارة .
تُدغدِغُني رائحة الأزهار المَوسمية
و تلسعُ عينيَ ألوانها الصيفية !
يا لهُ من رَبيعٍ بَصري يدومُ لخمسةِ دقائق فقط ..
بينما كانَ الطريقُ مَحفوفاً بالتّوتر و أحاديث نهاية العام الدراسي ، « يمعود لا تضوج تعوض بالفاينل» قالَ الفتى الذي خَطى بجانبي ،
والله يمعود كَم أودُّ إخبارك : ( محد يعوض بالفاينل ) .
ثُم تتدّفق الأغاني الصّاخبة من النَوادي الجامعية صارِخةً ( دمااااار )
من هوَ المجنون الذي سيَستمع لهذا النوع من الألحان فورَ إستيقاضه ؟
تحتضِنُني أشجارُ الطريق بظلّها البارد
و من ثُمّ يلتحفُ قلبي بدفءِ لقاءات الأصدقاء الصّباحية المليئةِ بالطاقة ..
و ها أنا ذا ، حيثُ يجب أن أكون .