فيلم جدارية المطر.. إيمان خضير تصنع من الرعب ذاكرة للمفارقات المدهشة
عادل سعد
أن يتنازع القلق واليقين في فلمٍ ما ، ويتصدر الوضوح متسللاً رغم العتمة المطبقة ، يظل العمل السينمائي تحت طائلة عدد من المفازات السياسية المشبعة بالضغط النفسي ،بل والوجودي ايضا . هذا ما اشتغلت عليه المخرجة ايمان خضير في فلمها،( جدارية المطر)المدعوم من مؤسسة السجناء السياسيين .
السؤال ، هل نجحت إيمان في هذا الانجاز ، لنستطلع منصات فنية غاية في الحذر استخدمتها ، فمن خلالها نتبين النتيجة
•المنصة الاساسية ، غوغائية ،(بصمة القائد) في السعي على أجبار الملايين على استطعام صوره في اي مكان انت فيه حتى باتت هي الصدمة اليومية للعراقيين ، واذا كان دستوفسكي يقول لا فضيلة لجائع ،ارى ان المخرجة استخدمت المزيد من السيماء للدلالة على جوع للحرية تأصل في المواطن العراقي فيقوده ذلك الى الاختلاطات ، وتلك هي الدالة المفزعة الاشد تنكيلا.
•الفلم استند على رواية واقعية لفنان تشكيلي عراقي يجد كل وجوده تحت أملاءات ان يتصدر المشهد لرسم المزيد من جداريات (القائد الضرورة ) ، القائد وهو يبتسم ، وهو يدعو الاطفال للغناء والرقص بيوم ميلاده ، وهو المفكر الذي لا يشق له غبار في حل معضلات البلاد ، وهو الجنرال العسكري الذي تزين اكتافه رتبة المهيب ، وهو الذي يضخ للجميع ،كيف تدار المعارك على أختلاف انواعها وما على الجميع الا هضمها لتجر على البلاد الخراب تلو الخراب ضمن (الضرورة) نفسها.
• في احدى اللوحات ، أهمل الفنان تلوين ألاذن فيقاد الى السجن ويعيش هناك عذابات غير مسبوقة ، المفارقة المرة ، إن مدير السجن يطلب منه ان يرسم جدارية ( للقائد) فيرسم اولاً عذابات السجناء ويرسم فوقها صورة (الرئيس) ولكن بالاصباغ المائية ويخلّص الفنان نفسه بالهروب الى خارج البلاد، وحين تتصدر الجدارية الفضاء ويسقط المطر عليها ، تزاح الألوان المائية ليتبين بعدها الواقع العراقي المفزع. •بذكاء صانع محترف ،استخدمت ايمان خضير الرمز الاكشن لكي تبتعد عن الحشو الصوري الزائد الذي يقع فيه مخرجون آخرون فيسبب الملل ان لم اقل التثاؤب.
•أيمان نجحت ،ولكن في الاطار الوقائعي ، وتفوقت في اختيار مساقط الضوء والظل لتحسين مجسات الدراما ضمن ايقاعات بانتومايم (صامته) مع قران بالوثيقة الميدانية للتعسف الإرهابي الرسمي المفجع الذي ضرب البلاد تحت مخدر ( القائد الضرورة) وأضاع عليها فرصة استنشاق الراحة
•نجحت المخرجة في ترتيب اولويات للاستغاثة بينما كانت الاسواط تشق طريقها الى الاجساد لتدوين متواليات الظلم.. وتفوق الممثل سلوان عدنان إلى حد بعيد في التأسيس للمشهد المؤثر بأعتبـــارات اخراجية ارادتهـا إيمان، فهـــــــــــي صاحبة اجتهـــاد يرى السينما جهداً تشكيلياً ينبغي ان يتدارك كل الحفات.
•لقد صنعت ايمان خضيرجداريـــــة للمطر باستحقاق اختصر مسافات فزع وفرح كان ينتظر بدون اي ملل، وتلك من سمات النجاح الذي تستحقه.
•للمعلومات ، ايمان خضير اخرجت ثمانية افلام تمثل علامات مضيئة في السينما العراقية ولها خبرة علمية اكاديمية وازنة ، إذ نالت الماجستير في الاخراج من أحدى الجامعات اللبنانية، والان طالبـة دكتـــــوراه بـــــــــــــذات الاختصاص بجـــــــــامعة محمد الخامــــــــس في المغـــرب وأنجــــــــــزت العديد مـــــن المســـــــاهمات البحثيــــــــــــــة والإخراجيـــــــة للمســـــــــــــــرح والتلفزيون.