فاتح عبد السلام
خطوة في الطريق الصحيح أن يكشف بيان رسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية عن القبض على شبكة ابتزاز للضباط والمنتسبين للقوات العراقية قامت بالإساءة لرموز المؤسسة العسكرية.
لا يمكن ان تنتهي الحكاية عند هذا البيان في العراق، والتساؤل الأول هو : من اين جاء هذا البيان، أي ما المخاض العسير والكبير الذي مرت به أوضاع معينة في المؤسسة العسكرية لينفجر «صمام صبر” القائد العام ويعلن ذلك البيان الذي فتح أبواب التوقعات والتكهنات والاتهامات، كما اشاع أجواء التسريبات من مصادر داخل المؤسسة العسكرية ايضاً.
ما هي الجهة التي ترى نفسها أكبر من الجيش العراقي او الأجهزة العسكرية الكبيرة الأخرى لكي تستهين به وتسيء الى رموزه عبر الابتزاز. مَن يجرؤ على ذلك في البلد؟ هذه أولى الاسئلة التي انتشرت كالنار في الهشيم بعد اعلان بيان القائد العام.
لذلك لا يمكن ان يكون البيان علاجاً لطمأنة الناس الا اذا كان اكثر وضوحاً ومعبراً عن تحديد أسماء ورتب معينة تورطت في هذا الانزلاق العظيم الذي وضع سمعة أعرق جيوش العرب في موضع سيء.
لنكن واضحين، فقد تعرض الجيش العراقي الى اساءات وتجاوزات كثيرة في السنوات العشرة الأخيرة، منها صدر عن مليشيات يسميها زعيم التيار الصدري بالقذرة، ومنها صادر عن منتسبين صعدوا في لمح البصر وفي غفلة من الزمن الى رتب عالية ولم يستوعبوا ماهم فيه وبقي سلوكهم الاجتماعي غير منضبط وغير مسؤول، وفي ذلك إساءة مباشرة، لاسيما عندما تكون ميادين الصولة لأولئك الأشخاص في حدود مواقع التواصل الاجتماعي ليس اكثر من ذلك .
كما اساءت النزاعات العشائرية بالأسلحة المتوسطة والقنابل الى الجيش العراقي حينما تجاوزت عليه كقوات حامية للبلد وجرته مراراً الى قتالاتهم المشبوهة والمتخلفة.
واليوم تأتي “شبكة الابتزاز” الغامضة، والعراقيون يريدون ان يروا الشبكة لكي لا تذهب الظنون بهم الى اتهام منتسبين او عناصر من خارج دائرة الشبهة ساقتهم المكائد والاحابيل السياسية عبر الشائعات المدروسة الى تلك الدائرة لأسباب شخصية وحزبية ووظيفية، وربما للتشويش من اجل طمس الأدلة ضد المجرمين الحقيقيين.
في النهاية، لا تخرج مفردة الابتزاز في سياق معناها الاصطلاحي المتداول بين الناس عن نطاق المال والجنس وتلويث السمعة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية