الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إصدار جديد للعلامة حسين الصدر.. قراءة في (وللحروفِ ثمار)

بواسطة azzaman

إصدار جديد للعلامة حسين الصدر.. قراءة في (وللحروفِ ثمار)

محسن حسن الموسوي

 

الكتاب: وللحروفِ ثمارٌ

تأليف : سماحة العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله

الناشر:  الكاظمية للتأليف والتحقيق والنشر

الطبعة: الأولى/ ١٤٤٥هج_ ٢٠٢٤م

عدد الصفحات: ١٦٧ صفحة

مُتْعٓةُ القراءةِ !

هكذا ابدأ بقراءة الكُتب .

ففي الدنيا مُتعٌ كثيرةٌ ، تتجاوز العدّ ، وتختلف مشارب الإنسان في ما يحب ، وفيما لا يحبّ .

وفي زماننا هذا كثُرتْ فيه وسائل الاغراءات والمُتع المتعددة ، بين وسائل الإتصال العجيبة ، وبين السفر ، وبين الأكل والشرب ، وبين انتقاء الملابس الأنيقة ، وغيرها من مُتع الإنسان ، ومنها متعة القراءةِ ، التي أنا أنتمي إليها ، واعشقها ، وأسأل الله أن يديم هذه المتعة إلى آخر رحلة حياتي!

ولقد أوصى الله سبحانه بالقراءة ، منذ الكلمات الأولى التي نزلت على قلب رسول ،  الله صلى الله عليه وآله وسلّم ،

( إقرأ باسم ربك الذي خلق) .

وكما تُنتقى الأشياء التي يحبّها الإنسان وتكون مصدراً لسعادته وتمتّعه ، كذلك فأنا انتقى كتابات العلماء الكبار ، والأدباء ذوي الإبداع والإلهام ،  للقراءة والتمتع بثمار عقولهم ،  وإبداع ما خطّتهُ أناملهم ، وما جادت به عقولهم وعلومهم وأدبهم وفكرهم.

ولسيدنا الحجة العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله ، منزلة كبيرة من اهتمامي بكتاباته ومؤلفاته ، وقد لايفوتني منها شيء ، وأنا أتابع كتاباته وكُتبه ، منذ سنوات ، وأنا أعيش معها كما يعيش التلميذ في مدرسته.

نبض الشارع

كتابات سماحة الصدر ، حفظه الله ،نسيج وحْده ، وهو ذو أسلوب محبّب للنفس ، يضع الشيء موضعه ، ويتجاوب مع نبض الشرع والشارع ، فيكتب عن شؤون الدين والدنيا ، وينهج منهجاً حكيماً في إختيار موضوعاته ، بكل صدق وأمانة وموضوعية ، وتلك بعض خصائص كتاباته المميّزة.

ولعل موسوعته الباذخة الجمال والمتعة ( موسوعة العراق الجديد) هي خير شاهد على ذلك ، والتي ستكون أفضل شاهد على العصر الذي نعيشه ، وصورة صادقة للأجيال القادمة ، وفيها يقول سيدنا الصدر ، حفظه الله:

( وموسوعة العراق الجديد معْنِيّةٌ بتقديم حزمة من الأفكار والرؤى لإصلاح الخلل الراهن ، وتصعيد الوعي السياسي والمنسوب الأخلاقي والثقافي والأدبي وإذكاء الحسّ الوطني بعد أن كثرتْ الشكوى من تقصيرات السلطويين المتراكمة)

ولسيدنا الصدر ، حفظه الله ، بيتان من الشعر ، يبدأ بهما كتاباته دائماً :

أنا للإصلاح والتنوير أسعى

لمْ أُطِقْ حجْباً لأفكاري ومنعا

قلمي عقلي ، وحرفي مهجتي

وعساني بهما أُحسِنُ صُنْعا

وبين يديّ الجزء الرابع والتسعون وقد ضمّ ( ٣٧) مقالة متنوعة الموضوعات ، وأنت تقرأ تتمنى أن لاينتهي الكتاب ، من روعة وتنوع ما تقرأ من تنبيهات ، ومعلومات ، وتحذيرات ، وتفريعات في الأفكار والرؤى ، قديماً وحديثاً ، وما في المجتمع الذي نعيشه من منغصات وسعادات ، وطرح أفكار لبناء الإنسان الجديد ، بلغة أنيقة ، وبعيدة عن التقعير والتنفير ، فهو ذو طابع في الكتابة من ذوي السهل الممتنع.

ويأتي القرآن الكريم في مقدمة اهتمامات سيدنا الصدر ، حفظه الله ، والطريق الصحيح لفهمه ، وأن فهمه الوافي والشافي الصحيح عند أهل البيت عليهم السلام ، ويضرب لذلك مثلاً ، الآية الكريمة : ( قُلِ اللهم مالك المُلْكِ تُؤتي المُلك منْ تشاءُ وتنزعُ الملك ممّن تشاءُ ) .

( فالجبابرة من حكّام المسلمين اعتبروا تسلطهم على رقاب الناس مُلْكاً آتاهم الله به ، وهم يستندون إلى هذه الآية للتدليل على شرعية حكمهم..!   وينقل عن الإمام الصادق عليه السلام توضيح الآية الكريمة: ( بمنزلة الرجل يكون له الثوب ويأخذه الآخر فليس هو للذي أخذه) .

ثمّ يقول الصدر ، حفظه الله:

( نعم اغتصاب السلطة لايختلف عن عمليات الاغتصاب المعروفة عند الناس ، وهكذا جاء الردّ حاسماً بليغاً طارداً ما طرح من تفسيرات شوهاء ومحاولات بائسة لطمس الحقائق) .

ويتحدّث الصدر ، حفظه الله ، عن العقل ، وهو أساس التكليف الشرعي والعُرفي للإنسان ، وهناك من يجعل عقله في سبات ، فيكون جاهلاً رغماً عنه .

( والعقل هو الجوهرة الثمينة التي أنعم الله بها على الإنسان ، وبه يستطيع التمييز بين الخير والشر وبين الحق والباطل وبه يهتدي إلى الصواب).

وينقل سيدنا الصدر ، حفظه الله ، من كلمات أمير المؤمنين علي عليه السلام عن العاقل:

( أن العاقل منْ يعتمد على عملهِ  ، والجاهل منْ يعتمدُ على أملِهِ )

( العاقل من اتعظ بسواه ، والجاهل منْ انخدع بهواه) .

ويعقّب سيدنا الصدر ، حفظه الله ، بعد ذلك : ( إنّ استيعاب الحقائق ، وأخذ العبرة والعظة مما يلقاه اللاهثون وراء المناصب والمغانم والمكاسب الدنيوية ، يجعل العاقل في حصن حصين من الوقوع في الفخ وإلقاء الحبل على الغارب..) .

وهذا الإنسان ، ذو النوازع المختلفة ، يقع أحياناً في الخطأ ، ويقترف الذنب ، فهل له ثمة شفاعة ؟

شهوات دافعة

يقول الصدر ، حفظه الله :

( إننا نقرّ ونعترف بالتقصير ، وباجتراح الذنوب ، ولكننا لا نصرّ عليها بل نسارع إلى الاستغفار والتوبة منها نادمين  ،كما أننا لسنا كالملائكة الذين ليست لديهم الشهوات الدافعة للوقوع في المطبات والمعاصي.)

وينقل الدعاء المأثورة:

( اللهم إني اعتذر إليك من جهلي ،واستوهبك سوء فعلي ، فاضممني إلى كنف رحمتك تطولاً  واسترني بستر عافيتك تفضلاً ) .

ويتساءل سيدنا الصدر ، حفظه الله ، عن الدموع : أهي منقبة أم مثلبة ؟

وهل نستغرب لو شاهدنا رجلاً كبيراً والدموع تساقط من عينيه ؟

إن حضارتنا الإسلامية لها رأي في الدموع ، خصوصاً الدموع على مظلومية ومصائب أهل البيت عليهم السلام :

( البكاء على ما حلّ بأهل البيت عليهم السلام من مصائب يرقى إلى مستوى العبادة ، ذلك أنه يكشف عن حبّ عميق لهم من جانب ، وتأثر كبير لِما مورس بحقهم من ظلم واعتساف.

فالدمعة هنا رفضٌ للظلم ، ولكل ما اقترفه الظالمون ، وهذا هو المعنى السياسي للدموع.

وإذا كانت المصائب التي حلّت بأهل البيت عليهم السلام لا تُثير الأشجان والأحزان وتستدر الدموع ؟ فما الذي يشجي ويبكي إذن ؟ ) .

ويعالج سيدنا الصدر ، حفظه الله ، أخطر مشاكل المجتمع الذي نعيشه ، وهي ظاهرة ( عبادة المال) حيث يكون كنز المال هو الصنم الذي يُعبد ، حتى ولو عن طريق ( المخدِّرات ) أو التسوّل وإذلال النفس ، أو الاختلاس من المال العام.

وينقل الصدر ، حفظه الله ، خبر تلك المرأة المتسولة ( التي تسكن في إحدى العشوائيات ، ماتت فانكشف أنها كانت تضع الأوراق النقدية في أكياس وتكدسها ، وقد بلغ ما كدسته من تلك الأموال نصف مليار دينار! ) .

وفي هذا الحزء من الموسوعة ، كما في باقي الأجزاء ، يتابع سيدنا الصدر ، حفظه الله ، مشكلات المجتمع من جوانبه المختلفة ، ويضع التنبيهات التي ترشد إلى الطريق المستقيم ، لكي لايصيب المجتمع الانكسارات الروحية والأخلاقية والعقائدية ، وتلك مهمة يقوم بها ، ويجعلها من تكليفه الشرعي والوطني والإنساني.

حفظ الله سيدنا الحبيب الحجة الصدر ، وبارك الله فيه وله وعليه.

 

 


مشاهدات 363
الكاتب محسن حسن الموسوي
أضيف 2024/03/15 - 11:18 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 6:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير