فاتح عبد السلام
السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي ظلّ منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر متمسكا برأيه في انّ الحل لمد يد المساعدة لأهالي غزة يكون من خلال قوافل مساعدات دولية وعربية تتحدى القيد الإسرائيلي تحت انظار العالم كله. هناك جانب مغامراتي كبير في انطلاق قوافل تحمل الأغذية والادوية من دون موافقة إسرائيل أولا فهي المعنية بسلامة القوافل او تدميرها، وقد حدثت انفراجات قليلة في السماح بوصول مساعدات عن طريق المعابر البرية والميناء الموقت الذي أقامه الامريكان، وإنزال بالمظلات الغدائية وهذا كله لا يكفي كما قال ملك الأردن قبل أيام.
كل شيء رهن بالصفقة التي انهارت مفاوضاتها في الدوحة والقاهرة.
اليوم يعاد ضخ عنوان “اسطول الحرية” التركي للإبحار نحو ميناء غزة، في تكرار لما حصل عام 2010، حين أبحر «أسطول الحرية» بثماني سفن شحن وعلى متنه 700 راكب ومساعدات إنسانية ومواد بناء من أنطاليا في محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة وإمداد السكان بحاجاتهم.
لكن حدثت بعد تسعة أيام من ابحاره عملية عسكرية إسرائيلية، اذ صعد الجنود على متن إحدى السفن «مافي مرمرة» وانتهت العملية بمقتل عشرة أشخاص وإصابة 28 من الناشطين وعشرة في الجانب الإسرائيلي. وانتكست العلاقات التركية الإسرائيلية بعد ذلك بشكل حاد، ولم تعد الى مجاريها إلا قبل سنتين. وفي هذا التوقيت هناك أجواء سلبية بين تركيا وإسرائيل ، ورفضت تل ابيب قيام الطائرات التركية بإنزال الأغذية بالمظلات لأهالي غزة، وردّت تركيا بإجراءات اقتصادية عقابية جزئية ضد إسرائيل، وفي هذه الأجواء يريد “ اسطول الحرية» تكرار التجربة في نقل خمسة الاف طن من الأغذية والمياه عبر ثلاث سفن لا يوجد أي ضمان في أن يكون مصيرها افضل مما حدث للسفن السابقة قبل سنوات، بالرغم من ان المعطيات العامة تقول انَّ إسرائيل لا تريد ان تغامر بقطع جديد للعلاقات المهمة مع تركيا، لكن ذلك ليس أمراً مفروغاً منه ، فإسرائيل تمارس السياسة عبر القوة العسكرية وقوانين الحرب التي لم يعد فيها أي قانون أصلاً، لذلك لا يمكن أن تكون هناك ضمانات لأسطول الحرية في رحلته الثانية، لكن دلالات هذه المرة في الاعلام العالمي ستكون مختلفة حتما، بعد ان فقدت غزة أربعة وثلاثين ألف انسان معظمهم من الأطفال والنساء، واضطرت دول حليفة لإسرائيل للتصريح علنا في ان ما يحدث في غزة فاق كل الحدود.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية